| قال النهرُ: أنا ابن الينابيع الصغيرة |
| التي أعلنت اتحادها في جسدي.. |
| وقال الحقل: إن الشجرة الواحدة |
| لن تكون بستاناً..! فلماذا نفترق |
| يا صديقي؟ |
| إنْ كنت لا تريد السَيْرَ معي، فاسمحْ |
| لي أن أسير معكَ - ما دُمنا متجهَين |
| نحو المدينة الفاضلة. |
| * * * |
| كل كتب الفلسفة التي قرأتها، والصحف |
| التي تداولناها خلسةً.. |
| كل الأوراق الصغيرة التي كانت تدخل |
| زنازيننا مثلما تدخل العملاتُ المزوَّرَةُ |
| أوطاننا عبر الطرق الليلية.. |
| كل البيانات المرتجلة، والمنشورات السرية |
| التي كانت تدخل غرفَنا الثلجية أو |
| كهوفنا الرَطبة: |
| لم تعلِّمْني مثلما علَّمَني إياه كتابُ الجوع، |
| والقيد الذي عانق معصمي! |
| * * * |
| أيها الواقفون على مَسَلَّةِ النظريات.. |
| دعوا المسرحَ دون ستارةٍ.. فالجالسون |
| في القاعةِ، يريدون أنْ يعرفوا ما يدور |
| خلف الكواليس! |
| لا تجعلوا جلودنا وَرَقاً لنظرياتكم.. |
| ولا أضلاعنا أقلاماً وأزاميلَ.. |
| فما جدوى أنْ يُقام لي النصب الرخامي |
| بعد موتي - إنْ كنت في حياتي أبحث عن |
| رغيف الخبز؟ |
| علامَ هذا الضجيج والخُطَبُ الحماسيَّة |
| والبيانات؟ |
| أنزِلوا هذه اللافتات والبيارقَ الملوَّنة، |
| إنَّ أطفالنا العراةَ يريدون أثواباً |
| لا بيارقَ ولافتات.. |
| فعلامَ كل هذا الضجيج في القاعةِ؟ |
| أمِنْ أجلِ افتتاحِ فرعٍ جديدٍ لحانوت |
| السياسةِ؟ |
| أغلقوا الحانوتَ الذي علَّمنا مهنةَ |
| الإِحتراب، وجعلَ القتل هواية.. |
| لنُمَزِّقْ الكتبَ الفلسفية التي فَرَّقَتْنا، |
| حتى صار لجسدنا عشرون خارطة.. |
| وأضحى النهرُ المتوحِّدُ مئات السواقي، |
| فأصْحَرَت الحقولُ من أجل أنْ تخضَرَّ |
| بعض الحدائق.. |
| إن الأشجار المتناثرة ليست بستاناً! |
| * * * |