شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تكاثرت الظباء على خراش
ـ إلى أصدقائي الثلاثة..
أذكر أسماءكم حسب الترتيب الزمني لما كتبتم.. ابن بطوطة وأظنك حمد القاضي، والكاتب المترسل صاحب الرسالة الموجهة إلي في جزيرة المساء أو مساء الجزيرة كما كتب عني فأنشدت..
تكاثرت الظباء على خراش
فما يدري خراش ما يصيد
فابن بطوطة ما كتب عني وما كتب إلي وإنما كتب عن نفسه وإلى نفسه. وجعلني الموضع يتنفس. يكتب آلامه ونقده وصفوته وجفوته، كأنه ساعة أن كتب إلي كان يعيش أزمة خانقة اختنق بها القلم فسال رعافه أنت تريد أن أكون غير ما كنت مع أنه لا تبديل لخلق الله، فكثيراً ما أعجز عما أريد لأكتب ما يراد، وأنت حين عجزت أن تكتب موضوعك كما تريد أردت أن تكتبني كما أردت.
فحين ألقاك أشعر ببهجة الود وحين قرأتك أو استقرأتك في اليوم الأول من شهر صفر سنة 1403هـ لأنه قد غاب عني أستقرئه يوم كتبت.. حين ذلك شعرت بومضة الحب، فهنيئاً لي بك. وأرجوك أن لا تشقي نفسك بمن تقيد كاتباً ولا يستطيع أن ينطلق مكتوباً بابك أو مقروءاً لك. فالقيد ليس قيد القلب وإني سأفجعك لأقول إنه قيد الجيب، وأنت لبيب بالإِشارة تفهم.
أخي.. صاحب الرسالة في المسائية.
أتاني حين استقرأتك أنك أبيت اللعن. ترسل الثناء عليّ تبرقعه بالإِغراء فأنت أرفع شأناً من أن ترسل الهجاء. كان ثناؤك يتوازى مع إغرائك أو هما قد تساويا.
فقد برقعت الإِغراء ببرقع كالذي على وجوه العرب الأتراب يتنقبن ليتلقفن، تجدهن شرق المدينة أو في حرة خيبر، جعلتني أعيش مع الرقعة هذه حتى إذا أسفرت سافرت إليك بكلمتي هذه أشكرك ولا أكفرك، غير أنه عزيز علي ألا أكتب في ((الجزيرة)) أو في ((المسائية)). فالجزيرة وطني. والمساء سكني، ولكن صداقة القلب باقية، والكذب مع الحبيب يحرمني الرديف من زيادة دخل أتوسع به، فقد تقيدت أن أكتب في جريدة ((الشرق الأوسط)) بأجر معلوم. وأن أكتب في ((عكاظ)) بأجر كذلك، فهل أترك الأجر أم أضع قلمي في مزاد علني؟ فمن أغلى اعتلى. أتراني فضحت نفسي لأتستر أمامك أم هو كما قال الشاعر:
يقضي على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
الحسن أن أنتشر كما تبغي. وغير الحسن أن أنحصر في ما أبغي.
إن هذه البرقعة على وجوه العرب الأتراب تبرقعت بها رسالتك فالبراقع عليهن باطنها فيها الرحمة وظاهرها من قبله العذاب. فقد عذب كلامك وفيه الكثير من التعذيب.
أخي علوي الصافي..
قبل أن استقرىء مقالك في مجلة ((الفيصل)) بدقائق تذكرت أنك نسيتني حتى جهلت أني كنت على سفر فلم تدر أني قد وصلت، لقد تعوّدت منك أن تتلفن إلي فأتلفن مقالي إليك، ولم تمض تلك الدقائق حتى جاء ابني المحرر في ((عكاظ)) عبد الكريم يعقوب فقرأ علي مقالك. فجعلتني موضوعاً تتبرقع به بينما كان الموضوع ينبىء عن صفوتك للصفوة من أصدقائك وجفوتك لهم لأنهم لم يصادقوا الحرف في الوقت الذي تريد أو كيفما تريد، كنت أنتظر أن تتلفن إلي ولكني أجلت الانتظار لأني سأكون في الرياض إن شاء الله يوم الأحد السادس من شهر صفر.
عتبت فلم أغضب. أو أنك أغضبت فلم أعتب، ولكن غضبك لم يكن موجهاً إلي وإنما هي ثورة في نفسك على الكاتب تريده لك ولإِخوانك القراء ليس عبر مجلة ((الفيصل)) فحسب وإنما عبر أي قرطاس تسود فوقه الحروف.
فأنا أعرفك لست من أصحاب ((الأنا))، فما أحلى الكاتب وما أجمله أن يكون من أصحاب الـ (نحن).
إن هؤلاء الأصدقاء وأنت منهم حين كتبوا أخذت أجتر كلامهم كالناب في مبركها تتخذ من العطن طرفاً فكلما حست بظلال شخص رغت تستغيث تظنه راكبها أو ناصرها.
إني كالناب حين رغت تطلب أن يبعد عنها الناس مع أنها أو مع أني ما كنت إلا للناس وبالناس، وسكن الأيام قُلَّبٌ والسنون تجعل من الضعف قوة لحب الحياة، ومن القوة ضعفاً يصيبها القرف من الأحياء.
شكراً لكم جميعاً، وأدام الله عليكم نعمة التفوق في كتابة الحرف وصناعة البيان.
على الهامش: ولعلّي لا أتجاوز على أحد من الكتّاب في جرائدنا اليومية والمجلات حين أدعوهم لأن يتركوا الحماسة جرياً وراء سبق الخبر ولعلّي أخص عكاظ الجريدة التي أكتب فيها بهذه الدعوة يسمع رئيس التحرير أو كاتب أو مخبر.. إلخ.. مسؤولاً تحدث عن قرار سيصدر عن الحكومة في شأن من شؤون الإِصلاح، عن التعليم مثلاً أو عن البنات أو عن أي مشروع آخر أو عن نقل موظف أو تعيين موظف آخر فيسرع بنشر الخبر طلباً للسبق، بينما القرار في حيز الكتمان والموظف ما زال معروضاً تعيينه وما أشبه ذلك.
إن هذا النشر قد يكون سبباً في تأخير كل ما نشر، وهناك سوابق أعرفها تأخر إصدار القرار فيه لأنه لا يزال رهن التعديل أو الموافقة، فالسبق معطل والنشر كأنما يضع المسؤول عن إصدار القرار في موقف يحتم عليه أن يتأخر في عرض القرار أو التعيين.
إن صحافتنا ليست مثل غيرها فضفاضة يتسع صدرها لما تضيق به الظروف. لو أن كاتباً نشر خبراً عن تعيين عضو في لجنة كذا فإن هذه كذا. قد يفوتها الصواب أو قد تفوت على من رشحت الإِصابة، ليكون عطلاً لا بإصابة الهدف.
إن التأني في نشر الأخبار التي ضربت لها المثل قد يعطينا فوائد كثيرة ولا يكون معطلاً لمصلحة كبيرة، والذين سبقوا بنشر الأخبار عما أشرت إليه يعرفون مدى التعطيل الذي تسببوا فيه، فدعوا الأمور تجري بالتوقيت المحدد لها، فسبق التوقيت يعني خطأ التوفيق.
صور:
((تلفن)) إلي أحدهم يسألني: من أين أتيت بكلمة ((مهرجوا لشوقي))، قلت: حفظت للإِمام علي كرم الله وجهه هذا الاشتقاق، قال رضي الله عنه:
مهرجونا كل يوم هكذا. من هنا أخذت هذا الاشتقاق. وأزيدك أن الاشتقاق من الجامد جائز فقد تعلمنا من القدامى علماء اللغة كلمة ((ذهب)) و((فضض)) و((حجر)) و((جدر)) فهم يشتقون من الجامد.. وقد أجاز مجمع اللغة ذلك.
وقد قرأت للأمير شكيب أرسلان أمير البيان كلمة ((تلفنت له)) فوجدتني أستعملها، كما أني حين كنت أذيع ((كلمة ونص)) اشتق من كلمة ((برنامج)) يبرمجه محمد حسين زيدان وقلدت أهل الحفاظ على اللغة وهم المغاربة فلا أقول التلفزيون وإنما أقول التلفاز وتلفزت لكم وهذا الحديث ((المتلفز)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :551  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 414 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.