شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أسود رأس!
ـ وحين أريد أن أضحك على الكرب، فالثكلى حين تكرب تزيح الحزن بضحكة كأنما هي تسخر من هذا الذي أكربها. ففي المثل يصفون الأمر الكارب بقولهم: ((يضحك الثكلى ويبكي الحليم)).
وكفانا بكاء، فلم تعد الدموع شافعة لدى الطغاة، وقد يكون في الضحك سخرية من الطغاة.
من هنا عدت إلى ((كليلة ودمنة)) أضحك من الخيل فالقصة التي أكتبها الآن أستعيرها من ((كليلة ودمنة)) تعطيني خلاصة ما تعلمناه من جداتنا ((لا يغشوك الناس، ترى بني آدم أسود الرأس)).
ولا أدري ما هي العلاقة بين سواد الشعر على الرأس وسواد القلب من عدم الإِحساس: لكن هكذا جداتنا قُلن لنا.
ونأتي إلى ابن المقفع، نأخذ هذه الحكاية، أكتبها بأسلوبي، وبعيد أن أبلغ أسلوب ابن المقفع.
قال وصل رجل قد أمضه العطش يقف على حافة بئر ومعه دلو يحمله من يجوب الصحراء، فأدلى دلوه، ورفعه يجذبه، فإذا مع رشفات من الماء قرد قد تعلق بالحبل كان في قاع البئر. وأدلى الدلو مرة ثانية، وحين جذبه تعلقت به حية. ومرة ثالثة تعلق به قط برّي وأخذ يدلو الدلو للمرة الرابعة فإذا القرد والحية والقط يقولون له:
إن في قاع البئر إنساناً لا تخرجه، لا تنقذه، فابن آدم خؤون.
وعصاهم جوّاب الصحراء يُنقذ أخاه الإِنسان. كأنما البئر من آبار الأنباط، ملساء قد حُفرت بالإزميل، حفرها أصحاب الرس.
وسألوه أين تذهب؟
قال: إلى عاصمة هذه الأرض، مدينة التفاح والصنوبر.
فقال الجميع: نحن من أهلها. فإن القرد أسكن الأشجار حولها.
وقالت الحية أنا أسكن جُحراً في سورها وقال القط أنا أجوب بيوت المدينة.
وقال الإِنسان الذي كان في البئر أنا صائغ، أتجر بالجواهر من كل نوع فإذا وصلت إلى المدينة تعالى إليّ.
وتفرقوا وبينما جوّاب الصحراء وقد سكن غرفة في أحد الأربطة جاءه القط بعقد ثمين من الجوهر. يقول له: لقد وجدت لك هذا، وفاء لصنيعك، فأخذ العقد وذهب إلى صديقه الصائغ. فنظر الصائغ إلى العقد وحامله وقال:
ـ اتركه لي إنه ثمين.
وما كاد يمضي النهار حتى وصل الجلاوزة (الشرطة) يأخذون جوّاب الصحراء، وإلى السجن، لأن العقد كان حلية في جيد بنت السلطان.
وسمع القط فذهب إلى الحيّة وأحضرا القرد. عقدوا مؤتمراً للمشاورة ولإنقاذ منقذهم. خطّأوا القط حين سرق، وقال القرد: لا حيلة لي. فقالت الحية: أنا لها، وأنت أيها القرد بعد.
وأسرعت الحيّة تلدغ بنت السلطان، فَجَنَّ جنون القصر وأصاب العاصمة ذهول، وأسرعوا إلى الأطباء فلم ينفعوا بشيء.
وانسلت الحيّة تتخفّى، ترسل كلمة في القصر.. إن شفاء الغالية هو عند السجين الذي لم يسرق العقد وأسرعت الحيّة إلى السجين ومعها ورق أخضر، ترياق جلبه القرد من الغابة. فقالت للسجين:
ـ إذهب إلى القصر، إنهم سينادونك الآن، وعالج بنت السلطان بهذا الترياق.
ولم يلبث السلطان قليلاً حتى أحضروا أمامه السجين يقول:
ـ عالج بنتي وأنت طليق.
فعالجها حتى شفيت. ودخل على السلطان يروي له قصة العقد ووفاء الحيوان وغدر الإِنسان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :708  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 250 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج