شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شعر الأستاذ أحمد إبراهيم الغزّاوي
ماهو لا بد أن أعتبرها ظاهرة فيها من الغموض، بقدر ما فيها من الاستمرارية والتمادي.. وهي الصمت المطبق الذي التزمته أغلبية المعنيين بالشعر والشعراء، نقاداً، ومؤرخين بل وكتّاب خاطرة وتعليق أو ذكرى - قبل وبعد رحيل الشاعر الكبير الأستاذ أحمد بن إبراهيم الغزّاوي رحمه الله. وتبدو الظاهرة بعد ذلك، وكأنها إجماع متفق عليه، على تناسي هذه الشخصية التي يصح أن توصف بأنها (بقية الشعراء) القدامى، ظلّت تسطع وتتوهّج في أجوائها الخاصة طوال فترة من الزمن تكاد تتجاوز الستين عاماً.
قبل رحيله رحمه الله، كان موقف النقاد، على قلقهم، كموقف كتّاب الخاطرة والتعليق على ما نشر أو ينشر لغيره من الشعراء هو موقف من لا يقرأ أو يسمع شيئاً عن شعر الغزّاوي، رغم أن الصحف كانت تنشر مطولاته التي كان يلقيها بنفسه، وبصوته الجهوري، في تلك المناسبات التي كان يحرص على ألا تمر دون أن يسجلّها بقصيدة، من شعره الذي يذكّر بفحول الشعراء القدامى، لغة، وتناولاً، وتفنّناً في صياغة المعاني، التي لا يعيبها أنها تصاغ من معدن الشعر التقليدي القديم، الذي يتعذّر أن نصرف عنه أنظارنا، إذ هو التراث الفني الذي لا بد أن نعكف عليه، وأن نهاجر إلى أجوائه، لنملأ صدورنا بعبق التاريخ، ولنتيح لأذهاننا أن تتملّى تلك الأجواء، إذ هي نحن، في أصولنا وأعراقنا، ومنابت شخصيتنا الحديثة، بكل مكوّناتها الأصيلة التي أعتقد أن التخلّص منها بالتجاهل والتناسي، أو التنكّر والرفض، فيه من الجمود، بقدر ما فيه من الجهل والغباء.
وكان الأستاذ أحمد إبراهيم الغزاوي رحمه الله، لا يجهل الموقف الذي التزمه منه الكاتبون ولا أشك في أنه كان يغص به ويشرق، ولعلّه أيضاً لم يكن يجهل السبب، وهو أن أكثر شعره كان شعر مناسبات خاصة تخصص هو، أو كرّس فنّه لها. وأذكر أنه اتصل بي ذات يوم منذ أكثر من عشرين سنة في مكة، وطلب أن نقضي معاً بعض الوقت في منزلي.. فرحّبت به، وفي هذا اللقاء قرأ وقرأت أنا معه مجموعة من القصائد في مواضيع بعيدة عن شعر المناسبات.. وكأنّه قال: (أليس في هذا ما يستحق أن يذكر، أو حتى أن ينقد؟)، ثم وعد رحمه الله أن يبعث إليّ بنسخ من هذه الأعمال، لأفرغ لدراستها.. ولكن حدث أن غادرت المملكة بعد هذا اللقاء، وطال غيابي، وضاعت فرصة، لا تزال ضائعة حتى اليوم.
قرأت منذ أيام أن رئيس نادي أبها الأدبي قد أعلن عن استعداد النادي لطباعة ديوان الأستاذ الغزّاوي الذي يجمع كل قصائده بعد إجازتها من وزارة الأعلام.. فلا أكتم القارئ أني قد سررت كثيراً بالخبر، لأنّي كنت أتساءل عمّن أستطيع الرجوع إليه لأطالبه بالعمل على طباعة أعمال الشيخ أحمد إبراهيم الغزّاوي، وهي ليست قصائده أو شعره فقط، وإنما له الكثير من الأعمال النثرية، التي كانت تنشر، ربما في جريدة البلاد السعودية، وهي تمتاز بأسلوب فيه من العناية باللغة، والصياغة العربية المتأنّقة، ما يجعلها جديرة بأن تحتفظ بها نموذجاً فريداً، للتراث المتجدّد بقلم الشاعر الكبير.
لست أدري من الذي قال إن الأستاذ أحمد إبراهيم الغزّاوي ظالم لنفسه.. ولا أدري كيف ولماذا ظلم الرجل نفسه.. ولكني لا أشك في أن الرجل كان مظلوماً وآن أن نتعاون على رفع ظاهرة الإجماع على ظلمه، بالتجاهل والتناسي، بالإجماع على إعطائه بعض حقه بطباعة أعماله ودراستها، وربط المناسبات التي عنى بتسجيلها، بالأحداث التي تمخّضت عنها هذه المناسبات ممّا يزيح الستار عن شريحة واسعة وكبيرة من تاريخنا الحديث.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2983  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج