شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > سلسلة الاثنينية > الجزء الحادي والعشرون (سلسلة الاثنينية) > حفل تكريم معالي الدكتور نور الدين صمود (اثنينية - 273) > كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه يلقيها نيابة عنه الأستاذ حسين عاتق الغريبي.
 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه يلقيها
نيابة عنه الأستاذ حسين عاتق الغريبي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبي الخيرات سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وصحابته أجمعين.
الأخوات والأخوة.. الأستاذات والأساتذة الأكارم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن أرحب بكم في هذه الأمسية التي تزدهي بأحد أعلام الأدب والشعر في تونس الخضراء، الذي قدم منها خصيصاً لتشرفوا به في هذا اللقاء، وباسمكم جميعاً أتوجه بالشكر والتقدير والترحيب لضيفنا الكريم معالي الدكتور نور الدين صمود، الذي تفضل بتلبية دعوة الاثنينية وتشريفها بتكريمه والاحتفاء به وبمسيرته العطرة في دنيا الكلمة.
في البدء.. أقول ويعتصرني الألم بأننا في الوقت الذي نسعد فيه بالمساهمة في البناء الحضاري، وتكريس الوجه المشرق لمنجزنا الثقافي تأبى بعض الأيدي الآثمة إلا أن تحمل معاول الهدم في محاولات يائسة لوقف مسيرة الخير والنماء، سالكة سبيل الإرهاب والعنف والتطرف لتحقيق مآربها المشبوهة، إلا أن الوطن أكبر من كيدهم بولاة أمره، وشموخه، وعزته، وولاء أبنائه شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً، وبهذا النسيج المتماسك فإن الفئة الضالة لن تجد موطئ قدم بمشيئة الله لكي تعيث في الأرض فساداً، رحم الله شهداء الواجب الذين قضوا نحبهم في العمل الإرهابي الذي شهدته الرياض وجدة مؤخراً، فالجميع جنود لخدمة هذا الكيان الحبيب، كل في موقعه وتخصصه، ونبض الحياة لن يتوقف قط بإذن الله، نسأل الله لهم الرحمة والجنان، وأن يحفظ هذه الأرض مواطناً ومسؤولاً ليؤدوا دورهم الذي أنيط بهم خدمة لعباد الرحمن الذين يسيرون في هذه الأرض هوناً، والذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.
الأخوة الأحبة:
لضيفنا الكبير وشائج صداقة ومحبة وإخاء مع كثير من رجالات الثقافة والأدب والفكر في بلادنا الحبيبة، فقد عرف الترحال منذ مراحل طلب العلم، وأصبح خصلة أحسب أنه قبلها بارتياح، لأنها تماهت مع ميوله الشخصية، فهو ذو شخصية منفتحة بطبيعتها نحو الآخر، وقد تواصل مع هذا المنتدى منذ وقت طويل في أكثر من مناسبة، وكانت له مداخلات وقرأ بعض قصائده المميزة على نخبة من رواد "الاثنينية" أثناء حفل تكريم شاعرنا الكبير الأستاذ محمود عارف -رحمه الله- وذلك بتاريخ 21/6/1403هـ، الموافق 4/4/1983م، وهي كما تعلمون السنة الأولى لانطلاقة هذا المنتدى.
وإذ نسعد بتكريمه هذه الأمسية، فإنما نفتح صفحة جديدة في دفتر هذه العلاقات الوطيدة التي ظلت نشطة رغم بُعد الشقة، والشواغل الجمة التي تستأثر بجل أوقاته، فهو أديب مطبوع، مفتون باللغة العربية، مولع بالشعر، مبدع في كثير من أغراضه، حتى إنه غامر بدخول عالم الطفل ليخاطب وجدانه شعراً، وعندما أقول (غامر) فإنني لا أضع الكلمة جزافاً، فقد وصف نفسه بهذه الصفة في قصيدته الموسومة (الطفل الخالد) حفياً بالطفولة، متلفعاً بالثورة، ناشداً الحرية مع الفراشات وبين الحقول، وقد بدأ بهذا بنيان الصلة من مرحلتها الأولى.
ولشاعرنا الكبير صولات وجولات في عالم الشعر والنثر، وله رؤاه التي قد نختلف أو نتفق معه بشأنها ولكننا نحترمها؛ لأنها من عالِم سبر غور الكلمة، وتعامل مع مختلف التيارات الأدبية، ونظم الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وتلاقحت أفكاره مع كثير من رواد الأدب والصحافة والفكر في مختلف الدول العربية، وغيرها من الدول الشرقية والغربية، بالإضافة إلى مشاركاته التي شملت العمق الإفريقي، فهو بحمد الله شعلة نشاط ثقافي وأكاديمي لا يهدأ، ولم يبخل عليها بهذه الزيارة التي نعتز بها رغم عودته مباشرة من رحلتين متتاليتين لكل من البرازيل والسنغال، لم يفصل بينها سوى أيام قلائل، وليس ذلك بغريب عليه لأنه من أولي العزم، ويكفيه فخراً في زمن قلَّ فيه رواد العزيمة....
وفي سياق هذه الإرادة التي لا تلين يحق لنا أن نهنئ ضيفنا الكريم بإنجازه النادر في مجال الإسهام بجهد مقدر بمناسبة السنة الوطنية للكتاب 2003م، حيث اضطلع بمفرده بتأليف ونشر ستة دواوين متتالية، أي بمعدل ديوان كل شهرين، وهو عمل يستحق الإشادة والتقدير بكل المقاييس، وقد تعجز عن النهوض به بعض الجهات ذات الميزانيات، والمكاتب، والموظفين، إنها الإرادة الصلبة، والتصميم على العطاء المميز، والاهتمام بكل ما من شأنه أن يخدم لغتنا الجميلة، فالباب الذي يُطرق لا بد أن يفتح.
كسائر بلاد القارة السمراء كما تعلمون كانت تونس ترزح تحت نير الاحتلال حتى أواسط القرن الميلادي الماضي، وفي ظل تلك الظروف القاسية عاش الفتى نور الدين صمود شطراً من شبابه إلى أن تنفست بلاده نسمات الحرية من الاستعمار الفرنسي عام 1956م، إلا أنها ورثت تركة مثقلة باللغة الفرنسية في كافة أوجه المعاملات الرسمية والتجارية والثقافية، وفي هذه البيئة المشبعة بسطوة اللغة الدخيلة، نشأ ضيفنا الكبير معتزاً بلغة آبائه وأجداده، ولم يغترب ثقافياً (بمعنى التوجه نحو الغرب) في وقت كانت اللغة العربية مهيضة الجناح، وبالتالي فإن العلوم المتعلقة بها كانت تشكل الحلقة الأضعف في مسيرة التعليم، والعمل ومستقبل الشباب، ورغم تلك التعقيدات سار ضيف أمسيتنا نحو متنفسه الطبيعي فتعلم، وقرأ الكثير وجاس بين مجالس العلماء ورياض الأدباء والشعراء في مصر ولبنان، منارتي العربية في تلك الفترة، إلى أن حقق مبتغاه ووجد نفسه في إهابه الذي نعرفه اليوم.
ولعله من الطبيعي أن يجد ضيفنا الكبير ميلاً فطرياً نحو الموسيقى، فكان له باع طويل في الموشحات الأندلسية، والكلمات ذات الجرس الموسيقي، فلم يتردد في إبداع مئات القصائد التي تهافت عليها الملحنون والمغنون في تونس، فشقت طريقها دون عناء نحو الإذاعة والتلفزيون، لا سيما أن أستاذنا له مساهمات عديدة في هذين الجهازين المؤثرين، وله إطلالته التي يترقبها كثير من محبي أدبه وشعره من خلالهما، فأسهم بذلك في إثراء الذوق العام التونسي والعربي، وحرك المشاعر التي تهفو إلى الفن الرفيع، والأصالة المتجذرة في وجدان كل إنسان يتمتع بحس سوي وفطرة سليمة.
إن مسيرة أستاذنا الكريم بما تضمنته من ذكريات ما قبل الاستقلال، ونشاط ملحوظ وتحولات جذرية في عهد الحكم الوطني وانطلاقته في ميدان التعليم العام والجامعي، وعلاقاته بالوسط الفني ومساهماته الإذاعية والتلفازية، ورحلاته العديدة إلى مختلف أنحاء العالم واحتكاكه بكثير من الشعوب، ورهافة حسه كشاعر مبدع، وتدفق بيانه السردي.. كل هذه المنظومة المتشعبة التي تتجسد في شخص ضيفنا الكريم تجعلني أنظر إليه ككاتب من طبقة خاصة لمشروع رواية تعتمل في داخله إلا أنها لم تكتمل بعد، قد يخطها بنفسه، أو يتناولها كاتب آخر ليسكب من خلالها خلاصة تجاربه الثرية، وأفكاره النيرة، ومشاهداته وأسرار لقاءاته مع كبار الأدباء الذين عاصرهم، آخذين في الاعتبار أن ضيفنا الكريم يتمتع بروح الفكاهة والمرح وسرعة البديهة، مما يكسب قلمه طلاوة وحلاوة، فكما أن الجالس إليه لا يمل سماعه، فإنني أثق بأن قارئ ترجمة حياته سيجد بين طياتها الكثير المثير والمفيد.
وكم كان كريماً دائماً بتواصله بشخصي الضعيف لا يكل ولا يمل برسائله الثرية بتصويب كثير من المواقف لغوياً وأدبياً، عبارة ونقداً فأمتعني عبر هذه المسيرة الطويلة من صداقتنا التي هي محل إعزاز واعتزاز بالغ مثَّلت في مجملها طرحاً أدبياً مما يسمى أدب الرسائل الذي أنا به مولع، والذي أحرص عليه مع من يسعدني بهذا التوجه، وهذا مما يجعلني أشير أن هذا الباب مع قلة من لا يزال يسعى به ومعه وله بأنهم يحافظون على البقية الباقية كُسر فيه القلم مع الأسف وهيض جناحه وجف قرطاسه ولكن لا تزال إرهاصاته تعيش نتاجها الذي يحمد فيُشكر.
ولنا أن نقدم العذر لضيفنا إذ لو كان التكريم يتم وفقاً لآليات الأولويات لكان صاحبه قبل كثيرين غيره، ولكنها الظروف التي تقودنا وتسيرنا، ولا نقودها ولا نستطيع أن نسيرها، رغم كل الجهود التي تبذل والآمال التي نعلقها على الرغبة والإرادة، يبقى دائماً الخير فيما اختاره الله عز وجل.
مُرحِّباً بضيفنا الكبير في حله وترحاله، سعداء بتشريفه هذه الأمسية التي طالما تُقنا إليها، فما قصُرَت منا الخُطى، وما هان عليه اللقاء، إلا أنها أمنية تأجلت أكثر من مرة بسبب ازدحام برنامج معاليه، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به بين أهله ومحبيه، متمنياً لكم أمسية ماتعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: في القائمة عدد من الكلمات التي سيشارك بها عدد من الأخوة وعقب كلمة ضيف هذه الاثنينية سنُتيح الفرصة للسيدات والسادة بتوجيه أسئلتهم، ونرجو أن توافونا بها مكتوبة.
الآن الكلمة لمعالي الأستاذ عباس فائق غزاوي الذي يرعى احتفالنا بضيف اثنينية هذه الليلة.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :934  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 170 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.