شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كاريكاتير المتنبئ
ـ والمتنبىء ((أحمد بن الحسين أبو محسد)) شاعر ملأ الدنيا، مادحاً وفاخراً، وهجاء.. قد طرز كل ذلك، بأنه الحكيم، صاغ الحكمة، فلن تجد من يكربه أمر، من المثقفين، والمتأدبين، إلا وفي شعر المتنبي، ما يتمثل به، ما يتنفس به.
لكن هذا الشاعر العظيم - وكان الدهر من رواته - من حلب يصل شعره، إلى قرطبة، في أيام ما أبعد الاتصال فيها، وما أشقى الوصال بها، في فترة كانت الأحداث، أبعد من أبعاد الأرض، وأقرب من أي صلة، صانعة القطيعة.. لكن لغة العرب، ظلت هي القربى.. في ((قرطبة)) تفرح بالمتنبىء، وفي ((شنقيط)) يحفظون المتنبىء، وتصفق ((بغداد)) لأبنها المتنبىء، فالكوفي بغدادي.
هذا الـ ((متنبي)) قد متع نفسه بأن يكون ساخراً.. فقد قرأت ((طه حسين)) وهو يقف أمام هذه الأبيات، قالها المتنبىء في شبابه، يصفق لها الدكتور العميد، وهي:
لقد أصبح الجزء المستغير
أسير المنايا أسير العطب
رماه الكناني والعامري
وتلاه للوجه فعل العرب
كلا الرجلين ائتلا قتله
فأيكما غر حر السلب
وأيكما كان من خلفه
فإن به عضة في الذنب؟
قال هذه الأبيات، يسخر من تجمع أناس، ينظرون إلى فأر، قد أماتوه.
والمتنبىء يسخر من ((كافور الأخشيدي)) أبي المسك كما يسميه، بهذا البيت:
وأسود مشفره نصفه
يقال له أنت ((بدر)) الدجى
وفي بيت آخر، يسخر منه أيضاً:
يستخشن الخز حين يلمسه
وكان يبري بظفره القلم
هكذا المتنبىء، بكر الزمان.. ما رأى الناس ثاني المتنبىء.
أما جده - بكسر الجيم - الذي أعلن فيه الحسرة، فهو في هذا البيت:
أفاضل الناس أغراض لذا الزمن
ينجو من الهم أخلاهم من الفطن
يرحم الله المتنبىء، شبع فما ترف اللغة الشاغرة، فأشبع اللغة الشاعرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :828  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 361 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.