شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خُبَيْبُ بن عَدِي
من أصحاب الرجيع، وأول من صلب في الإسلام، وأول من سن صلاة ركعتين عند القتل، وقد أستحسن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صنعه عند القتل من الصلاة ركعتين وقال عنه: هو رفيقي في الجنة فقد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة بعد أحد رهط من عضل والقارة، وهما قبيلتان من الهون ابن خزيمة بن مدركة، وقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من أصحابك، يعلموننا شرائع الإسلام ويقرئوننا القرآن، ويفقهوننا في الدين، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم معهم ستة من أصحابه، من بينهم خبيب فخرجوا معهم حتى إذا كانوا على الرجيع وهو ماء لهُذيْل بناحية الحجاز بين عسفان ومكة على صدر الهداة، غدروا بهم، فاستنصروا هذيلاً فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم فقالوا لهم أنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد أن نصيب بكم من أهل مكة ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم. فأبى بعض أصحاب خبيب أن يقبلوا من هؤلاء المشركين عهداً وكان من هؤلاء عاصم بن ثابت الذي قال:
ما علتي وأنا جلد نابل
والقوس فيها وتر عنابل
تزل عن صفحتها المعابل
الموت حق والحياة باطل
وكل ما حمّ الإله نازل
بالمرء، والمرء إليه آيل
ثم قاتل مع من أبي عهد المشركين حتى قتلوا، أما حبيب والباقون فقد لانوا ورقوا ورغبوا في الحياة، فمدوا أيديهم فأسروهم وخرجوا بهم إلى مكة ففر عبد الله بن طارق في الطريق في (الظهران) فقتلوه بالحجارة وقبره هناك رحمه الله. وبقي خبيب وزيد بن الدثنة فباعوهما لقريش بأسيرين من هذيل كانا بمكة، فاشترى خبيباً حجير بن أبي أهاب لعُقبة بن الحارث بن عاقر ليقتله بأبيه، واشترى زيداً صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف، وسجنوا خبيباً قبل أن يقتلوه عند ماوية مولاة حجير بن أبي أهاب وقد روت هذه بعد أن أسلمت حديثاً عنه وهو في السجن عندها قالت: كان خبيب عندي حبس في بيتي فقد أطلعت عليه يوماً وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الرجل، يأكل منه وما أعلم في أرض الله عنباً يؤكل. ولقد قال لي حين حضره القتل: ابعثي إليّ بحديدة أتطهر بها للقتل، فأعطت غلاماً من الحي الموسى فقلت: أدخل بها على هذا الرجل البيت، ثم قالت فوالله ما أن ولى الغلام بها إليه حتى قلت ماذا صنعت!! (أي ندمت) لقد أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام فيكون رجلاً برجل، فلما ناوله الحديدة (الموسى) أخذها من يده ثم قال للغلام: لعمرك أما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي؟ ثم خلي سبيله. ثم خرجوا به في حشد كبير إلى خارج الحرم حتى لا يقتلوه فيه فخرجوا إلى (التنعيم) في الحل خارج مكة ليصلبوه فقال لهم: دعوني أصلي ركعتين فقالوا: صلِّ. فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم أقبل عليهم وقال لهم: لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعاً من الموت لاستكثرت من الصلاة، أو قال لطولت صلاتي، ثم أدار نظره في الواقفين من المشركين الذين جاءوا ليشهدوا قتله فلم ير إلا شامتاً أو إنساناً في يده حجر أو عصا فقال: والله ما أرى إلا وجه عدو ثم قال: (اللَّهم ليس ها هنا أحد يبلغ رسولك عني السلام فأقرئ رسولك وأصحابه مني السلام).
وكان الرسول في هذه اللحظة على المنبر (في المدينة) فرد عليه السلام وأخبر أصحابه. وتقدم عقبة بن الحارث وأبو هبرة العبدري وغيرهم ليصلبوه فرفعوه إلى الخشبة فقال:
اللَّهم أنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا ثم دعا عليهم وقال: اللَّهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً. وطلب وهو على الخشبة ممن صلبوه أن يكبوه على وجهه مستقبل القبلة ليقتلوه وهو ساجد فرفضوا ذلك وقد قال يصف حاله:
لقد جمع الأحزاب حولي وألَّبوا
قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهمُ مبدي العداوة جاهد
علي لأني في وثاق بمضبع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم
وقربت من جذع طويل ممنع
إلى اللَّه أشكو غربتي ثم كربتي
وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبِّرْني على ما يراد بي
فقد بضعوا لحمي وقد يأسوا مطمعي
وقد خيروني الكفر، والموت دونه
وقد هملت عيناي من غير مجزع
وما بي حذار الموت إني لميت
ولكن حذاري جسم نار ملفع
ثم قال مستهزئاً بمن رفضوا تحويل خشبته نحو الكعبة:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً
على أي جنب كان في اللَّه مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك على أوصال شلو ممزع
إلى أن قال:
ولست بمبد للعدو تخشعاً
ولا جزعاً، إني إلى اللَّه مرجعي
ثم قتلوه مستدبر الكعبة فتحولت خشبته حتى صار مستقبل الكعبة. يقول ابن عباس: ولقد قال بعض المنافقين عنه وعن أصحابه بالرجيع: يا ويح هؤلاء المنافقين فقال وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (البقرة : 204) إلى أن قال سبحانه في حق من قتلوا في الرجيع: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ (البقرة :207).
ولقد بكاه حسان بن ثابت فكان مما قاله:
ما بال عينك لا ترقى مدامعها
سحًّا على الصدر مثل اللؤلؤ القلق
على خبيب فتى الفتيان قد علموا
لا فشل حين تلقاه ولا نزق
فاذهب خبيب جزاك اللَّه طيبة
وجنة الخلد عند الحور في الرفق
رضي الله عنه وأرضاه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :612  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 152 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج