شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تمشية الأمور
ـ والكاتب يكرر نفسه لا عن رغبة في التكرار، ولا عن نقص في الحوار. وإنما بعض ما يكربه يتعبه. فيجتر ما كتب من قبل، يتنفس به حاضره ولئن وجد قارئ سبق أن قرأ ما كتبت فالكثرة القارئة الآن تستاهل أن أعيد.
لقد قرأت كلمة رسم بها أحمد بن الفرات رجل الدولة وزير المقتدر الخليفة العباسي قال:
((تمشية الأمور على الخطأ خير من الوقوف بها عند الصواب)).
إن أحمد بن الفرات حين استوزره المقتدر وسلطان العباسيين يتأرجح بين غضب العربي الذي أبعدوه، ومع وطأة الشعوبية التي احتدم الصراع بين فريقيها.
فالفرس بعد نكبة البرامكة وعزمة المعتصم قد فقدوا سلطانهم، وأعطى المعتصم أخواله الترك نفوذ السلطان. وفي هذا الكرب الكارب نبغ أحمد بن الفرات، فإذا هو يصلح الأمور. ولكن الحواشي والبطانة والأذن السماعة للوشاة نكبت ابن الفرات. فلم يمض وقت حين حتى كان يعيش النكبة، اشتعل الفساد وتعثرت الأمور، فصحا المقتدر من غفوة الغضب إلى صفوة الرضا فأطلق أحمد بن الفرات وأعاده إلى مكانه الأول. وبدأ أسلوب الإصلاح، وظهر ذلك جلياً، فإذا الوشاة يخسرون، وإذا الأصفياء يسألون.. كيف تصلح الأمور يا أحمد؟
قال: إن سياستي هي.. تمشية الأمور على الخطأ خير من الوقوف بها عند الصواب.. فحين أتوقف أنتظر الصواب يفوتني كثير من الإصلاح.
أنا لا أتعمد الخطأ، ولكن حين يقع فذلك درس تلقيته وتجربة وعيتها.
حين أصلح عشرة من الأمور فإني لا أندم على الخطأ الحادي عشر. يكفيني أن كسبت الدولة عشرة أمور صائبة.
يرحم الله أحمد بن الفرات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 251 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج