شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة ـ82 ـ
زيد: انظر يا علقمة ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يهدي إلى يوحنا رداء من نسج اليمن.. وها هو يحوطه بكل صنوف الرعاية.. بعد أن اتفق على أن تدفع أيلة جزية قدرها ثلاثمائة دينار في كل عام.
(نسمع الضوضاء وجلبة إذ صوت علقمة يقول):
علقمة: ما هذه الضوضاء والجلبة يا زيد.. اذهب وسل..
((تقترب الأصوات... ثم نسمع صوت زيد يقول):
زيد: إنهم زعماء قريتي أذرح والجرباء... انظر ها هم يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروج يوحنا بن رؤبة وصحبه.
(نسمع جلبة دخولهم.. ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: انظر يا زيد.. ها هما زعيما قريتي أذرح والجرباء يعلنان الولاء والخضوع ودفع الجزية ويطلبان كتاب أمان من النبي صلى الله عليه وسلم فيجيب الرسول طلبهم ويأمر بكتاب الأمان.
زيد: إن منظر زعيمي قريتي اذرح والجرباء يدل على أنهما من العرب..
علقمة: نعم يا زيد.. إن صح حدسي فسماتهما سمات قبائل جهينة أو بني الحويطات فهذه القبائل كانت قبل الإسلام تنقل التجارة من وسط الجزيرة إلى شمالها.
زيد: ربما يوحنا بن رؤية من أصل عربي وتنصر قبل بزوغ الإسلام.
علقمة: لا يستبعد ذلك... فالنصرانية اكتسحت هذه المناطق تظللها حرب الروم..
زيد: صه يا علقمة ها هو زي بن ثابت يقرأ كتاب الأمان:
بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا كتاب من محمد النبي لأهل أذرح والجرباء إنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد وأن عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة والله كفيل بالنصح والاحسان إلى المسلمين.
(نسمع ضوضاء وجلبة ثم صوت علقمة يقول):
علقمة: لقد خرج زعيما أذرح والجرباء مكرمين معززين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هيا بنا إلى مقامنا..
زيد: ألا تود الانخراط في الحملة التي سيوجهها النبي صلى الله عليه وسلم بقيادة خالد بن الوليد إلى دومة الجندل لغزو أميرها أكيدر بن عبد الملك الكندي النصراني.
علقمة: ما أبعد آفاقك يا رسول الله.. لقد خشي انتقاض هذا الأمير النصراني ومعاونته جيوش الروم إذا جاءت من ناحيته.
زيد: إذا دعينا فلن نتأخر إما أن نتطوع فلست والله مستعداً لذلك فقد ذقت الأمرين من ويلات الصحراء قبل أن نبلغ تبوك..
علقمة: وأنا من رأيك يازيد.. أن بيننا وبين دومة الجندل مفازات وأودية وصحارى.. وخالد بن الوليد لا يعرف التعب ولا النصب بل يعرف كيف يكسب المعركة في سرعة البرق.
زيد: هل تظن يا علقمة إن النبي صلى الله عليه وسلم سيمضي في زحفه إلى ما وراء تبوك أو يكتفي بهذا الحد؟
علقمة: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في مجاوزة تبوك فقال له عمر: إن كنت أمرت بالسير فسر فأجاب الرسول لو أمرت بالسير لم استشركم فيه فقال عمر يا رسول الله إن للروم جموعاً كثيرة وليس لها أحد من أهل الإسلام وقد دنونا وقد أفزعهم دنوك فلو رجعنا هذه السنة حتى نرى أو يحدث الله أمراً..
زيد: وماذا كان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم؟
علقمة: أقر عمر على رأيه..
زيد: إذن فموعد عودتنا إلى المدينة قريب..
علقمة: لقد اشتقت للأهل والظل والماء.
زيد: نعم وأنت أليس كذلك؟
علقمة: كلنا ذلك الرجل..
(نسمع صوت المنادي... يقول):
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين رسول الله يأمركم بالتجهز للعودة إلى المدينة.
(نسمع صوت هميمة وغمغمة ثم صوت أحدهم يقول):
أحدهم: كنا نعتقد أن محمداً ومن معه سيدفنون في هذه الرمال فإذا بهم يدكون هذه الرمال دكاً.
الثاني: والغريب أن الروم الذين جاء محمد من أجل قتالهم فروا كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة..
الثالث: إن كلام أبي الراهب كله كذب وهراء.
أحدهم: وماذا قال أبو عامر الراهب؟
الثالث: قال لنا ونحن نبني مسجد الضرار تنفيذا لرغبته ومشورته إنه سيذهب إلى قيصر الروم ويأتي بجند من الروم يخرجون محمداً وأصحابه من المدينة وها نحن من مشارف الأرض الروم فلا نجد لهم أثراً.
الثاني: (ضاحكاً) فقد صدق محمد حين سماه بالفاسق.
الثالث: وأنا أربد أن أنعم على الفاسق بلقب آخر ليصبح الراهب الفاسق الكاذب.
((يضحكون))
أحدهم: لقد خرجنا عما اجتمعنا من أجله..
الثاني: صحيح... لقد اجتمعنا للتشاور في طريقة للخلاص من محمد فما لم تقدر عليه الرمال والصحارى سنقدر عليه نحن أنصار ابن سلول.
الثالث: إني وإن كنت غير واثق من نجاح أي خطة تدبر ضد محمد إلا أني معكم على الخير هاتوا ما عندكم..
أحدهم: لقد أذّن مؤذن محمد بالعودة وفي طريقنا إلى المدينة عقبة كؤود فاذا أخذ محمد في سلوكها دفعنا، عن راحلته إلى الوادي السحيق وهكذا يكون مصيره.
الثالث: رأي سديد إذا سلك محمد العقبة أما إذا سلك بطن الوادي فهل من خطة أخرى.
أحدهم: لكل حادث حديث... هل توافقون على الخطة وعلى أن تشتركوا جميعا في تنفيذها؟
الجميع: موافقون... موافقون..
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى الرحيل ثم سكون مطبق نسمع على أثره صوت ريا زوج أبي خيثمة تقول):
ريا: لا أدري يا وطفاء ماذا صنع الله بأبي خيثمة... إني أخشى أن يكون ابتلعته الرمال الزاحف.
وطفاء: إنه سيكون شهيداً لقد آثر الجهاد في سبيل الله واحتمال القيظ على الظل الظليل والزوج والخدين.
ريا: أرجو أن يعود إلينا سالماً..
وطفاء: يا رب استجب دعاءنا واكتب لأبي خيثمة السلامة في الحل والترحال..
(نسمع جلبة جيش المسلمين في طريق العودة وعويل الرياح وزئير العواصف والرمال السافية.. ثم صوت زيد يقول):
زيد: أكاد لا أبصر طريقي يا علقمة من هوج الريح وثروة الغبار وحصى الرمال..
علقمة: إن لنا في رسول الله أسوة حسنة يا زيد.. انظر إليه إنه يكابد كما نكابد وأشد ومع ذلك فلم تفارق الابتسامة الحلوة وجهه الصبوح.
المنادي: يا معشر المسلمين.. يا معشر المسلمين.. رسول الله يريد أن يسلك العقبة فلا يسلكها أحد واسلكوا بطن الوادي فإنه أسهل لكم وأوسع..
أحدهم: استعدوا أيها الرفاق فقد حان وقت التنفيذ.. تلثموا حتى لا يعرفكم أحد وانتظروا الليل فهو ستار لكل شيء..
الثاني: نحن على أتم الاستعداد
أحدهم: هيا خذوا أماكنكم وانتظروا إشارة الهجوم.
(نقلة صوتية)..
علقمة: لا أدري لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوك العقبة الصعب على بطن الوادي السهل؟
زيد: لعلّ في الأمر سراً.
علقمة: انظر إني أرى عمار بن ياسر يأخذ بزمام ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم وحذيفة بن اليمان يسوق من خلفه.
زيد: هيا بنا نسلك بطن الوادي مع السالكين.
علقمة: أما أنا فسأسلك طريق العقبة وسأكون بعيدا عن مؤخرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
زيد: إنك تخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
علقمة: استغفر الله ولكني قلق عليه صلى الله عليه وسلم.
زيد: إن عبد الله سنرعاه.
علقمة: نعم.. إذن سأمشي في أقرب طريق للعقبة.
زيد: ولكن هذه الطريق تعد وعرة وخطرة يا علقمة.
علقمة: فليكن ما تريد يا أخي والملتقى عند ثنية الوادي.
(نقلة صوتية مسبوقة بموسيقى مرعبة ثم صوت أحد المنافقين يقول):
أحدهم: هيا فقد حان الوقت وها هو محمد يقترب من أضيق ممر في العقبة فهلموا نرجمه وندفعه وليكن هجومنا سريعا هيا.. هيا..
(نسمع وقع حوافر الخيل ثم أصوات مرعبة ثم أناساً وخيلاً تتدحرج وبعض الحجارة والحصى خلفها ثم صوت علقمة يصرخ).
علقمة: إليّ يا زيد.. إليّ... أدركني.. أدركني..
زيد: لبيك يا علقمة.. لبيك...
أصوات: لبيك... لبيك... لبيك..
زيد: ما بك يا علقمة.
علقمة: بينما كنت مستغرقا في تفكيري على ظهر دابتي إذا باثني عشر أو أربعة عشر شخصا يتدحرجون ويتساقطون من أعلى العقبة التي يسلكها النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم راجل وبعضهم راكب فجفلت دابتي ورمتني أرضاً فصرت أصرخ طالبا النجدة.
((وبينما هو يتكلم وافاهم حذيفة بن اليمان وهو يركض ويلهث فقال له زيد)):
زيد: ما بك يا حذيفة مالك شاهرا حسامك؟ هل جرى للرسول شيء... قل..
الجميع: قال يا حذيفة.. قل..
حذيفة: هاجمنا عدد من الملثمين وزحمونا على ممر العقبة وكانوا يريدون دفع الرسول إلى الوادي حتى نفرت ناقته صلى الله عليه وسلم فصرخ فيهم وضربهم بمحجن في يده وهاجمتهم مع عمار بسيوفنا فولوا الأدبار قبل أن يبلغوا مآربهم.
علقمة: لقد شاهدتهم يتدحرجون ويساقطون وأنا ملقى على الأرض بعد أن جفلت دابتي من أصواتهم وكان عددهم يتراوح بين اثني عشر وأربعة عشر شخصاً.
حذيفة: ألم تتبين ملامح أحد منهم يا علقمة؟
علقمة: لقد كنت ملقى على الأرض وكانوا ملثمين والليل مظلم بهيم.
حذيفة: لقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم من المنافقين وأن الله سبحانه وتعالى اطلعه على مكرهم.
زيد: إلى متى نصبر على أذى هؤلاء المنافقين.. إنهم عدونا الداخلي وليس أشد بلاء على المرء من عدو في عقر داره..
حذيفة: سأعود إلى مكاني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اختلط هؤلاء الملثمون بالجيش الكبير وانطمست أخبارهم.
علقمة: قاتلهم الله.. قاتلهم الله.. سنذهب معك يا حذيفة لنكون بجوار النبي صلى الله عليه وسلم
(نقلة صوتية)..
أحد المنافقين: لقد كنت من المبدأ غير موافق على خطتكم لأني أصبحت أؤمن أن محمدا نبي مرسل من عند الله وأن الله لا شك سيطلعه على مؤامرتكم.. وها أنتم ترون صدق ذلك.
الثاني: نعم.. نعم إنني معك.. لن انصاع بعد اليوم إلى آراء رئيسنا الخرف عبد الله بن أبي بن سلول لقد آمنت بمحمد كما آمنت وكفرت بابن سلول كما كفرت.
الثالث: والله لئن أمكنتني الفرصة لأقتلن ابن سلول وليكن ما يكون..
علقمة: ها نحن نقترب من المدينة يا زيد.. ما لي أراك ساهما مطرقا.. ما الذي يشغل بالك.
زيد: إنه الحنين يا علقمة للأهل والولد.. وأنت أليس كذلك..؟
علقمة: بلى يا زيد وإني لأتعجل الوصول فقد علمت أن المنافقين الذين تخلفوا بالمدينة يروجون الشائعات بأن محمد وأصحابه قد جهدوا وهلكوا في سفرهم هذا.
زيد: انظر يا علقمة هذه نخيل المدينة يطالعنا.. انظر ومتع ناظريك ورؤيتك بنسائم طيبة فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلق على المدينة اسم طيبة حين بدت معالمها.
علقمة: كيف يا زيد.. كيف...
زيد: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول حين أشرفنا على المدينة هذه طيبة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه.
علقمة: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زيد: انظر يا علقمة لقد خرجت المدينة عن بكرة أبيها للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم..
((نسمع الأهازيج والأناشيد)).
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
 
طباعة

تعليق

 القراءات :728  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 53
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج