شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأصل في الإهداء
إهداء الكتب من التقاليد الأدبية التي تبدو روتينية في سهولتها. بيد أنها في الواقع كثيراً ما تضع المؤلف في محنة، إنها الفرصة التي يعبّر فيها عن مشاعره تجاه المهدى إليه. ما الذي يقوله دون إن يسـرف أو يكذب أو يسيء أو يقصر؟ سألني بيتر هوبكنس، مدير دار نشر كيفن بول البريطانية أن أكتب إهداء لروايتي "أقاصيص من بغداد"، فأسقط في يدي والتمست منه وقتاً للتفكير، لم يستلم الإهداء مني إلاّ بعد أشهر ربما استغرقت في كتابة الإهداء أكثر مما استغرقت في كتابة الرواية!
يظهر أن د. يوسف عزّ الدين تفادى هذه المحنة فأهدى نسخة من كتابه "أشعار المحبين" إلى صديقه عبد الهادي الفكيكي بدون أي إهداء، فأثار هذا استياء الرجل، فبعث إليّ برسالة بثّ فيها شكواه، وقال:
"اعتاد أستاذنا الدكتور يوسف عز الدين حفظه الله، إرسال نتاجاته إلى محبيه، غير موشحة بتوقيعـه أو بأي عبارة إهداء، كما اعتاد المؤلّفون. وكان آخر ما حمله إلينا شقيقه الأخ الأديب عبد الرزاق السامرائي من شعر "أبي أسل" همزيّته الرائعة "ليس يدري مصيره". لكنها –كما عوّدنا- وصلتنا بدون إهداء".
الحقيقة يا عزيزي الأخ الفكيكي، أن النسخة التي وصلتني من صديقنا "أبي أسل من كتاب "أشعار المحبين" وصلتني وهي تحمل إهداءه وتوقيعه، أقول ذلك لأزيد من غيظك عليه! وأنا مستعد لإرسال نسخة مصوّرة بالفاكس ومصدقة من كاتب العدل اثباتا لما أقول، فما أنا بمسعر فتنة بدون حجّة.
وقد أثار هذا الإغفال من جانب الدكتور يوسف عزّ الدين حفيظة صديقه، فبعث إليه بقصيدة عتابية أقتطف منها هذه الأبيات:
عزيزي أصبـح الإهـداء عرفـاً
إذا أهدى "مؤلّفه" الكتابا
ولكني رأيتك لا تبالي
لذاك، جاء تقريضي عتابا
فلو وشحته بجميل خطِّ
حلا فيه يراعكمُ وطابا
وإهداء، لأصبح خـير ذكـرى
وفي "شعر المحبين" الربابا
يغنيكم عليها كل خلّ
قصائدَ في نتاجكُم رطابا
فتجلوها عرائـس مـن قريـض
مشنبة مراشفها عذابا
مراشفها كـؤوس مـن رحيـق
يطيب –أخي – للصادي شرابا
بليل صار كـأس العمـر فيـه
لنا سمّاً يمزقنا وصابا
ويمضي الشاعر فيقف على أبواب المأساة العامة التي تحزّ في نفسه، فلا يجد غير مناجاة الصديق ملاذاً منها، فيخاطب ذلك الصديق ويقول:
فقد أضحى الذي سرنـا عليـه
وما كنّا فديناه... سرابا
وأمست وحدة العرب انقسامـاً
وأضغاثاُ وأقوالاً كذابا
كأنا قد سرينا نحو روض
فألفينا جنائنه يبابا
لذا عاث اليهـود كمـا أرداوا
وطأطـأت الرؤوس لـهم رقابا
"أبا أسـل" فديتـك لا تلمـني
إذا عدّيت في قولي الخطابا
فلون الهمّ يأكلني كنارٍ
تزيد تسعّر القلب التهابا
ويعود الشاعر إلى ما بدأ به من عتاب:
أعود أقول: لو وشحت ما قـد
أتانا من نتاجكمُ وطابا
بإهداء، لكان – أُخيّ – ذكرى
تقرب مـن نـأى عنّـا اغترابا
تذكرنا، ورُبَّ جميل ذكرى
تعمق في "المحبين" الحبابا
فلو وقّعت مـا أرسلـت يزهـو
بإهداء، لما سقتُ العتابا
يظهر أن الأخ الفكيكي أوجس وقيعة وشغباً في إشارتي إلى استلامي نسخة من ذلك الكتاب مهداة باسمي وبتوقيع المؤلف. فعاد وأعاد الكرة بأبيات عتابية جديدة حيث قال:
لا لن تغضـني يـا "مشاغـبْ"
إني عن "الأعداء" راغبْ
إن كنت تشهـد كاتبـاً بالعـ
ـدل، إني مشهد عشرين كاتب
أو كنت تحسـب أنني غضبـ
ـان، إني لست غاضب
لكنني أستغرب "الإهداء"
يكتبـه لصاحـب دون صاحب!
ولذاك إني عاتب حقاً
ومن يهوى يعاتب
أأخيّ "خالد" لا تحكم
كاتبـاً بالعـدل إني لست كاذب
لا عدل في هذا الزمان
العدل عند الحَكَم غائب
أشهد عليه شفيقه "رزاق فهو كذلك عاتب
السر يا خالد إذن الخـوف من عين "المراقب"
ولذاك لا إهداء يكتبه أبو أسل المبجّل يا مشاغب
أأخيّ لا تزعل ففي وصـفي لكم هذا... مداعب
 
طباعة

تعليق

 القراءات :418  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 55 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.