| يا جَفْنُ لَنْ يأتي لكَ الوَطَنُ |
| فاغْمَضْ.. عسى يرتادُكَ الوَسَنُ |
| وعسى طيوفُ الأهلِ تطرقُنا |
| ليلاً فَتَغْمرُ قَفْرَنا المُزَنُ! |
| فاسْدِلْ ستائرَ مُقْلَةٍ ذَبُلَتْ |
| لمّا أغارَ بَخِيْلِهِ الزَمَنُ..! |
| حَرَثَ الضنى وجهي فما بَقِيَتْ |
| غيرُ الظِلالِ، كأنَّهُ الدِّمَنُ |
| فكأنني طَلَلٌ تَسِفُّ بهِ |
| ريحُ الأسى، والصُبْحُ مُرْتَهَنُ |
| شَيَّعْتُ أحلامي – وقد وُئِدَتْ |
| لمّا سمعتُ أَحِبَّتي دُفِنُوا |
| مَدْمِيَّةٌ روحي، فما نَجَحَتْ |
| في صبرِها – إلاَّ وَتُمْتَحَنُ! |
| فإذا اقْتَلَعْتُ الرمحَ من جسدي |
| غَرَسَ الأسى رمحين، والوَطَنُ!! |
| أَفَكُلَّما نَفَّضْتُ مركبتي |
| نَفَضَتْ عليَّ جراحَها المُدُنُ؟ |
| * * * |
| واسْتَعْصَت الذكرى فما طَرَقَتْ |
| حَدَقاً تَحَجَّرَ دَمْعُها الخَشِنُ! |
| هي لَعْنةٌ أنْ لا يرى وطني |
| حقلَ الأمانِ، ولا ترى اليَمَنُ؟ |
| أَعْلَنْتُ عِصياني على فرحي |
| فَرْداً، وحول عشيرِنا الدَرَنُ |
| يا قلبُ أَصْدِقْني لقد كَثُرَتْ |
| منكَ النِّصالُ عليَّ.. والإِحَنُ |
| في كل يومٍ تَشْتَهي حُلُماً |
| تشقى به الأمواجُ والسَّفَنُ |
| قلبي أنا خَصْمي! يُحَرِّضُني |
| ضِدِّي فَيَشْقى الناسِكُ الفَطِنُ |
| أَضْنَيْتَني يا قلبُ، أيُّ هوىً |
| هذا الذي برؤاهُ أَنْسَجِنُ؟ |
| يا سُهْدُ: ما يُغْرِيكَ في رَجُلٍ |
| عَدَت الصروفُ عليهِ والمِحَنُ؟ |
| هي مقلةٌ؟ أَمْ أنها وطنٌ |
| تغفو وراءَ جفونِها مُدُنُ؟!! |
| واسْتَعْذَبَتْها النارُ، ما انْطَفَأَتْ |
| إلاَّ وَيَنْفُخُ جَمْرَها الشَجَنُ! |
| عِشقي يُشُهِّرُ بيْ، فيخذلني |
| صبري، وَيَفْضَحُ جَذْرَهُ الفَنَنُ! |
| بعضي يقاتلني.. فيا قَلَقي |
| حتى متى يتخاصَمُ البَدَنُ؟ |
| يا سُهْدُ رِفْقاً في مُشاكَسَتي |
| لقد اكْتَهَلْتُ وَهَدَّني الوَهَنُ |
| واحْتَلَّت الأيامُ من جسدي |
| والقيدُ، والتشريدُ، والدُّجَنُ |
| للوَجْدِ أَسْرارٌ مُكَتَّمَةٌ |
| رُغْمَ الخَفاءِ كأنَّها العَلَنُ! |
| يا سهدُ أحداقي سَتَفْضَحُني.. |
| تبكي على مينائِها السُّفُنُ |
| يا سهدُ أجفاني مُسَمَّرَةٌ.. |
| والليلُ عند مُشَرَّدٍ كَفَنُ! |
| جذري على ضِفَةِ الفرات غَفا |
| يشكو الجَفافَ، وها هنا الغُصُنُ |
| * * * |
| نَسَجَتْ على بغدادَ من شَغَفٍ |
| أهدابَها ثوباً، وَقَدْ طَعَنوا
(1)
|
| تبكي وتِستبْكي مصائِبَها.. |
| إن العِراقَ لمقلتي: رَسَنُ |
| يا سهدُ: هل ثأرٌ؟ علام إذَنْ |
| هذا العَناءُ، وذلك الضَغَنُ؟ |
| إنْ كنتَ تَسْتَهوي مُنازَلتي |
| زِدْ ما تشاءُ، فأنتَ تُمْتَحَنُ |
| فلسوفَ تلقى في مُجالَدَتي |
| صَخْرَ العَنادِ، أنا له السَكَنُ! |
| أَقْسَمْتُ أُرْدى واقفاً فأنا |
| نَسْلُ النخيلِ، ومنه بي سُنَنُ |
| الكبرياءُ رَضَعْتُها لَبَناً |
| وإذا انْجنيتُ: يُذِلُّني اللَبَنُ! |
| فإذا انْتَصَرْتُ: أضفْتُ لي شَرَفاً |
| وإذا قُتِلْتُ: فللتقى ثَمَنُ |
| يا سهدُ كمْ من حُفْرَةٍ لفتىً |
| جرداءَ، تَحْسِدُ مجدَها القُنَنُ؟ |
| أسمى المنى موتٌ على شرفٍ |
| لِتَضُمَّني في روضِها "عَدَنُ"
(2)
|
| * * * |