شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، والصلاة والسلام على حبيبنا وسيدنا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
أيها الأساتذة الكرام، أيها الأحبة الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله أوقاتكم بكل خير، وإنه لمن دواعي سروري أن ألتقي بكم في هذا اللقاء، الذي يتجدد بعد غياب طويل على غير العادة لظروف طارئة، لم تمكنني من إكمال موسم الاثنينية الماضي كما تعلمون، وأحمده - سبحانه وتعالى - على ما تفضل به وأنعم، لنواصل معاً رسالة الكلمة عبر هذا الملتقى الذي يتشرف بكم، وقبل أن أبدأ كلمتي، أرجو أن نترحم جميعاً على أحبة كرام كانوا بيننا ملء السمع والبصر قبل شهور قليلة فانتقلوا إلى رحمة الله، فقد فجعنا بالعلامة الجليل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وأصحاب الفضيلة المشايخ: علي الطنطاوي، ومصطفى الزرقاء، ومنّاع خليل القطان، وعطية محمد سالم، وفقيد الوطن المأسوف على شبابه: صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب، والشاعر الكبير الأستاذ عبد الوهاب البياتي، وخسارة العروبة والإسلام بفقد الشيخ عيسى بن خليفة والملِكيْن: الحسين بن طلال والحسن الثاني رحمهم الله جميعاً رحمة الأبرار وأنزل شآبيب الرحمة على قبورهم وعوض أمتنا خيراً.
أيها الأحبة، يسعدني أن نرحب في مستهل موسمنا بضيفنا الكبير، الأديب والمفكر الدكتور تركي الحمد الذي فرض نفسه على الساحة بصبر ودأب كبيرين، كما نرحب بالأستاذ داوود الشريان مثمّنين تجشمه مشاق السفر لإمتاعنا بصحبته، وإلقاء الضوء على تجربة الضيف الكبير في مسيرته الأدبية الزاخرة.
كما فوجئنا بوجه كريم كان بيننا بالأمس وأصبحنا لا نراه إلا لماماً ألا وهو الأستاذ قينان الغامدي، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بهم وبكم جميعاً.
قد يتوهم البعض أنّ الدكتور تركي الحمد برز فجأة من خلال ما كتب في بعض الصحف العربية محليةً وداخلية، وما تم طرحه من كتبٍ في روايته أو في رواياته، وربما كان معهم أو مع بعضهم بعض الحق في ذلك، لأن رسوخ اسم الكاتب والأديب في عالمنا المعاصر أصبح صناعة تجيدها بعض المراكز، وليس بالميسور لكثير من المبدعين أن يطرقوا أبواب أولئك الصناع، ليضعوا لهم المكياج اللازم، إن إبداعاتهم تأتي بعبير فواح، لكنه كيفما اتفق مثل الزهور البرية تماماً، غير أنها إبداعات ذات أصالة وشذى، تفتقده تلك الزهور التي تنمو وتزدهر تحت البيوت المحمية، ضيفنا الكبير امتاز بالجرأة في الطرح، ولا شك أن زمن تسمية الأشياء بغير أسمائها قد ولى إلى غير رجعة، بعد دخولنا في عالم الفضاء العريض ابتداءً من القنوات الفضائية التي تنقل الخبر والتعليق والصورة الحية، لحظةً بلحظة، ومروراً بالسفر الذي لم يعد حكراً على فئة دون أخرى، فالكل يستطيع أن يرى ويسمع ويتكلم بأقل التكاليف وانتهاءً بعنكبوتية الإنترنت التي جعلت العالم فعلاً قرية واحدة، وأصبحت المعلومة تحت أطـراف الأصابع، ويبدو لي أن ضيفنا الكبير قد أدرك تماماً واقع هذه الأرضية الجديدة التي تشكلت ووسعت العالم كله، فاتخذ سبيله في دروب الكلمة النقية مسمِّياً الأشياء بأسمائها، وطارحاً الكثير من القضايا الهامة على بساط البحث بعد أن كانت وحتى عهدٍ قريب يتم تداولها في بعض المجالس الخاصة وبين الحيطان التي يبحث الناس عن آذانها قبل أن تتحرك ألسنتهم.
الدكتور تركي الحمد تحدث في مقالاته، وخاصةً عبر مجلة الإعلام والاتصال - واسمحوا لي في هذه المناسبة، أن أحيي معالي أخي الدكتور فؤاد عبد السلام الفارسي وزير الإعلام، الذي أثبت لنا عملياً أنّ وضع السيف في موضع الحلم مضرُ كوضع الحلم في موضع السيف، والشكر والتحية موصولان لسعادة أخي الدكتور عبد الله مناع على الجهد المشكور الذي يبذله في إخراج هذه المطبوعة المستنيرة.
بعد هذه المداخلة القصيرة؛ أعود لموضوع كتابات ضيفنا الكريم والتي كما ذكرت تميزت بالوضوح والصراحة؛ فنراه يتحدث دون مواربة عن قضايا يظن البعض أنها شائكة وقد يترددون في التطرق إليها، رغم أن خطنا الإعلامي الرسمي الذي نراه ونلمسه اليوم يفتح الباب واسعاً أمام الصراحة والوضوح والشفافية، وهي محْمَدةٌ كبيرةٌ وإنجاز يحسب في رصيد إعلامنا المعاصر، ولضيفنا الكبير آراء محددة ومدروسة في كثير من القضايا التي تهم كل المثقفين تقريباً، مثل العولمة وآثارها السلبية والإيجابية، والتحولات الاجتماعية، والسلوك الفردي، وحرية الكتاب والكاتب، والشفافية، وغير ذلك مما يهم القارئ المستنير في عتمة ودياجير المضلّلين.في تناول وطرح بعض الأمور التي يحيطها الناس بهالة من المفاهيم المزيفة، وفي تصوري أن هذا الخط الذي يبدو جديداً في إعلامنا ينبغي أن يسود كل الكتابات الصحفية واللقاءات المنبرية لأنه سيعطي دفعة قوية لولي الأمر ومتخذي القرار، كما أن حَجْبَ هذا النهج المستنير لن يوقف المد الإعلامي، الذي أصبح يأتينا من كل مكان عبر الفضاء الواسع.
وقبل أن أختتم كلمتي لا بد أن أعرج على العمل الإبداعي الأخير وأعني رواية ضيفنا الكبير، شرق الوادي: أسفار من أيام الانتظار، الذي أهدانيه مشكوراً متوّجاً بكلمات تستحق التأمل في حدِّ ذاتها، إذ يقول: أرجو أن تجد في هذا العمل ما يحرك سكون الداخل ويبعث الحرارة في الحياة من جديد، وهو من الأعمـال التي - بالنسبة لي على الأقل - مما لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، فهو علامة حقيقية، ومنحنى واضح في مسيرة الرواية السعودية، كما إنه يطرح من خلال ذلك الكثير من علامات الاستفهام الكبيرة حول مغزاها، فهل معجمٌ أراد المؤلف من خلاله أن يحفظ لنا تراثاً أدبياً موغلاً في المحلية؟ أم أنه طرح تاريخي بطريقة تَقْرُبُ أو تَبْعُدُ عن الحقيقة حسب خيال الكاتب وتفاعل القارئ؟ أم يا تراه مجموعة رؤى فلسفية خاض فيها المؤلف عبر أبطال روايته دون أن يعرض أفكاره مباشرة على المتلقي؟ في الحقيقة أبقاني الأستاذ الدكتور خلال أربعة أو خمسة أيام كتلميذ أُعيدُ قراءة بعض النصوص لأصل في كل مرة إلى مفهوم تغيره القراءة الثانية وتغيره القراءة الثالثة ولا تزال علامات الاستفهام تحيط ببعض ما قرأت، ومهما كان الأمر فإنه عمل جدير يستحق التقدير، جدير بالقراءة في زمن ينطبق عليه تماماً المَثَلُ الفرنسي الذي يقول: نُصف الكتب لا تُنشرَ، ونُصف الكتب التي تُنشرَ لا تُباع، ونصف الكتب التي تُباع لا تُقرأ، ونصف الكتب التي تُقرأ لا تُفهم، ونصف الكتب التي تُفهم يُساء فهمها، مؤكداً من وجهة نظري أن هذا الكتاب من خلاصة الخلاصة.
أيها الأحبة؛ أشكركم جميعاً على هذا اللقاء الطيّب متطلعاً إلى لقاء جديد بإذن الله - الاثنينية القادمة على شرف الناقد المعروف الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك، مع أمنياتي بقضاء أمسية ماتعة في صحبة ضيفنا الكبير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :965  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.