شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الكتاب)): قضية تنادي
• إن منطق الخطاب العربي يضمن الكلمة معنى خاصاً يجمع بين مفهومي الخصوصية والإبداع، لا يستطيع عرب اليوم أن يقولوا إن لهم حضارة وثقافة بالمعنى الدقيق.. إلا إذا كانت إنجازات اليوم في مستوى إنجازات الأمس، وفي الوقت ذاته متميزة عن إنجازات الشعوب الأخرى، الأوروبية بخاصة.. التي تدعي كونية زائفة!
عبد الله العروي/ المغرب
• سكبت الماء البارد فوق جمري!
كان لا بد أن أتلفّت في ابتهاجنا بالعديد من المهرجانات التي أقمناها على امتداد الوطن العربي.. تلك التي حظيت بالكثير من الأضواء الإعلامية - صحافياً فقط! - ونعني بها: مهرجانات المعارض السنوية للكتاب، ومهرجانات الشعر، والقصة، والفنون... في أكثر من قطر عربي.
وفي المقابل.. لا بد أن نتلفت أيضاً إلى: حصيلة كل قطر عربي من "دور النشر والتوزيع" التي قيل: إنها "تركض" وراء المؤلفين، لتطيع إبداعاتهم وأعمالهم الأدبية، وتركض وراء الكتب الجديدة لتوزيعها... وبالتالي لإثراء معارض الكتاب.
لكني توقفت - هنا - قليلاً... بعد أن اصطدمت بسؤال حاد ومدبب، يقول:
• أين هي دور النشر... وإذا وجدت، فماذا فعلت بالكُتّاب، وبكتبهم؟! لذلك... اضطررت أن أسكب الماء البارد فوق جمري، وفوق جمرة السؤال! إنها معاناة أي "كاتب".. يطمح أن يُصدر كتاباً واحداً في العام، على الأقل! إن "الكتابة".. هي جنون عشق الكاتب.
ولكن "الكاتب" لا بد أن يخضع للتريّث.. من أجل أن يبلغ عالم "العقلاء" جداً، ويدع القراء بمستويات وعيهم، وفهمهم، وتوجّهاتهم.. يتفرجون على الضوابط، ويحسّون بمقدار "الموضوعية" المجسدة للفكرة الهادفة، وللعمل الإبداعي، ويجاملون التعوّد أحياناً حتى النخاع!!
إن كل سياج يبنيه العقل.. يبدو الإنسان من ورائه مؤهلاً للانتماء إلى مجتمع متمدن، متعايش مع الوعي، ومترابط مع تلك الاتفاقات "الإنسانية" المبهرة.. لتلقّي فعل الإنسان من واحد إلى آخر!!
• • •
• ثم... ندخل الآن إلى: قضية "الكتاب" لدينا!!
إن القضية تنشطر إلى جزءين:
• الجزء الأول: قلّة دور النشر في بلادنا.. وبالتالي ضآلة نشاط هذه الدور، أو محدودية فعاليتها.. خصوصاً تلك التي تتوجه إلى طباعة نوع واحد من الكتب، أو من الثقافة!
ويرتبط بهذا الجزء أيضاً: واقع ما يعانيه المؤلف من تعامل مادي بخس تفرضه عليه دور التوزيع، وحجتهم: ارتفاع تكلفة الانتشار، ومجاراة دور التوزيع في العالم العربي!
• الجزء الآخر: كثرة "دكاكين" المكتبات... حتى إنك تجد في الحي الواحد أكثر من مكتبة!
لكن هذه المكتبات قد حصرت مهمتها، أو دورها في خدمات تجارية بحتة، من أهمها:
ـ أولاً: التركيز على بيع القرطاسية، من كراريس مدرسية وأدوات مكتبية وللطلبة والطالبات.. وهي البضاعة التي تقوم عليها أسس هذه المكتبات التجارية!
ثانياً: التسابق في عرض مكثّف ومغر لألوان المجلات التي تتدفق بشكل مخيف من العالم العربي، ومن أوروبا.. وحرص الذين ينشرون تلك المجلات ويصدرونها على تزيين أغلفتها الملونة بـ "الوجوه" الصبيحة، فيركض إليها الشباب والمراهقون!
وقد صار كل "تاجر" ناشر يفكر في إصدار مجلة ملونة.. يتلفت إلى القارئ هنا بخاصة، وفي الخليج بعامة... ويضمن تسويق "ألوانه" لأننا - فيما يلوح - لم نتشدد كثيراً في طريقة الطرح التي تتبعها هذه المجلات الوافدة!
ثالثاً: يحدث التناقض العجيب هنا.. إذ نلاحظ أننا أمام هذا الدفق من المجلات الملونة، نجد هذا الانحسار في "الكتب"، والإصدارات الفكرية والأدبية الجديدة التي تموج بها مكتبات العالم العربي!!
فهناك إصدارات عديدة كل شهر من الكتب الثقافية، والأدبية، والعلمية، نقرأ عنها في صحف ومجلات عربية، وحين نبحث عنها في المكتبات لا نجدها.. وكأننا أمة لا تقرأ إلاّ "الصور" فقط!!
وعندما نوجه أسئلتنا إلى دور التوزيع عن الكتب الجديدة.. نفاجأ بهذه الإجابة التي تخلو من الحقيقة.
إن المكتبات مكتظة بالكتب الجديدة الصادرة في العالم العربي!
ونبحث من جديد.. ونكتشف أن الكتب المطروحة للبيع والتوزيع.. هي كتب "المذكرات" السياسية، وأغلبها مغرض أو شخصي، وروايات الجاسوسية، وكتب أخرى "للتقبيل" مثل الدكاكين التي يفلس أصحابها فيعرضونها بهذه العبارة: "للتقبيل" بأي ثمن!!
• • •
• فإذا أردنا أن نتوقف أمام الجزء الأول من القضية.. فلا ننسَ - بجانب دور النشر المحدودة - أن نتذكر: النوادي الأدبية، والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون!
أما النوادي الأدبية.. فإن بعضها يطبع كتب "أسماء" معينة من الذين "يصطفيهم" النادي، أو من داخل أسرته!
• وأذكر - بهذه المناسبة - أن أديباً شاباً من كتاب القصة: أقدم قبل أكثر من ثماني سنوات على دفع أولى مجموعاته القصصية لأحد الأندية، وطوال تلك السنوات وهو يطالب سكرتارية النادي بإعادة مسودات قصصه - فقط! - بعد أن ألغى فكرة طبع المجموعة وقال:
ـ لا يمكن أن أطبعها بعد أكثر من ثماني سنوات دون أن أعيد النظر فيها!!
• وبهذه المناسبة أيضاً.. روى لي كاتب معروف "حكاية" قديمة مع إحدى دور النشر، مضى عليها أكثر من عشرين عاماً، فقال:
ـ تفضلت دار النشر هذه وطلبت مني مجموعة قصصية، وطبعتها، وأصدرتها، ووزعتها، وفرحت بلا شك.. ومضت أعوام وراء أعوام، وأنا أنتظر أن تعترف دار النشر بعرقي وتعبي فتبعث إليّ ولو نسبة بسيطة من ربع بيع الكتاب!
وبعد سنوات طويلة نسيت عددها.. فوجئت بمسؤول جديد في نفس دار النشر هذه يهاتفني ويعرض عليّ إعادة طبع المجموعة القصصية للمرة الثانية!
وفرحت، وخجلت.. فذلك يعني أن الطبعة الأولى قد نفدت، ولو بعد سنوات طويلة، فقلت للمسؤول:
ولكن.. هناك الطبعة الأولى!؟
قال: لا بأس.. سنبعث إليك بعقد، ونُصفِّي حساب الطبعتين بعد ذلك!
وصدرت الطبعة الثانية، ومرّ عام، وآخر، ونسيتْ دار النشر الموضوع برمته!
• ويروي كاتب ثالث تجربته مع دار نشر حديثة، بدأ بها صاحبها مشروعاً صغيراً، وجاء إلى هذا الكاتب يطلب منه الموافقة على طبع أحد كتبه طباعة ثانية!
أراد الكاتب أن يساعد هذا الناشر الناشئ، الذي كان أيضاً يتعاطى الكتابة.. ووافق معه على الطبعة الثانية، وزيادة في التأكيد والأمانة بعث إليه الناشر الزميل عقداً!
وشاهد الكاتب في معارض للكتاب رواج كتابه.. وانتظر عاماً، وآخر.. استحى الكاتب خلالهما، و "صَهْيَن" الزميل الناشر، بعد أن صار غير ناشئ!
• • •
• وإذا أردنا أن نتوقف أمام دور التوزيع والنشر، فهنا مشكلة أخطبوطية لها عدة أذرع!
إن دور التوزيع تتقاضى من المؤلف من 40 إلى 50% من ريع بيع الكتاب!
ثم تهمل دور التوزيع الكاتب الذي تنحت من لحم مؤلفه 50%، ونلاحظ أن دور التوزيع ودور النشر.. لا تكلف نفسها نشر إعلانات في الصحف عن الكتاب الجديد الصادر.. فهناك كتب تصدر، ولا يعلم عنها القارئ!
بينما نجد أن مسوّق أي سلعة أخرى، مثل: اللبن، الشاي، الشامبو.. يأخذ 15%. أما دور النشر، ودور التوزيع.. فإنها لا تقوم بهذه الدعاية!
المجال الوحيد الآن للإعلان عن الكتب الجديدة هي الصحف، ولا يحدث هذا أيضاً!
لا توجد صالات عرض، تنشر إعلانات عن صدور الكتاب.
التلفاز حتى الآن... لم يعترف بضرورة الإعلان عن الكتب الجديدة.. فيخدم الكاتب السعودي، ويخدم القارئ بإسهامه في التثقيف عبر ما يعلن عنه من إصدارات الكتب العربية الجديدة!
إن في إمكان دور النشر أن تبادر إلى إنجاز طبعات "شعبية" تجارية من مؤلفات الكتّاب السعوديين، وليس شرطاً أن تكون الطبعة مرفهة ومترفة، أو تصدر طبعتين: بكميات قليلة من الطبعة المرفهة، وبكميات كبيرة من الطبعة الشعبية.. فإذا الكتاب الذي تكلف طباعته عشرة ريالات، بالطبعة الشعبية لن يكلف عشرة قروش!
لكن صاحب المكتبة، أو الموزع.. لا يريدان الطبعة الشعبية، لأنهما يهدفان إلى أن يكون سعر النسخة من الكتاب مائة ريال، حتى تكون نسبة التوزيع 50% من سعر الكتاب.. أما إذا كان سعر الكتاب عشرة قروش، أو حتى ريال واحد.. فما هو مكسبه؟!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1201  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 460 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج