| "مَنازِِلُ أَياتٍ خَلَتْ من تِلاوَةٍ |
| ومَنْزِلُ أُنْسٍ مُقْفِرُ العرصَاتِ!" |
| وَقَفْـتُ بِها أسْتَنْشِـدُ الرَّبْـعَ ماضِيـاً |
| كئيباً.. فلـم أَسْمَـعْ سوى الزَّفَـراتِ! |
| فقلـتُ لـه.. يا رَبْـعَ مالَكَ مُوحِشـاً |
| ..شَجِيّاً .. فلم أُبْصِر سـوى العَبَراتِ! |
| فقـال.. وكَلاَّ لم يَقُـلْ.. إنَّهُ احَتَمـى |
| بِصَمتِ بَلِيغ غامِضِ النَّبرَاتِ! |
| ويا رُبَّ صَمْـتِ كانَ أَسمَـعَ للـورى |
| من الصَّوْتِ يَعْلُـو.. أو من الهَمَسَـاتِ! |
| لقد كانَ لي أَهْلَـونَ شَـوسٌ تَرحَّلـوا |
| وأَبْقَوْا صَدًى يَهْـوِي إلى الدَّرَكـاتِ! |
| فما تَـمَّ لي مِـن مُتْعَـةٍ أَسْتطيبُهـا.. |
| ولا ثَمَّ لي حُلْوٌ مِن الضَّحِكاتِ! |
| شَجاني الأَسـى مِن بَعْـدِهم. وتَأَلَّبـتْ |
| عَلََـيَّ الـرَّزايا.. من نَـوًى وشَتـاتِ! |
| وكيف.. وقد كانـوا البُطُولَةَ والنَّـدى |
| وكنْتُ بهـم في أّرْفَـعِ الدَّرَجـاتِ..! |
| يَخافُ الخُصـومُ اللٌّدُ مِـن سَطـَواتهم |
| فَيَنأَوْنَ عنِ حَيْفٍ بهم.. وأذاةٍ! |
| ويَهْفو إلى ساحاتِِهم كُلُّ بائِسٍ |
| ضَعِيفٍ. فَيْلقى يانِعَ الشَّجَراتِ! |
| يلُوذُ بهـا طَعْمـاً وظـلاًّ.. ويَـرتوي |
| من العَذْبِ يُطفىء لاعـِجَ الجَمَـراتِ! |
| وقد رَحَلـوا عَنِّي.. إلى غَيْـرِ رَجْعَـةٍ |
| ..ولم يبـق مِمَّـا كان عَيْـرُ فُتـاتِ! |
| أتَعْجَبُ منِّـي.. مِن دُمُـوعي ولَهْـفَتي |
| .. على ذلك الماضِي.. ومِن حَسَـراتي؟! |
| فَقُلْـتُ لـه.. يا رَبْـعُ ما أنا لائِـمٌ |
| ولكنَّني راثٍ لِكَسْر قَناةِ! |
| فما أنا إلاَّ مِنْكِ بضعٌ يرُوعُني |
| ويُفْزِعُني رَوْضٌ غدا كَفَلاةِ! |
| به العـذبُ مِلْحٌ بَعْـدما كانَ جـارياً |
| زُلالاً كَنِيل سائِغٍ.. وفُراتِ! |
| يُدِلُّ ويَزْهـو بالكُمـاةِ وَ.. وأَيْنَهُـمْ؟! |
| فما عَزَّتِ الدُّنيا بِغَيْرِ كُماةِ! |
| وما طـابَ عَيْـشٌ يَحْتمي بِظَـلامِـهِ |
| ولا ضاءَ إلاّ مِن شُمُوسِ حُماةِ! |
| وها هو يُقَِْصيـهِ السُّبـاتُ عن العُـلا |
| فهل سوف يَصْحُو بَعْد طُولِ سُـباتِ؟! |
| لٍيفَتَرعَ الأَوْجَ الرَّفيعَ. ويَسْتَوِي |
| عليه كريماً دُونَ خَوْفِ جُناةِ! |
| لقد كانت الأَسْـلافُ مِنَّـا أماجِـداً.. |
| ولكنَّهم بِالْمْجدِ غَيْرُ عُتَاةِ! |
| جَنى غَيْرُهـم. واسْتَأسَـدوا بِسُيُوفِهـمْ |
| بما حَصَدَتْ من سُوقَةٍ وسَراةِ! |
| ومـا وَجَـدَ النَّاسُ الأمـانَ بِقُرْبِهِـمْ |
| ولا أَخْصَبت المَرْعى بِشرِّ رُعاةِ! |
| وهم أَخْصَبوا الإجْـدابَ دُونَ تَطـاولٍ |
| ولا طمع في طَيِّبِ الثَّمراتِ! |
| فَطَابَ الجَنَى.. واسْتَمْتَعَ النَّاس بالْغِنَـى |
| وعادَتْ سُفُـوحُ الأرْضِ كالسَّـروَاتِ! |
| لَشَتَّـانَ ما بَيْـن الفَرِيقيْـن.. راشـدٌ |
| وآخَرُ غادٍ عاثِرُ الخَطَواتِ! |
| وحَدَّجَني الرَبْعُ الحَزينُ بِنظْرَةٍ |
| تفيض أسىً أَعْيا بَليغَ لُغاتِ! |
| وقال. لقد واسَيْتَني وَتَرَكْتَني.. |
| على غِبطَةٍ مِـن مُقْبِـلِ السَّنَـواتِ! |
| كِلانا يُريـدُ الخَيْـرَ.. لا أنـا يائِـسٌ |
| ولا أَنْتَ مِن بُشْرى بِمـا هـو آتـى! |
| شَكاتُكَ ما تُجْدِي عَلَيْكَ بِـلا صَـدًى |
| مُجِيبٍ ولا تجدي عَلَيَّ شَكاتي! |
| سأَصْبِر حتَّى أطمَئنَّ بصَحْوةٍ |
| تُبَلِّلُ بالعَذْبِ الفُراتِ لَهاتي! |
| فقد أَيبَسَتْها الحادثات فَأَصْبَحَتْ |
| كَشَنِّ.. وما يَلْقى حَنانَ أُساةِ! |
| عَسانا نَرى مِـن مُقْبِـلِ الدَّهْـر آتيـاً |
| كماضٍ مُضِـيءٍ مُخصِـبِ الجَنَبـاتِ! |
| * * * |
| أيا صَبْوَةً أَدْمَـتْ حَشـاي.َ وأَرَّقَـتْ |
| عُيُوني.. وكانَـتْ أَكْـرَمَ الصَّبـواتِ! |
| لقد أَجَّجَتْ مِنِّـي الشُّعُـورَ فَألْهَمَـتْ |
| وقد أَيقَظَتْني مِن عَميقِ سُباتي! |