شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة المربي الأستاذ
عبد الرحمن بن محمد السدحان ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد أيها الأخوة والأبناء أقدم لكم في هذه الأمسية المباركة أستاذي وصديقي وابن بلدتي "شقراء"، أقدم لكم سعادة الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الله آل عبد الكريم، مع أنه معروف ومشهور عند الأدباء والمفكرين، إنه أكبر مِنْ أن أقدمه أو أعرّفَه وإنما هي تحية ود أحيي بها هذا الأديب الكبير والشاعر الفحل الذي نظم وينظم الشعر العربي المقفى، كما ينظم الشعر العامي النجدي الجزل، إنه شاعر يحلق في شرفات العلا، ويغوص في الأعماق لينشر لنا عطر قصائده الرائعة، عرفته سمح النفس صادق الوطنية مخلصاً في الصداقة لقد كان - حفظه الله - ملء السمع والبصر، كما أن قصائده ومساجلاته الهادفة تستقطب إعجاب من قرأها أو سمعها في كل مكان لا أقول هذا الكلام من فراغ وإنما عن قرب ومعرفة وصداقة منذ الصغر، وُلد شاعرنا في مدينة شقراء قصبة إقليم الوشم بنجد، قرابة سنة 1350 هـ، التحق بالكتاب وعمره يجاوز السبع قليلاً وفي حوالي العاشرة أتم قراءة وكتابة القرآن الكريم على لوح من خشب يطلى بمادة تحضر من الجبال وتسمى "الصالوخ" تجعل اللوح الخشبي ناصع البياض، عندما افتتحت المدرسة الابتدائية في شقراء يوم السبت العشرين من صفر عام ستين وثلاثمائة وألف انضم إلى أعلى صف فيها وهو الثالث، وفي الحادي والعشرين من جمادى الأول عام أربعة وستين وثلاثمائة وألف عُيّنَ معلماً فيها بمرتب قدره خمسون ريال في الشهر، وفي نهاية العام الدراسي أربعة وستين وثلاثمائة وألف حصل على الشهادة الابتدائية، التحق بدار التوحيد فور افتتاحها عام أربعة وستين وثلاثمائة وألف، وبقي فيها بضعة شهور وكان راغباً مواصلة الدراسة بها إلا أن بِرَّه لوالدته التي أصرت على عودته جعله يقطع الدراسة بعد أن صدر الأمر بإعفائه، وقال بعد عودته إلى شقراء يتحسر على تلك الأيام التي قضاها بدار التوحيد قصيدةً مطلعها:
بالأمـسِ كنـتُ صبياً بيـن طلابـي
أسعى إلى الدرسِ مزهو بتطلابِ
ما أن أغـادر بـاب البيـت منطلقاً
أعدو وقلبي خليٌّ غيرُ مرتابِ
حتى أقابل بين الدور مفرزةٍ
تسابق الريح سرباً بين أسرابِ
إلى أن قال:
ثم ارتحلنا إلى دارٍ حدائقها
تزهو بتينٍ ورمانٍ وعُنّاب
وهي طويلة أكتفي منها بهذه الأبيات.
عاد شاعرنا من دار التوحيد إلى مدرسة شقراء معلماً فمساعداً فمديراً وفي عام خمسة وسبعين وثلاثمائة وألف عين مشرفاً على التعليم في منطقة حائل ثم أسندت له كافة الأعمال الإدارية بجامعة الملك سعود، ثم أُسندت له إدارة شؤون الموظفين، وفي عام ألف وثلاثمائة وثمانين حصل على الشهادة الثانوية من المعهد العلمي السعودي نظام منازل، وفي عام ستة وثمانين وثلاثمائة وألف انتقل إلى ديوان رئاسة مجلس الوزراء ولا يزال حتى الآن متشرفاً بالانتماء إلى الديوان الملكي.
