شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المشهد الثالث
(تظهر سليمى)

ابن زيدون:

(وقد رآها)

   
 

((سُليمى)) (يبتسم)

   

سليمى:

نَعَمْ،

   

ابن زيدون:

قُولي، أَمِنْ أيْنَ آتيهْ

 

أَمِنْ عِندها؟

سليمى:

   

مِنْ عندِ سيِّدتي الكُبرى

ابن زيدون:

وَهَلْ سَامِرو ((ولاَدَةَ)) اللَّيلَ عندها

 

تُطالِعُهمْ من بحرِها النًّثْرَ والشَّعْرا

 

وَكُلُّهمُ مِنْ عِلْيَةِ القومِ مَحْتِداً

 

ومرتبةً عِلماً، إذا شئتِ، أو فِكْرا

 

فَمِنْ قادةٍ كالأُسْدِ في حَوْمةِ الوَغى

 

ومن سيِّداتٍ كُنَّ أًنْجُمنا الزُّهْرا

سليمى:

أَجَلْ هُوَ هذا، إنَّما الليل وَحْدَها

 

رأيت ((ابن عَبدوسٍ)) يُعَاقِرُها الْخمْرا

 

تطَارِحُهُ حُلْوَ الحديثِ تَحَبُّباً

 

وتَسْقِيهِ بَعْدَ الكأسِ قُبْلَتَها الحَرّى

 

ولِلْكأسٍ بعدَ الكأسِ ما يُذهبُ الحجى

 

ويُطلعُ سِرًّا منكَ أودعتَه الصَّدْرا

ابن زيدون:

كذبتِ لَعَمْرِي إنَّما هِيَ فِريةٌ

 

تُريدينَ منها الطَّعنَ والفُحش والفَجْرا

 

فَبِنتُ أميرِ المؤمنين ((محمدٍ))

 

أجلُّ وأَعلى عفةً، شِئْتِ، أو طُهْرا

 

فَهيَّا اغرُبِي عن وَجهيَ الآنَ إنَّني

 

أُقَبِّحُ من يُوشى ولا أَقْبَلُ العُذْرا

سليمى (غاضبة):

سَتَعرِفُ صِدقَ القولِ بعد فواتهِ

 

وتَعلَمُ أَنّي ما أردتُ بها نُكْرا

 

(تخرج في حالة جنونية)

ابن زيدون (مناجياً):

أيُّها اللَّيل أَحقًّا

 

سرُّ هذا الكونِ صدرُكْ؟

 

أيُّها اللَّيلُ أَصِدْقاً

 

سَلوةُ العُشَّاقِ ذِكْرُكْ؟

 

أيها اللَّيلُ أَخُلْقاً

 

حَمْأَةُ اللَّذَّاتِ وَكْرُكْ؟

 

خبّري يا ليلُ هل بَدْري هَوَى

 

وحَبَا غَيْرِي منَ النَّاسِ الهوَى!

 

وارْتَضى لي الهجرَ مِنهُ والجَوَى

 

ورَمَى قلبيَ نَهْباً لِلنَّوَى؟

 

أَيُّها اللَّيلُ أَجِبْني

 

سرُّ ((ولاَّدةَ)) سرُّكْ؟

 

أَيُّها اللَّيلُ أعِنِّي

 

سِحْرُ ((ولاَّدَةَ)) سِحرُكْ

 

أيُّها اللَّيلُ أَرِحْني

 

وَلْيُنِرْ قلبيَ فجرُكْ

 

خَبّري يا لَيلُ هل حظّي ثَوى

 

وهناءُ العمرِ بالهمِّ انطوَى؟

 

أو تُرَى ما قيلَ كِذبٌ ولَوَى

 

وأباطيلُ رَواها مَنْ رَوَى

 

(يُرى ابن عبدوس آتياً إليه من الجناح الخاص بوَلاَّدَة)

ابن زيدون:

((ابنُ عبدوسٍ)) هنا!!

   

ابن عبدوس:

   

أَنا مَنْ تَدْعُو، أَنا….

ابن زيدون (بتهكم):

مِنْ أَيْنَ أَتيتَ لنا الآنا

 

ورجعتَ اللَّيلةَ عَجْلانا

 

والسامرُ لمَّا يَنْتظمِ

 

ودخولُ النَّدْوةِ ما حانا

 

أترى ((ولاَّدةُ)) غَضْبَى؟

ابن عبدوس (متهكماً أيضاً):

لَمْ يَحْوِ السامرُ إلاَّنا

 

نَلْهو أو نلعبُ أَحْيانا

 

والطيرُ تُغَنِّي نَجْوانا

 

والزَّهرُ تَفَتَّحَ نَشْوانا

 

والحاجِبُ قبلاً أوصتهُ

 

أنْ يَصرِفَ عنَّا النَّدْمانا

 

((ولاَّدةُ)) كانتْ جَذْلَى

ابن زيدون (بألم):

والآنَ؟

   

ابن عبدوس:

لمضجعها خَفَّتْ

 

أَطْيافُ النَّوم بها حَفَّتْ

 

فارجِعْ ((ولاَّدةُ)) هَيْمَى

ابن زيدون (بغضب وتهكم):

بالوَجْهِ الكالِحِ هَيْمانَهْ

 

والشَّكلِ المفزِعِ ولْهانهْ!!

ابن عبدوس (بغضب):

أَقْصِرْ منَ الكَلمِ البذيء فلم يَعُدْ

 

لِلصَّبرِ في قَوْسِ التَّحَمُّلِ مَنْزَعُ

 

في مَنْطِقي، إنْ شِئتُ، مُرُّ إِجَابةِ

 

وإذا أَرَدْتُ فإنَّ سَيْفِيَ أَفْظَعُ

 

(يتئد)

 

إِنِّي أَمُرُّ بما أسأتَ تَكَرُّماً

 

وَأَغُضُّ لا جُبْناً لأَِنيَ أُرْفَعُ

 

هَبْني قَليلاً مِنْ حِجاك فإنما

 

في إِصْبَعِي للحُبِّ نُورٌ يَسْطَعُ

 

(يريه)

 

هذا الدَّليلُ أَلَيْسَ خاتَمها الّذِي

 

ضَنَّتْ بهِ حتَّى عليكَ؛ أَتَسْمَعُ

ابن زيدون (مقتنعاً):

اهْنَأ بما قَدْ نِلْتَ،

   

ابن عبدوس (ساخراً):

إِنيَ شَاكِرٌ

 

والآن أَذْهَبُ إِنَّ سَعْدِي يَلْمَعُ

 

(يذهب تاركاً ابن زيدون في حالة يائسة)

* * *

ابن زيدون:

(لوحده مناجياً ومتألماً)

 

أَمْسَتْ لَيالي الهَنَا حُلْماً تُناجينا

 

وأَصْبَحَتْ ذِكْريَاتُ الحُبِّ تُشْقِينا

 

كنًّا خَلِيلَينِ في دُنْيا الغَرَامٍ وقَدْ

 

أضْفَتْ عَلينا من النُّعْمى أَفانِينا

 

نُسْقَى حُميَّا الهوى في الكأسِ مُتْرَعَةً

 

مَمْزُوجةً بحنَانٍ كانَ يُحْيِينا

 

وللصِّبا في قَشيبِ البُرْدِ رَوْعَتُهُ

 

وللعيونِ نِدَاءٌ كادَ يغْرِينا

 

ورِقةٍ في دَلالٍ زَانَهُ خَفَرٌ

 

وعِفَّةٍ تَوَّجَتْ فخراً لَيالِينا

 

نُمسي ونُصْبحُ والأَوتارُ صادحةٌ

 

ونحن في نَشوةٍ حَلَّتَ مَجَالِينا

 

ولِلْقِيانِ غناءٌ هَزَّ سامرَنا

 

وللنَّدامى حُمَيَّا من تَصافِينا

 

والسَّامرونَ بِذِكرَانا شَدَوْا طَرَباً

 

والعاشقُون تَمَنَّوْا من أَمانِينا

 

وللنَّسَائِمِ أنفَاسٌ مُعَطَّرَةٌ

 

مِنْ نفحكِ الطيبُ كافوراً ونِسْرِينا

 

والماءُ ينسابُ والأشجارُ راقصةٌ

 

والطيرُ تَسْجُعُ والدُّنيا تُهَنّينا

 

يا ربَّةَ المجدِ أين العَهدُ هل عَبَثَتْ

 

به الأعادي وهل أُنسِيتِ مَاضِينا

 

إنْ صَحَّ يا قلْبُ ما قَدْ قيلَ فابكِ عَلَى

 

أيّامِكَ البيضِ وايأَسْ مِن تَلاقِينا

 

(يخرج حزيناً)

 

(يدخل ابن عبدوس ومعه سليمى)

ابن عبدوس:

هنيئاً لنا بالنصر يا حُسْن ما فعلتِ

   

سليمى:

   

هنيئاً يا بْن عبدوسَ بالمِثْلِ

ابن عبدوس:

تَحمَّلتِ في هذا السبيلِ مَشقّةً

   

سليمى:

   

ولكنّها هانتْ وقد فُزتُ بالفِعِل

ابن عبدوس:

رميتِ ((ابنَ زيدونِ)) بسهمٍ أماتَهُ

 

وآخرَ أَودى بالحبيبةِ لِلْقَتْلِ

سليمى (بألم):

أجل ((يا بنَ عبدوسٍ)) أَصَبْتُ مُعَذِّبي

   

ابن عبدوس:

نَدِمْتِ؟

   

سليمى:

   

ولكن، لاتَ ساعة لِلقَوْلِ

ابن عبدوس:

أرى الحزَنَ يَعْلو وجهَك الغضّ ما الَّذي

   
     

أصَابَكِ؟ قولي،

سليمى:

   

خَلِّ عنِّي أجل خَلِّ

ابن عبدوس (بسخرية):

فَهِمْتُ ‍‍!!

   

سليمى:

لَقد غرّرتَ بي فامضِ لا تزِدْ

   
 

جَوًى لَوْعَتَي،

   

ابن عبدوس:

   

إنِّي شَفَيْتُ بها غُلِّي

 

(يخرج ساخراً)

* * *

سليمى (تغني بمرارة):

لَسْتُ أدري أين بَدْري الآنَ يسرِي

 

لستُ أدري؟

 

أينَ صَحْبي أينَ حُبِّي أينَ قَلْبي

 

لستُ أدري؟

 

يا حَبيبي أَيْنَ أَمْسٌ مِنْ هَوانا؟

 

أيْنَ أيَّامٌ مَضَتْ سَكْرى لِقَانا؟

 

غَشّني الواشونَ وافتنُّوا افتنانا

 

يا حَبيبي أَيْنَ أَمْسٌ مِنْ هَوَانا؟

 

لستُ أدري؟

 

طيَّ صدري برحُ هجري أينَ صَبرِي

 

لستُ أدري؟

 

ليسَ ذَنبي ذنبُ حُبِّي أينَ لُبِّي

 

لستُ أدري؟

 

يا حَبيبي سَكِرَ الكونُ وناما

 

وغَفَتْ يا ليلُ كاساتُ النَّدامى

 

غيرَ أقداحي وأقداحِ الهَيامى

 

مُقْسِماتِ بالهوى ألاَّ تَناما

 

يا حبيبي سكرَ الكون وناما

 

فَإلامَ السكرُ يا روحي إلاَما

 

لستُ أدري؟

 

(تخرج باكية)

(يدخل صبح وهو يردد ((لست أدري أين بدري)) - تدخل ليلى)

ليلى:

((صبحُ))!

   

صبح:

((ليلى)) ((ما أُحَيْلى ساعةً

   
 

جَمعتنا))

   

ليلى:

   

هاتِ مِنْ هذا الوَتَرْ

 

رَتّلِ الحبَّ وشَنِّفْ مَسْمَعِي

 

واتلُ من قرآنه كلَّ السُّوَرْ

صبح:

فُرصةٌ واتَتْ فهيّا نَحتَسي

 

من كؤوسِ الحبِّ ما يَشْفي الوَطَرْ

 

قبلةٌ عَطْشى إلى هذا اللِّقا

 

وفمٌ ظمآنُ مِن طولِ السَّهَرْ

 

(يقبلها طويلاً)

 

قبلةٌ أسْكرتْ فؤاديَ ((ليلى))

 

هِيَ عندي مَن المَسرَّة أحْلى

ليلى:

وهْيَ في مَبسَمي ألذُّ وأغْلى

   
 

(يقبلها أيضاً)

 

سَرَقْنا الهَوى يا ((صبحُ))،

   

صبح:

هل جَدَّ طارىءٌ؟

   
 

عَساه ((سُليمى))!

   

ليلى:

   

هل سمعتَ لها ذِكْرا؟

صبح:

أَجَل إنها كانتْ هُنا منذُ لَحظةٍ

 

تُناجي ((ابن زيدونٍ)) وتَبْكي بكاً مُرَّا

ليلى (بسخرية):

أَتَبكي ((سُليمى))!!

   

صبح:

صَدِّقِي ما أقولُهُ

 

لقد ندِمتْ واستمطرتْ أدمُعاً حُمْرا

 

وبان لها أنّ ((ابْن عَبْدوسَ)) غَشَّها

 

فتَعْساً لها كانت ضَحيتَهُ الكُبْرى

 

وسَحْقاً لهُ ضَحَّى بها وبشاعر

   

ليلى:

   

ومولاتُنا أيضاً ضحيَّتُه الأُخْرى

صبح:

أَلَم تُخبريها عن ((سُليمى)) و ((فارِهَا)) (1)

 

وما بَيَّتا مِنْ فَتْكةٍ تَقْصِم الظَّهْرا

ليلى:

وَجَدْتُ ((سُليمى)) و ((ابن عبدوسَ)) عندها

 

يدُسَّان حتى أوغَرا صدرَها البكْرا

صبح:

   

فما الرأيُ يا ((ليلى)) وما خِفتُ واقعٌ

ليلى:

   

سأُحْبِطُ يا روحي المؤامرةَ النَّكْرا

* * *

صبح:

(يرى رباح حاجب ولاَّدّةَ قادماً):

   
 

((ليلى)): انظُري ((رباحُ)) آتْ

   

ليلى:

   

الوقتُ لي غدا مُؤاتْ

صبح (وقد رأى ولاَّدَة):

((ولاّدةُ)) قادمةٌ، ((ليلى))

   

ليلى:

   

حظُّ قد كُنَّا ننتظرُهْ

 

(تدخل وَلاَّدَةُ)

 

أهلاً بالمجدِ وربَّتِهِ

   

ولاَّدة:

((ليلى والصُّبح))!

   

صبح:

   

وها فَجْرُهْ

 

(تبتسم وَلاَّدَة)

 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 150
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .