شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الذي كرمنا بقوله اَلْحَمْدُ لله اَلَّذي خَلَقَ اَلْسَّمَوَاتِ والأَرْضَ وجَعَلَ اَلْظُّلُمَاتِ واَلْنُّورَ ثُمَّ اَلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ.. والحمد لله الذي شرفنا بقوله: إنَّ الله ومَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ يَاَ أَيُّهَا اَلَّذِينَ أَمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وسَلِمُواْ تَسْلِيماً.. لبيك.. اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا وقائدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله أفضل الصلاة وأتم التسليم..
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسعدني أن أرحب بكم أيها الأخوة أجمل ترحيب في اثنينيتكم التي تخطر في عامها السابع عشر.. محروسة بعناية الله سبحانه وتعالى ثم بتواصلكم الذي يغذي فيها روح التجدد والمحبة في وطن العز والشموخ..
 
وكم يطيب لي أن نفتتح فعاليات هذا الموسم بلقاء تطلعنا إليه كثيراً.. ذلك أن ضيفنا الكبير الذي نحتفي به الليلة سعادة الأستاذ حسن عبد الحي قزاز علم استقطب اهتمام الصحافة والعطاء الأدبي منذ بواكير النهضة الصحفية، وربما كان من القلائل الذين يستطيعون أن يؤرخوا بأمانة وموضوعية وحياد وتجرد لهذه الحقبة من تاريخنا المعاصر.. فهو شاهد على ملابساتها وصانع لبعض أحداثها ومعاصر لأقطابها.. وأحد مؤسسي نهضتها.. وفي الوقت الذي نستشرف فيه الذكرى المئوية لتوحيد هذا الكيان الكبير تتداعى ذكريات بطول هذه السنوات وعمق أثرها في نفوسنا جميعاً نقف من خلالها إجلالاً واحتراماً وتقديراً للنقلة الهائلة التي انتظمت معظم، إن لم نقل كل أوجه الحياة الاجتماعية والثقافية والصناعية والاقتصادية وما يدور في فلكها من علاقات دولية وإقليمية رسخت دور المملكة الرائد كرقم له دلالات نعتز بها في قاموس العالم الذي يحث الخطى نحو العولمة والتطور والازدهار.. وفي هذا الإطار لا بد من طرح سؤال هام تحيط به علامات استفهام كبيرة المعنى والمغزى بشأن الدور الذي قام به الفرد منا وما قدمه وما هو متوجب علينا كأفراد ومؤسسات تجاه مصطلح العولمة وتعريف ماهيته وما يترتب عليه حتى ندرك بالتالي المتوجب علينا.. وأتوق أن يتناول مثقفونا وأدباؤنا ومفكرونا وصحفيونا هذا المصطلح لإثرائه بآرائهم بما يعود بالخير على المتلقي ويتفاعل معه. وبالتالي يقوم بدوره المناسب وهو على بينة من أمره..
 
إخواني الأكارم: لا شك أن لأستاذنا وضيفنا الكبير دور بارز في مجال مساندته للصحافة والأدب والثقافة والفكر وهذا من شأنه أن يغري بالإطالة.. ولكن بما أننا في مقام تكريم فستكفينا وقفات موجزة أمام بعض المحطات التي أنجز من خلالها الكثير لوطنه ومواطنيه.. فهو من جيل عاصر، بل تعامل وتفاعل مع أساتذة عظام مع العواد والآشي والسباعي والسرحان والعامودي والأنصاري والعريف والقنديل وضياء ووالدي وغيرهم رحمهم الله جميعاً.. والعم الأستاذ السيد محمد حسن فقي.. وأخيراً وليس آخراً معالي الوالد الشيخ عبد الله بلخير أمد الله في عمريهما ومتعهما بالصحة والعافية.. هذه الكوكبة من الرجال الذين قال عنهم ضيفنا الكبير: إنهم كانوا كالرياحين في أغصانها، إلا أن مظهرهم لم يكن فيه التعالي ولا الظهور بمظهر الغرور في مظهره العلني أو الخفي كما هو حال البعض اليسير والضعيف ممن نراهم وتسمع عنهم وهم بلا شك نكرة في هذا المجتمع الأبي النظيف..
 
هكذا كان حالهم، ولضيفنا الحق أن يفخر بذلك.. أما طريقة التعامل الراقي بينهم فكانت لا تشذ عن تلك البساطة التي تكسو محياهم وتحفظ قدر بعضهم تجاه الآخر، فهم أبناء هذه الأرض الطاهرة التي انطلق منها نور الحق ومشكاته وما أصدقه حين يقول: كانوا يعيشون في جو عشيرتهم معايشة الأخذ والعطاء والفهم والأداء معايشة الفكر للفكر، والرأي للرأي، والنقد للنقد في عفوية لا تشوبها شائبة المكر والخداع ولا شائبة التقليل من الشأن والذات، إذ كانوا يدركون أقدار بعضهم ويعرف بعضهم شأن بعض.. وكان أدبهم أدب خدمة وعطاء، أدب فكر لا أدب مهنة يحترفونها لخدمة أغراض خاصة أو شخصية، بل كان أدبهم مشاعاً في كل موضع يغشونه، وفي كل حالة يعيشونها وفي كل موقف يقفونه.. لقد كانت الصحف في بداية صدورها تدور حول النمط الأدبي الذي يعتمد المقالة والنقد الأدبي ناتجاً أساسياً يتابعه القارئ بشغف ويستزيد الأدباء منه خاصة عندما تنشب بينهم مكان يعرف بـ (المعارك الأدبية).. ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن ضيفنا الكبير من أوائل من أرسى المفهوم الأدبي الحديث من حيث الاعتماد على الخبر والصورة في جريدة (عرفات) التي أسسها في عام 1377هـ الموافق 1958م وحقق بذلك نقلة موضوعية لا يستهان بها في عالم الصحافة إذ جعلها على أعتاب الإعلام الحديث بكل ما يميزه من جرأة وحركة ومسايرة الأحداث للحصول على الخبر والصورة فوراً.. وجعل القارئ في واجهة الأحداث أولاً بأول، بل ذهب إلى ما لم يكن معروفاً ولا معهوداً بفتح مكاتب فرعية حيث أشرف على مكتب مكة المكرمة معالي الأديب الأستاذ الكبير محمد عمر توفيق رحمة الله عليه.. في حين أشرف على مكتب الرياض الأستاذ الصحفي العصامي فهد العيسى الذي تميز بحس صحفي نادر بالإضافة إلى هيئة تحرير من صفوة الأساتذة منهم: معالي الشيخين أحمد زكي يماني وأحمد محمد صلاح جمجوم، ومعالي الراحل الكبير الأستاذ عبد العزيز الرفاعي رحمة الله عليه، والدكتور محمد سعيد العوضي، بينما كان الدكتور صالح باخريبه يتولى مهام التصحيح وهو الآن عميد كلية الهندسة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وكان لأساتذة كبار جهود فعالة في المشاركة كالأستاذ محمد عبد القادر علاقي والعبدلين الخياط والجفري وغيرهما وقد أشرت إلى هذه الأسماء عداً لا حصراً.. هذا وقد كان معالي الشيخين أحمد زكي يماني وأحمد صلاح جمجوم حريصين كل الحرص على المشاركة في هذا الحفل غير أن وجودهما خارج المملكة لارتباطات مسبقة حال دون ذلك.. وقد وعد الشيخ يماني بالكتابة عن الموضوع في وقت لاحق.. وإن شاء الله سيقوم معالي الشيخ جمجوم بذلك أيضاً على أن يضاف ما يكتبانه بإذن الله إلى فعاليات هذه الأمسية ضمن مواد هذا الحفل في مجلد الاثنينية الذي سيشتمل على لقاءات هذا الموسم..
لقد عرفت عن أستاذنا وضيفنا وأستاذنا الكبير تجارب واسعة خاضها في معترك حياته العملية وخلص منها إلى نتائج محدودة علمته إياها الحياة واستطاع أن يستخلصها من بين مختلف المواقف والتأملات والمعاملات التي جعلته يخرج منها برصيد وافر من الحنكة التي استقى أصولها وفروعها من هذا المجتمع العريق الذي تتجذر أصالته وطيب محتده في أعماق التاريخ وشهدت التهذيب الكبير منذ فجر الإسلام واستمرت في سلاسة ومتانة ونورانية بديعة حتى يومنا هذا وستظل هكذا بإذن الله حتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها.. خلاصة هذه التجارب الثرية يضعها ضيفنا الكبير في كلمة واحدة.. كلمة تختزل في حروفها الثلاثة كل المعاني والقيم التي يتطلع إليها الناس في كل مكان وزمان أنها (الحب).. إذ يقول كتابه القيم (أهل الحجاز بعبقهم التاريخي): ثم خرجت بنتيجة واحدة بأن الحب الصادق الأمين ينبغي أن يسود العلاقات بين الناس.. أما التعالي وضعف الوفاء وعدم الاهتمام ببعضنا البعض فإنها أمور تعمل على تفتيت هذا المجتمع ببنيانه الأخلاقي الذي نشأنا عليه..
بهذه الكلمات النبراس لا أزعم أني قد أتيت على كل ما أرغب في قوله ترحيباً بضيفنا الكبير، ولكن ضيق الوقت مع ضرورة إتاحة الفرصة لمشاركة الأساتذة الآخرين يحول دون الاسترسال.. وإنني على ثقة بأن مشاركة الأخوة الأفاضل بالإضافة إلى ذكريات ضيفنا الكريم ستجعل هذه الأمسية خير افتتاح لهذا الموسم الذي نسعد من خلاله بإطلالة وجوهكم النيرة وعلى أمل أن نسعد مجدداً الأسبوع القادم بالالتفاف حول ضيف آخر نعتز به وبمشاركاته وهو المفكر الإسلامي معالي الدكتور محمد عبده يماني بمناسبة صدور كتابه الجديد (الصحابي الجليل: أبو هريرة والحقيقة الكاملة) وهو عمل علمي غير مسبوق، وستعمد الاثنينية اعتباراً من الأمسية القادمة بفتح قناة جديدة بإذن الله للاحتفاء بما يجد من كتب قيمة، وقد قمنا بتزويد ذوي الخبرة بنسخ من الكتاب للاطلاع عليه مسبقاً قبل المشاركة، وأحسب أن هذا التوجه سوف يساهم في الإجابة على سؤال طرح في الساحة الأدبية منذ وقت ليس بقصير حيث تداول المثقفون قضية الكتاب وهل هي أزمة كتاب أم أزمة قارئ.. وفي تصوري ورأيي الشخصي أنها أزمة قارئ.. ورحم الله أبناء الجيل السابق ومن سار على نهجهم في البحث عن الكتاب؛ نحتوا بأظافرهم في الصخر حتى يحصلوا على بغيتهم وقد كان هناك البدائل الترفيهية الأخرى المناسبة لزمانهم ولكن انصرفوا عنها رغبة وحباً في الكتاب حتى رزئنا اليوم بكتب مكدسة وقارئ عازف عن القراءة.. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا في سعينا على تغيير ما بنا فإلى لقاء قريب وجميعكم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1112  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.