اسمحوا لي أيها السادة أن أعود بالذاكرة إلى الوراء قليلاً فلعلي بعودتي أكشف جوانب من حياة هذا الأديب الكبير والمربي الفاضل فلقد عشت وأستاذي في بلدة واحدة في حارتين متقاربتين وتربينا في بيئة واحدة أيام الصبا الباكر مع فارق بسيط في الزمن بيني وبينه، عرفته أيامها معلماً وكنت يومها صبياً صغيراً في الصف الأول الابتدائي وذلك عام أربع وستين وثلاثمائة وألف كان رعاه الله يدرسنا يومها القرآن الكريم، ومادة الكتابة (الخط)، حادثةٌ لا أزال أذكرها حتى الآن ذلك أنني خلقت أشولاً يعني أعسر أعتمد في حركاتي على اليد اليسرى والرجل اليسرى، كنت أكتب باليد اليسرى فحاول تعويدي على الكتابة باليد اليمنى، وكانت آخر محاولاته أن ربط أصابع اليد الشمال بخيط قوي لم أستطع معه الكتابة فأمسك بيدي اليمنى والقلم بين أصابعها وصار يحركها بالكتابة وبعد عشرة أيام تقريباً أصبحت أكتب باليمين أفضل من الشمال وكان حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وطول العمر معلماً له هيبة واحترامٌ وتقدير في نفوس طلابه فكان يمر بنا أحياناً ونحن نلعب فإذا رأيناه تسمرنا في أماكننا لا خوفاً وإنما احتراماً وإجلالاً حتى أنه إذا دخل المسجد بعدنا قمنا له احتراماً إلى أن نصحنا بترك ذلك: وقال يا أولادي يجب أن يكون العمل والاتجاه في المسجد لله وحده هذا مع أنه لم يقسُ علينا قط ويعلم الله أنني أقول هذا الكلام للحقيقة، وأقوله صادقاً وسوف أسأل عن كل حرف نطق به لساني أو كتبته يدي أمام الله، فمن أول أيام دراستي ومعرفتي بهذا الشخص لم أعلم أنه فرق بين أبيض وأسود. أو حابى قريباً أو جفا بعيداً، حينما وصلنا الصف السادس الابتدائي في مدرسة شقراء الابتدائية وكان شاعرنا مديراً للمدرسة ويدرسنا مادتي التعبير والنحو، بالإضافة إلى مادة الخط، وقبل الاختبار النهائي بحوالي خمسة أشهر أو ستة يفرّغ نفسه ثلاثة أيامٍ في الأسبوع ليدرسنا بعد العصر مجاناً، وبقية الأسبوع لزملائنا في الصفوف الأخرى، ما ألذ تذكر تلك الأيام، كنا نذهب إلى المدرسة مع أساتذتنا من طريق واحد على أقدامنا وننصرف معاً مع نفس الطريق، إنني والله أشتاق لتلك الأيام، ولذلك الطريق الذي اندثر، وأشتاق لمدرسة الطين التي كانت تضمنا وتجمعنا وأردد قول الشاعر:
أين الطريق الذي حتى الحصاة به
أكاد أحضنها شوقاً إلى صدري
وأين مدرسة الطين التي نثرت
من طينها عن خطانا أطيب العطر
عمر من الحب تلك الساح تذكره
آهٍ أحقاً أما أبقت سوى الذكر
الذي يهمني أن أقوله أنني عرفت هذا الأديب الشاعر، والمربي الفاضل عبد الرحمن بن عبد الله آل عبد الكريم معرفة الصديق اللصيق، الذي ربما عرف مِنْ أخيه ما لم يعرفه الأخ الشقيق، عرفته غاضباً وعرفته راضياً، عرفته مسروراً ومغموماً، كما عرفته شاعراً وراوياً، عرفته محدِّثاً لبقاً لا يُمَلُّ مجلسه وعرفته متصلاً بربه محافظاً على شعائر دينه، متحلياً بأخلاق المسلم الحق، صادقاً مع نفسه ومع الآخرين، يطلق الكلمة الطيبة، والنصيحة اللبقة من قلبٍ مؤمنٍ مخلص محب لتصل إلى أعماق القلوب لذا نجح في كل الأعمال التي أسندت إليه، وفي كل المناصب التي شغلها، وكان نجاحه نجاحاً لكل مَنْ عرفه وأحبه، ولكل من عمل معه أو تعلَّم منه، ومع هذه الفضائل حباه الله العلم والثقافة والدين والخلق الحسن ومَنّ عليه بوضوح في الرؤية تعرف من خلالها على موقعه، ومن هنا كان احترامي واحترام الآخرين له عظيماً واعتزازي به كبيراً، فهنيئاً له بروحه الطيبة وأفكاره النيرة ومساره القويم الذي يبتغي به رضاء ربه وخدمة وطنه وأمته، وستُبْقي له أثراً ذا هالة وضّاءة مع ما يُدَّخَرُ له من الأجر والمثوبة، لقد اقترن اسم هذا الشاعر والمربي الفاضل في ذهني مع اسمين لشخصين لهما في قلبي ونفسي وفي قلوب ونفس أهلي من سكان شقراء كل حب وتقدير واحترام، أولهما المربي الفاضل الشيخ الجليل عبد المجيد حسن الجبرتي من المدينة المنورة - رحمه الله وغفر له –؛ كان رحمه الله أول مدير لمدرسة شقراء وهو أول رجل افتتحها وعمل بإخلاص، وتخرج على يديه شباب مثقف خدم بلده ودينه وأمته، ومنهم هذا الشاعر الكبير والأديب الفاضل، أما الرجل الثاني فهو طبيب سعودي اسمه سلطان زمزمي من مكة أو من جدة غفر الله له إن كان ميتاً، ومتعه بالصحة والعافية إن كان حياً، عمل في مستوصف شقراء عام أربعة وسبعين وثلاثمائة وألف، كان بعلمه وفطنته، وحلو معشره وحسن معاملته وأسلوبه في الفحص والتشخيص والعلاج بعد توفيق الله له كان بذلك خير طبيب عرفه أهل شقراء قديماً وحديثاً.
إن الرجال أيها الأخوة والأبناء يُعرفون ويسمون بأعمالهم النافعة التي يريدون بها وجه الله ثم خدمة دينهم وأمتهم وأوطانهم، من هنا يجب أن يعمل كل منا في موقعه بأمانة وإخلاص وأن يتمسك الجميع بالتعاليم الشرعية والنظم المرعية وأحب أن أنوه إلى أن الشاعر هذا قد أثرى الساحة الشعرية بكثير من قصائده المتميزة، علماً أنه قد صدر له أربعة دواوين، الأول (عبر السنين) الذي فاز بجائزة الشعر الفصيح في ملتقى أبها الثقافـي عام 1416هـ، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير، أما الديوان الثاني فهو (رياض الوشم) وقد تغَّنى فيه عن مسقط رأسه مدينة شقراء، أما الثالث (خلجات قلب) والرابع (صبا نجد) وكل هذه الدواوين الأربعة مطبوعة بخط يده.
يطيب لي أيها الأخوة والأبناء في هذه الأمسية المباركة أن أجزي وافر الشكر لهذا الأديب الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجه على هذا الكرم وعلى هذه الأريحية، لقد تفضلتَ وجعلت بيتك نادياً أدبياً، ولقد تفضلتَ وزدتَ كرماً على كرمك، وأكرمت الأدباء فحياك الله وأكثر من أمثالك، إن أفعالك وأعمالك لتدل دلالة واضحة على أصالتك وطيب معدنك وشهامتك، متعك الله بالصحة والعافية والسعادة وطول العمر، وهنيئاً لنـا بلقائكم أيها الإخوة وخاصة معالي الدكتور محمد عبده يماني، سرنا ذلك، حفظ الله علينا أمْنَناَ وإيماننا وسدد الله خطى الجميع، وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أستاذي السدحان: الإخوان الكرام، في الحقيقة ليس لي إلا أن أدعو على ما أعتقد دعاء الصديق رضي الله عنه (اللهم اجعلني في أعين الناس كبيراً وفي عين نفسي صغيراً) يا إخوان أتحدث إليكم حديث صدق فأقول ليس لي في هذه الاثنينية أي فضل فالفضل يعود إلى كل منكم، وليس لي أكثر من مقعدي الذي أقتعده، فلولا تفضلكم بالحضور ولولا تفضل الأساتذة الكرام الذين أسعدونا بإعطائنا هذه الفُرص للتشرف بتكريمهم، لَمَا كانت الاثنينية ولما كان هذا العطاء، فالشكر الأساسي يُوجه للأساتذة الذين شاركوا في هذه المناسبات بكلماتهم، بمداخلاتهم، بحواراتهم، الشكر في الحقيقة لهم فما أنا إلا سبب، وليس لي من فضل، فالفضل بعد الله سبحانه وتعالى يعود إليهم وإليكم، جزاكم الله خيراً جميعاً. والآن أقدم إليكم الشاعر الكبير الأستاذ يحيى توفيق حسن وأحب أن أعتذر إليه وعذري قد سبقني لأنني سبق وقلت له وعدة مرات المساحات اشتغلت واشتغلت جداً، فلذلك أصبحت حتى أحيانا أنسى اسمي، فعندما أوردت أسماء الأساتذة الشعراء الكبار أوردت اسم، الاسم الأخير وضعته في الأول، وهكذا كالعادة الرجل قبل الرأس عندي والرأس قبل الرجل فعذري إليه وله مني كل التقدير والاحترام فليتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :721  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج