شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ 102 ـ
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى مبهجة نسمع بعدها همهمة وغمغمة مما يدل على اجتماع وأخيرا نسمع صوت سالم يقول):
سالم: بورك فيك يا حارث... لقد أديت مهمتك على الوجه الأتم..
الحارث: غريب أمر قائد الروم (بفحل).. كان من أخبث قوادهم وأمكرهم.
سالم: كيف يا حارث.. رسم خطة لايقاف تقدم المسلمين صوب دمشق حتى نستكمل استعدادها لمقابلة المسلمين وصدهم.. وفي نفس الوقت أراد أن يقوم بمباغتة المسلمين فيكسب اسماً مدوياً في الامبراطورية.
سالم: ولكن الله أركسه ورد كيده في نحره.. فوقع في شر أعماله..
وطفاء: إنه قائد فحل كما كان المرحوم زوجي يخبرني من أشد الناس كرهاً وبغضاً للعرب.. إنه كان يؤلب رجال الدولة الرومية ويوغر صدرهم علينا من العرب.. ويقضي على كل محاولة نقوم بها في سبيل التخفيف من قيود الاستبعاد بكل شدة وفظاعة.
لمياء: كيف عرفت يا حارث بمكيدة قائد الروم..؟
الحارث: عرفتها من أقربائي العرب الملازمين له..
وطفاء: وأبلغتها لشرحبيل بن حسنة.
الحارث: نعم.. فوجدت أن شرحبيل بن حسنة ومن معه مستعدين دائما لأي بادرة هجوم تصدر من جهة الروم.. إن هذا القائد المسلم يقظ وحذر جدا.. إنه من خيرة قواد المسلمين..
لمياء: لقد صقلته التجارب والأحداث.. فقد علمت من خولة بنت الأزور أن شرحبيل هذا اشترك في قمع حركات المرتدين وأبلى بلاء حسنا فيها..
سالم: والآن وقد سقطت في يد المسلمين أقوى قلعة أمامية فان الطريق إلى دمشق أصبح مفتوحاً في وجوههم.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى نسمع بعدها صوت المنادي يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. أميركم أبو عبيدة عامر بن الجراح يأمركم بالزحف صوب دمشق بعد أن فتح الله عليكم (فحل) هلموا إلى الجهاد في سبيل الله.. هلموا أثابكم الله..
علقمة: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ (الإنسان: 30).
زيد: صدق الله العظيم.
علقمة: كان الكتاب الذي ورد من الخليفة عمر بن الخطاب يأمرنا أن نبدأ بدمشق لأنها حصن الشام وبيت مملكتهم وأن نشغل عنها أهل (فحل) نجيل تكون بازائهم ومن نحورهم..
زيد: وبعد ماذا يا علقمة؟
علقمة: يقول الخليفة في كتابه لأبي عبيدة: فإن فتح الله (فحل) عليكم قبل دمشق فذاك الذي نحب، وإن تأخر فتحها حتى يفتح الله دمشق فلينزل بدمشق من يمسك بها. ودعوها وانطلق أنت وسائر الأمراء حتى تغير على (فحل).
زيد: ولكن الله فتح لنا (فحل) قبل دمشق وجعل طريقنا إلى دمشق حمدا وأكثر أماناً ويسراً..
(نسمع وقع حوافر الخيل وقعقعة السلاح وأصواتاً تعلو وتنخفض ثم نسمع موسيقى حربية وبعدها نسمع صوت قائد دمشق يقول):
قائد دمشق: لقد بعث الامبراطور هرقل مدداً كبيراً لنا بعد أن علم أن جيوش المسلمين تزحف نحونا.. فعلينا أن نثبت للامبراطور إن دمشق قلعة حصينة تتكسر على صخورها موجات المعتدين..
أصوات: بلى.. أيها القائد المبجل..بلى..
قائد دمشق: كيفار.. كيفار!
كيفار: سيدي القائد..
قائد دمشق: يجب أن تتفقد بنفسك يوميا أبواب دمشق وحراسها فتقوى ما يحتاج منها إلى التقوية كما يجب أن نجمع من المؤن والذخائر ما يكفينا لعدة شهور من الحصار..
كيفار: سأفعل ما أمرتني به سيدي القائد من حيث أبواب دمشق وحراس هذه الأبواب.. أما المؤن والذخائر فلدينا ما يكفينا ستة شهور على الأقل..
قائد دمشق: والمجانيق هل تثبتم من صلاحيتها للعمل وقدرة القائمين عليها.
كيفار: نعم سيدي القائد.. إن رماة المجانيق من أبرع جنود الامبراطورية في القتال بها..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت علقمة يقول):
علقمة: ها نحن نقترب من (جلق) عاصمة الغساسنة.. لقد بدأت تطوف بخاطري أطياف جميلة، وصور رائعة متعددة الجوانب والمعاني لهذا البلد..
زيد: أراك يا علقمة تحلق في سماء غير سماء المعركة التي نحن بسبيل الدخول فيها.. فماذا جرى لك..
علقمة: تذكرت حسان بن ثابت وهو يشنف أسماعنا بأشعاره في جلق وأرباضها وغوطتها ومغانيها.. تذكرت في شعره (البريص) و (بردى) وقوله:
يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفق بالرحيق السلسل
زيد: إنك تضمخ جو المعركة يا علقمة بعطر من الرؤى والجمال، وتلون سماءها بألوان زاهية باهية ونسمات حلوة عليلة تحمل نفحات زكية من ليالي الغساسنة.. وأمجاد الغساسنة..
علقمة: أراك يا زيد بدأت أنت تحوم مثلي في آفاق بعيدة المدى جسدها شعر حسان صوراً تنطق بما كان عليه الغساسنة من عز وسؤدد، وكرم ومحتد، وترف وبذخ، وتمدن وحضارة..
زيد: بلى.. يا علقمة.. بلى.. قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آل عمران: 26)..
علقمة: صدق الله العظيم..
(نقلة صوتية.. مسبوقة بموسيقى ساحرة نسمع بعدها وقع حوافر خيل.. وأصواتاً خافتة ثم صوت الحارث يقول):
الحارث: لقد تم احتلال المسلمين للمواقع الدفاعية الأمامية لدمشق في بصري وأذرعات..
سالم: ولم تكن للعدو أية مقاومة تذكر في هذه الاماكن..
لمياء: إذا كان المدافعون عن هذه الحصون من العرب فهم معنا، وإذا كانوا من الروم فقد قذف الله في قلوبهم الرعب بعد موقعة اليرموك.
وطفاء: ولكن أوقن أن المقاومة في دمشق ستكون شديدة وعاتيه..
الحارث: أنا من رأيك يا وطفاء لأن دمشق عاصمة سوريا وضياعها خسارة كبيرة للامبراطورية..
سالم: بلى يا حارث.. بلى.. ولهذا بعث هرقل امبراطور الروم أمداداً كبيرة إلى دمشق من جنوده في حمص وقنسرين.
لمياء: ولكن المسلمين تمرسوا قتال الروم فعرفوا كيف يكسبون كل معركة يدخلون فيها جندهم..
وطفاء: إن الذكاء اللماح عندنا نحن العرب ذخيرة حسية إذا استغلت كما يجب جاءت بالعجائب..
لمياء: صحيح ما تقولينه يا أختاه ولا فخر.. من كان يظن أن لدى العرب المسلمين موهبة حربية خارقة كالتي يتمتع بها خالد بن الوليد!!..
الحارث: لا شك أن خالد بن الوليد قائد موهوب.. ولكن الأيمان الذي أشرق في قلبه وقلوب إخوانه من المسلمين ولد ثورة عارمة في نفوسهم وعزما جادا دفعتهم إلى حب الاستشهاد في سبيل هذا الدين..
سالم: والشهيد عند المسلمين مصيره الجنة كما تعلمون.
لمياء: صدقت يا أخي صدقت.. لقد كنا مدفوعين من قبل إلى مساعدة العرب المسلمين بدافع من قوميتنا فإذا بدعوة هذا الدين بعد أن دخلنا فيه تطغى على كل الدوافع الأخرى..
وطفاء: الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الدين.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى حربية نسمع بعدها صوت المنادي):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. أميركم يأمركم بالتأهب لقتال الروم في غوطة دمشق.. هلموا إلى الجهاد في سبيل الله.. هلموا اثابكم الله..
علقمة: ها هي غوطة دمشق الفيحاء تطل علينا.. انظر ما أجملها..
إنها أشبه بنهر أخضر فسيح الجنات..
زيد: لله ما أروعها... لقد عذرت حسان بن ثابت حينما فتن بدمشق ورياضها وليإليها ومغانيها..
علقمة: سبحان الخالق القادر على كل شيء.
زيد: سبحانه وتعالى..
(نسمع موسيقى حربيه صاخبة ثم صوت قائد المسلمين يدوي معلناً بالقتال)..
القائد: إلى الأمام يا معشر المسلمين.. اهجموا على عدوكم.. أبيدوه فالجنة لمن صبر والله معنا..
(نسمع أصوات التهليل والتكبير.. ثم كر الخيل وفرها وسقوط القتلى وأنين الجرحى وصوت علقمة يقول):
علقمة: إن الروم يدافعون مستميتين عن كل شبر في الغوطة يا زيد..
زيد: لقد أمد هرقل دمشق بخيرة جنوده كما أخبرني أحد الأخوان العرب..
علقمة: ولكننا سنتغلب عليهم بإذن الله..
زيد: بإذن الله.
(نسمع أصوات قراع السيوف والرماح وكر الخيل وفرها وسقوط قتلى وأنات جرحى.. وأخيراً نسمع صوت لمياء تقول):
لمياء: هلمي يا أختاه نضمد جراح المسلمين.. فالدفعة الأولى من الجرحى تدل على أن المعركة حامية جداً يا وطفاء..
وطفاء: بلى يا أختاه بلى.. وأكثر الجرحى من المصابين بسهام الروم..
لمياء: لقد اتخذ الروم من أشجار الغوطة أوكارا لرماتهم.
وطفاء: إن مجال طراد الخيل ضيق يا لمياء والمعركة معركة رماة ومشاة.
لمياء: بلى يا وطفاء بلى.. اللهم ثبت أقدام المسلمين وانصرهم على أعدائهم يا رب العالمين..
وطفاء: اللهم آمين.. اللهم آمين..
المنادي: يا معشر المسلمين... يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. عدوكم يفر أمامكم.. حسوه بسيوفكم واحصدوه بنبالكم.. واقتفوا آثاره..
(نسمع أصوات التهليل والتكبير وسقوط القتلى وأنين الجرحى ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: بشراك بالنصر يا زيد..
زيد: البشرى مشتركة يا أخي... الحمد لله..
علقمة: الحمد لله.. لقد هربت فلول الروم إلى دمشق وتبعناهم ولكن رماة أسوار دمشق اوقفوا متابعتنا للفارين.. حين رمونا بالمجانيق والسهام النارية..
زيد: إذن سنحاصر دمشق يا علقمة..
علقمة: نعم.. وسيطول حصارنا لها كما أرى..
زيد: كيف يا زيد.. كيف...
علقمة: إن أسوار دمشق منيعة ومزودة بالرجال والذخيرة والعتاد..
زيد: انظر يا زيد إن أمراء جيوش المسلمين يتوزعون على أبوابها.. لقد خصص أبو عبيدة لكل أمير باباً من أبواب دمشق يكون مسؤولاً عنه..
علقمة: وها نحن ننزل مع خالد بن الوليد على أحد الأبواب.. سل من بجوارك عرب سوريا عن اسم هذا الباب..
زيد: إنه الباب الشرقي يا علقمة كما يقول:
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى خفيفة نسمع بعدها صوت (سالم) يقول):
سالم: أرى أسوار دمشق يا حارث محصنة تحصينا قويا بالرجال والعتاد.. ويلوح بي أن وقومنا سيطول أمامها..
الحارث: بلى يا سالم بلى.. لقد زودت دمشق بخيرة جنود الامبراطورية.
سالم: إنني أخشى إذا ما طال حصارنا لدمشق أن يجمع هرقل قواه المبعثرة ويضرب بها المسلمين بينما هم يحاصرون دمشق..
الحارث: سأندس يا سالم بين نصاري العرب ورهبان الأديرة في غوطة دمشق لعلي أستطيع الدخول بواسطتهم إلى دمشق والامتزاج بحراس الباب الشرقي الذي نحن أمامه عسى أن أجد وسيلة افتحه بها. وعندها تسقط دمشق في أيدي المسلمين..
سالم: لله رباطة جأشك وبراعة تفكيرك.. ولكن أتظن أن الأمر بالسهولة التي فعلتها يوم كنا محاصرين (فحل)..
الحارث: لا تثبط عزيمتي يا سالم.. إني لن أعدم وجنود كثير من العرب بين جنود الروم في دمشق وقد يكون فيهم من يؤمن بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :687  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.