شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مشيئة اللَّه
عاطف: وتقدرون فتضحك الأقدار.. يا أمين..
أمين: كيف يا عاطف.. ألست مستمتعاً بما نحن فيه.. خضرة.. وماء.. ووجه حسن كما يقول المثل…
عاطف: أما من حيث الاستمتاع والراحة فأقاربك يا أمين (شايلينا) على أكف الراحة ولكن…
أمين: ولكن ماذا؟
عاطف: أنا أحب البحر ونسيمه وأمواجه وهي تتكسر على الصخور محدثة أنغاماً محببة إلي.. ليت منازل أهلك تقع على ساحل البحر…
أمين: أما أنا فأحب مناطق الجبال لأن مناخها صحي ومناظرها الجميلة متعددة…
عاطف: أنسيت جمال حوريات الشواطىء والسواحل يا أمين.. وكيف…
أمين: كيف ماذا؟
عاطف: وقعت في شباكي وخرجت بهذه الجوهرة التي هي عندك الآن…
أمين: أجل والحمد لله ولكنني مع ذلك أفضل البر على البحر..
عاطف: وللناس فيما يعشقون مذاهب.. على كل حال أنا لا أفكر حتى الآن في الزواج حتى أجد الفتاة التي تروقني وأروق لها…
أمين: أخشى أن يفوتك قطار الزواج..
عاطف: أأنا عجوز إلى هذا الحد؟
أمين: ولكن الزواج قبل الأربعين أحسن…
عاطف: كيف؟
أمين: الأعمار بيد الله.. إذ لكل أجل كتاب…
عاطف: صدقت فالله تعالى يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ صدق الله العظيم (سورة لقمان آية 34).
أمين: صدق الله العظيم.. فعلم كل ما ذكرت منحصر في الله سبحانه وتعالء.. ولذلك فأنا أقول: زواج الإنسان أحسن قبل الأربعين حتى تكون هناك فرصة لتربية الأطفال… وأنت الآن في الثلاثين يا عاطف فمتى تضع القيد الذهبي في رجلك؟
عاطف: لعلّك على حق فيما تقول.. ولكني أعدك بأني إن شاء الله تعالى سأتزوج قبل بلوغ الأربعين إذ أمد الله في عمري…
أمين: جعلك الله من طويلي الأعمار.. وكبرك في طاعته…
عاطف: اللَّهم آمين يا رب العالمين.. على كل حال إن شاء الله عند ما نعود سوف نذهب في رحلة بحرية إلى الجزيرة المرجانية التي وعدتك بأن أريك إياها وما فيها من جمال..
أمين: إن شاء الله.. وإن كنت سلفاً أفضل ألا أقوم بأية رحلة بحرية…
عاطف: ألهذا الحد تخاف من البحر..
أمين: إنني كلما تذكرت وصف معاوية بن أبي سفيان للبحر عندما سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقوله: ((دود علة عود.. الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود”.. أكاد أموت من الخوف…
عاطف: ولكن المواصلات البحرية في أيامنا هذه تختلف عما كانت عليه أيام معاوية بن أبي سفيان..
أمين: يعني هل ستركب في غير الزوارق المعروفة؟
عاطف: ولكنها زوارق بخارية.. لم تكن على أيام الخلفاء الراشدين ولا الأميين..
أمين: هذا صحيح.. ولكن الراكب في الشكل واحد لم يزد عليها إلا الماكنة.. أليس كذلك؟
عاطف: بلى.. بلى.. ولكن هذه الماكنة وفَّرت للمركب نوعاً من الراحة والمتعة أكثر.. على كل حال أنت حر في أن تذهب معنا في حينه أو لا تذهب؟
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سلافة تقول):
سلافة: ماذا يشتغل الأستاذ عاطف يا سيدة غادة؟
غادة: من كبار الملاك والمزارعين. ومحاضر في كلية الزراعة..
سلافة: يظهر أنه على درجة عالية من التثقيف والمعرفة…
غادة: بلى.. بلى.. إنه بعدما أكمل دراسته الجامعية سافر للخارج للدراسات العليا وتخصص في (البستنة) أي زراعة البساتين…
سلافة: لا بد وأن عنده بساتين أشبه بجنان على الأرض…
غادة: أجل يا سلافة عنده مزرعة نموذجية يزورها السياح الذين يتوافدون على بلادنا..
سلافة: إذن فهي من معالم بلادنا السياحية.. أوه.. الآن تذكرت…
غادة: تذكرت ماذا؟
سلافة: يا لغبائي، قرأت عنها سلسلة مقالات في المجلة الزراعية الشهرية ورأيت صورة لعاطف وصوراً لما تحتويه المزرعة كما كنت أقرأ بحوثاً زراعية شيقة له فيها…
وأنت أين أكملت تعليمك يا سلافة؟
سلافة: في جامعة مونبلية بفرنسا..
غادة: إذن أنت أيضاً مختصة بالزراعة لأن جامعة مونبلية من اشهر جامعة العالم في الزراعة..
سلافة: أجل.. أجل..
غادة: وفي أي فرع كان اختصاصك…؟
سلافة: في أمراض النباتات…
غادة: يا سلام أنت لا شك فرع مكمل للأستاذ عاطف.. ليته يعرف…
سلافة: ماذا تعني يا غادة…
غادة: أعني أنك خير من يصلح زوجة له…
سلافة: أشكرك.. هو الأستاذ عاطف لم يتزوج بعد.. كنت أظنه متزوج وله أولاد…
غادة: إنه لم يجد بعد الفتاة التي تروقه ويروق هو لها على حد تعبيره…
سلافة: أصحيح هذا تعبيره؟
غادة: أجل وأبيك.. ما رأيك فيه…؟
سلافة: فيمن؟
غادة: في عاطف…
سلافة: أنا بالطبع لا أعرفه شخصياً ولم أسمع به إلا عن طريق بحوثه التي كان ينشرها في المجلة الشهرية.. واليوم..
غادة: واليوم ماذا؟
سلافة: رأيته يجلس مع أخي ومع زوجك فعرفته من صوره التي كانت تزين صفحات المجلة الزراعية الشهرية…
غادة: لم تجيبي على سؤالي يا سلافة.. ما رأيك فيه؟
سلافة: لا أستطيع الجواب على سؤالك ولو أني من أنصار القائلين بأن جميع الخلق ميالون بفطرتهم للخير والعمل الطيب وكتاباتك الأستاذ عاطف تدل عليه طيبة..
غادة: شكراً يا سلافة سأنقل ذلك له.. إنه أخي من الضراع..
سلافة: إنني سعيدة بهذا اللقاء يا ست غادة وأرجو أن يطول بقاؤكم بين ظهرانينا حتى نستمتع بزيارتك وعذب حديثك وحسن لقائك…
غادة: إنني أبادلك نفس الشعور وأشكر الظروف التي أتاحت لي معرفتك وأرجو أن تتكرر زيارتك طالما نحن هنا…
سلافة: سيسعدني ذلك فإلى اللقاء..
غادة: رافقتك السلامة وإلى اللقاء…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أمين يقول):
أمين: رأيتك هذا المساء منسجماً في الحديث يا عاطف مع فتى يحضر مجلسنا في منزل خالي لأول مرة…
عاطف: إنه الأستاذ سامي فتى على درجة عالية من العلم والمعرفة…
أمين: بماذا يشتغل؟
عاطف: بالأعمال الحرة وأنا أحب الشباب الذين يزاولون الأشغال الحرة..
أمين: الآن أدركت أسباب انسجامك معه…
عاطف: إن لديه مشاريع قيمة. سنتدارسها خلال الأيام التي سأمكثها هنا..
أمين: إذن فقد وجدت ضالتك..
عاطف: بلى.. بلى.. ويلوح لي أن سامي هذا طاقة هائلة وذكاء لماح…
أمين: إذن فأنت معجب به..
عاطف: أظن أننا سنتعاون معاً في إنجاز بعض مشاريعه بعد أن تتم دراستها…
أمين: وما هي مكانته المالية؟
عاطف: لقد أعطاني أسماء عدة بنوك بنوك لأسألها عن مركزه المالي…
أمين: إذن فهو فني علي كما يقول أصحاب البنوك..
عاطف: مليء مادياً وعقلياً…
(تدخل غادة وهي تقول):
غادة: ليتك رأيت أخته سلافة يا عاطف…
عاطف: أخت من يا غادة؟
غادة: أخت الأستاذ سامي…
عاطف: إذن كنت تسرقين السمع…
غادة: لست ممن يسترقون السمع يا أخي لأنك وزوجي لا تكتمان علي شيئاً…
أمين: ربما سمعتك يا عاطف وهي على وشك الدخول…
عاطف: ربما يا أمين لأني كنت أتكلم بصوت عالٍ…
أمين: من فرط إعجابك بسامي أليس كذلك؟
عاطف: بلى.. بلى..
غادة: وسوف تعجب يا أخي بأخته سلافة أكثر إذا ما رأيتها…
عاطف: أراك أصبحت خاطبة..
غادة: إذا كان لمثل سلافة فإنه يسعدني أن ألقب بخاطبة…
إذن فأنت يا غادة معجبة بالأخت كما أخاك معجب بالأخ.. يا لغرابة التوفيق…
لعلّ الله سبحانه وتعالى قد قدر شيئاً من وراء ذلك…
أمين: من يدري؟
عاطف: الله.. الله.. أراك أيضاً يا أمين اتفقت أنت وزوجك بأن تكون هي الخاطبة وأنت الخاطب (يضحكون)…
غادة: إنني وأمين دائماً متفقان على الخير.. وسلافة.. أراها الفتاة التي ستروق لك… إنها…
عاطف: إنها ماذا؟
غادة: إنها خريجة جامعة مونبلية ومختصة في طب أمراض النباتات…
أمين: إذن صادف شنٌّ طبقه…
عاطف: يا لبراعة الخاطب والخاطبة ولكن…
غادة: ولكن ماذا يا أخي؟
عاطف: ربما لا أروق لها يا أختاه…
غادة: إن سلافة معجبة ببحوثك في المجلة الزراعية الشهرية والإعجاب مقدمة طيبة لنهاية طيبة إن شاء الله…
عاطف: ما كنت أعرف أنك بارعة إلى هذا الحد..
أمين: إنها رأت شيئاً طيباً فأرادت ألا تحرم منه…
عاطف: على كل حال أنا أشكو لك ولأختي اهتمامكما بأمري وأرجو أن يختار لي الله ما فيه الخير…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت سلافة تقول):
سلافة: أراك منهمكاً يا سامي فماذا أنت مقدم عليه؟
سامي: إنني أريد أن أقدم للأستاذ عاطف دراسة وافية لمشروع زراعي تكلمت معه بشأنه في اجتماعي الأخير…
سلافة: وكيف وجدت عاطف هل هو جدير بهذه الدراسة..؟
سامي: أجل يا سلافة.. إنه شخصية واسعة جذابة واسعة الاطلاع والمعرفة متمكنة من عليها وفنها..
سلافة: أنا معك فبحوثه التي تنشر في المجلة الزراعية تكشف عن جوانب مشرقة من مواهبه…
سامي: إذن لم سألتني رأي فيه..؟
سلافة: أردت أن تستزيد في معلوماتي عنه فقد تكون خلال اجتماعك به اطلعت على أشياء لا تظهرها كتاباته…
سامي: حسناً.. وبعدما سمعت رأيي في الأستاذ عاطف ما رأيك أنت فيه؟
سلافة: أنا من رأيك أرضى لمن ترضى وأكره من تكره…
سامي: يعني أنت كما يقول المثل: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً…
سلافة: ولكني أعلم أنك دائماً مع الحق.. يا أخي…
سامي: شكراً.. شكراً.. سيلقي الأستاذ عاطف محاضرة في نادي الفلاحين غداً فأرجو أن لا يفوتك حضورها…
سلافة: سأكون في مقدمة المحاضرات…
سامي: لا تنسي أن تحضري معك سامية…
سلافة: سأتصل بها وعليك أنت أن تتصل بها أيضاً…
سامي: سأفعل..
سلافة: والآن أتركك فقد أخذت من وقتك الثمين ما أنت بحاجة إليه…
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت أمين يقول):
أمين: ها يا عاطف: أما تزال مصمماً على الإسراع في العودة لزيارة الجزيرة المرجانية؟
عاطف: أرى أن نتريث قليلاً.. ريثما ينتهي الأستاذ سامي من تزويدي بدراساته عن المشروع الزراعي…
أمين: المشروع الزراعي فقط أم هنالك مشروع آخر تريد أنت أن تنتهي من دراسته مع أختك غادة؟
عاطف: أنت تتكلم بالأحاجي والألغاز وأنا أحب الصراحة…
أمين: والهمسات التي تدور بينك وبين غادة هل هي حول صمتها وحالها…
عاطف: هل ذكرت غادة: لك شيئاً عن أي مشروع بيني وبينها..؟
أمين: غادة بئر ليس له قرار وأنت تلف وتدور كما يفعل أبرع الدبلوماسيين…
عاطف: قل لي ما هو المشروع الذي صوره خيالك أن يكون بيني وبين غادة؟…
أمين: أتريد الصراحة؟
عاطف: أجل.. أجل…
أمين: مشروع زواج…
عاطف: ممن؟
أمين: من سلافة…
عاطف: لو فرضنا أن ذلك فيه شيء من الصحة ولكني لم أر سلافة ولم ترني هي؟
أمين: على هامان يا فرعون…
عاطف: كيف..؟
أمين: وزيارتك أمس لدار أخيهما مع أختك غادة أكاد أجزم أنك رأيت سلافة بحضور أخيها…
عاطف: وأنا أجزم أن غادة هي التي حدثتك بذلك..
أتريد أن تحرمني من الاعتداد بذكائي.. وتحصره في نفسك..؟
لا.. ولكن زيارتي لدراساتي اختلتها بالسرية التامة ولم يكن معي إلا أختي غادة زوجتك…
أمين: صدقني أن زوجتي لم تقل لي ولكن سامي هو الذي قال لي…
عاطف: حسناً ما رأيك؟
أمين: أأنا الذي سأتزوج أم أنت؟
عاطف: أنا بالطبع ولكن ما رأيك في سلافة…
أمين: لقد صارحتك برأيي حتى أتهمتني بأني أقوم بدور الخاطبة.. إنها تصلح لك وتصلح كما قال الشاعر:
فلم تك تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لها
عاطف: وتقدرون فتضحك الأقدار….
صوت صادر من مكان بعيد: بسم الله الرحمن الرحيم، وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ صدق الله العظيم (سورة التكوير آية 29)…
 
طباعة

تعليق

 القراءات :590  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 83
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.