شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الذكرى الوطنية (1)
غادر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود عاصمة ملكه الرياض في 13 ـ 4 ـ 1343هـ الموافق 11 ـ 11 ـ 1924م على رأس جيش من الحضر والبادية من خيرة رجاله بلغ عددهم خمسة آلاف وذلك بعد أن جاءته البشرى بدخول الأخوان بقيادة ابن بجاد والشريف خالد بن لؤي لمكة المكرمة وانسحاب الملك علي بن الحسين إلى جدة. وبوصول هذا الخبر السار.. خطب الملك في الجمع خطبة مؤثرة هذه خلاصتها:
إن الله منّ علينا وعلى أهل نجد بالدخول للبيت الحرام بعد أن منعنا منه عدة سنين بدون ذنب جنيناه أو جرم اقترفناه، ثم أصدر أمره بالسفر إلى مكة، وفي 13 ـ 4 ـ 1343هـ خرج الموكب السلطاني تتقدمه كشافة تتقدم الموكب إلى مقدمتهم حامل العلم السعودي تتلوه أعلام الألوية وقبل سفره بعث إلى بلدان نجد أن يلتحقوا به في الطريق سواء كانوا من جند أم حضر، وأخذ السلطان في سيره قاطعاً الطريق في ثلاثة وعشرين يوماً على ظهور الإبل، وكلما مر على بلد التحق به من أراد السفر معه، كما كان الفقراء يجلسون على قارعة الطريق يلتمسون إحسانه فيمنحهم السلطان منحاً سخية من النقود التي كان يحملها لهذه الغاية في اسفاره وغزواته..
بعد ثلاث وعشرين ليلة وصل السلطان للبطح واعتمر ومن معه فدخل الكعبة المشرفة وطاف وسعى شاكراً المولى على ما أنعم به عليه سالماً غانماً. وفي مساء ذلك اليوم اجتمع بكبار علماء مكة وأعيانها وخطب فيهم خطبة دينية سياسية حرية بأن تكتب بماء الذهب في تاريخ آل سعود الغر الميامين وختمها بقوله: ((إن كان في خطبته ما يخالف كتاب الله فردوه وسلونا ما يشكل عليكم والحكم بيننا وبينكم كتاب الله وما جاء ي سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وإننا لم نطع محمد بن عبد الوهاب ولا غيره من العلماء إلا فيما جاءوا به من كتاب الله وسنة رسوله. عندئذ انبرى بعض علماء مكة طالبين الاجتماع بعلماء نجد والتباحث معهم في بعض الأصول والفروع فاستجاب لطلبهم فاجتمعوا وتباحثوا وبعد الاجتماع أصدر علماء مكة بياناً جاء فيه ما ملخصه: إننا اجتمعنا بعلماء نجد وحصل الاتفاق بيننا وبينهم في أهم المسائل منها: إنه من جعل بينه وبين الله وسائط من خلقه يدعوهم ويرجوهم في جلب منفعة أو دفع ضرر فهذا كافر يستتاب ثلاثاً فإن تاب فبها وإلا قتل، ومنها: تحريم البناء على القبور وإسراجها وإقامة الصلاة فيها فإن ذلك بدعة محرمة في الشريعة. وبعد هذا البيان صدر بلاغ رسمي نشر بين الجمع الحافل وتلاه اجتماع عام في اليوم الثاني خطب فيه السلطان خطبة بليغة منها:((أريد رجالاً يعملون بصدق وإخلاص حتى إذا أشكل على أمر من الأمور رجعت إليهم وعملت بمشورتهم وبذلك تكون ذمتي سالمة ويكونون هم المسؤولين)). وقال: ((أريد الصراحة في القول وثلاثة أكرههم ولا أقبلهم: رجل كذاب يكذب علي متعمداً ورجل ذو هوى، ورجل متملق، إلى آخر تلك الخطبة البليغة. ثم دعا عظمته لتأسيس مجلس وطني فاجتمع بدار البلدية بمكة العلماء والأشراف والأعيان والتجار وانتخبوا منهم لجنة مكوّنة من أربعة عشر عضواً برئاسة سادن بيت الله الحرام عبد القادر الشيبي ونادوا بعبد العزيز ملكاً على الحجاز فقبل منهم عظمته بعد إلحاح. بعد هذا تابع الملك عبد العزيز سفره إلى جدة مع قواته حيث كان الملك علي بن الحسين أخذ يجهز قواته مما تبقى من جنود والده وممن جلبهم من المرتزقة من سورية وفلسطين، وبدأ الحرب في الرغامة ظاهر جدة في شرقها ولم يكن جنود الملك علي في قوة جيش لنضوب المال لدى الملك علي إذ لم يبق في خزانة حكومته ما يؤدي به رواتب للجند، إختل النظام وبدأت الفوضى في الجنود وقل الزاد فاضطر الملك علي إلى التنازل عن الملك للملك عبد العزيز بدون قيد ولا شرط وأبلغه تنازله بواسطة المعتمد البريطاني بجدة فبعث المعتمد إلى الملك عبد العزيز يبلغه بقرار تنازله بدون قيد ولا شرط حيث لم يكن هناك اتصال بين الملكين إلا بواسطة دار الاعتماد البريطاني باعتبار أنها صديقة للطرفين ـ فتفضل الملك عبد العزيز بأن يأخذ الملك على كل ما يملك من أمواله ونقوده حتى خيوله وعبيده.. كما أصدر العفو عن أتباعه ووزرائه وتوجه الملك علي إلى العراق لدى أخيه الملك فيصل بن الحسين ملك العراق يومئذ فمكث هناك مع أتباعه وأشياعه حتى توفاه الله.. وهكذا لم تلبث حكومة الأشراف سوى تسع سنوات من إعلان الحسين بن علي ثورته في شعبان عام 1334هـ فسبحان الذي بيده الملك يعطي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء إنه على كل شيء قدير)).
وبعد تمكن الملك عبد العزيز من بسط حكمه في الحجاز ونجد وعسير توجه إلى الرياض وأقام ابنه الأمير فيصلاً نائباً عاماً عنه في الحجاز وأخذ يتمشى مع نظم الإصلاح والعمران، وبنى المساجد والمدارس وأمر من رجاله الأكفاء لإدارة شؤون البلاد بالعدل والإصلاح وما زال يدير شؤون المملكة بعقله الكبير وسياسته الحكيمة طيلة نصف قرن حتى توفاه الله سنة 1373هـ فحمل أمانة الملك بعده ولي عهده سعود ثم الملك فيصل الذي أخذ يكمل ما بدأ به والده من الإصلاحات الكبرى لدعم قواعد المملكة وشاء الله أخيراً أن يقضي شهيداً مأسوفاً عليه رحمه الله وطيب ثراه وكان قد عهد لأخيه سمو الأمير خالد بولاية العهد وإدارة دفة الحكم من بعده، فحمل مشعلها الوضاء جلالة الملك خالد بن عبد العزيز وأناط أعمال المملكة بأخيه سمو الأمير فهد يعاونهما أخوتهما وفي مقدمتهم سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز ومن ولاه من إخوته وذويه مؤملاً عليهم الخير وإسعاد البلاد.. وفقهم الله جميعاً لصالح العباد والبلاد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :791  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 47 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج