(يضطرب ((عامر)) لدى سماعه هذا الاسم. لقد تذكر أنه قبل عشرين سنة مضت، كان ابنه ((مهند)) في أحد الأسواق العامة بلبنان، وأنه تشاجر مع ((خطّار)) هذا، وأن ((خطّاراً)) طعنه غدراً، ومات ((مهند)) متأثراً من جراحه. ثم هرب ((خطّار)) إلى أمريكا وها هو يعود. فهل للدم العربي أن ينسى؟ هل للعربي أن يترك الثأر؟ كل هذه الذكريات المؤلمة مرت في سرعة البرق، بخاطر ((عامر)) فآثر أن يستدرج محدثه ليأخذ منه أكثر ما يمكنه الحصول عليه من معلومات فاصطنع الفرحة وقال كمن يعرف ((خطّارا))):
عامر:
((خطّار)) غنّام
أحد الضيوف:
((خطّار)) تعرفه يا شيخ؟
عامر:
أعرفه
فتى كريماً له عزم وإقدام
قد كان في سفرٍ، هل عاد..
الضيف الثاني:
عاد وقد
أثرى وصار له ملك وخدام
عامر:
بلغوه إذا رجعتم سلامي
واشتياقي إلى اللقا، واحترامي
أحد الضيوف:
سوف نفضي بما لقينا ونشدو
بالسجايا وبالوفا، والذمامِ
الضيف الثاني:
إن في هذه الربوع عظاماً
وكراماً تحدروا من كرامِ
(يركبون سيارتهم ويذهبون، وحال ذهابهم يدعو ((عامر)) ابنه خالداً، واثنين من أتباعه المخلصين هما ((فهد)) و ((منصور)) ويبادرهم قائلاً):
عامر:
أتتني أنباء تسر وتقلق
وتدعو إلى الإسراع فالثأر يزعقُ
ينادي وكثبان البوادي تجيبه
أجل، حان للثأر القديم تحققُ
منصور:
أنثْأرُ ممن الثَّأرُ
فهد:
لقد شبَّت بيَ النَّارُ
عامر:
بنيَّ ((مهند)) دمه
أينسى؟ إنه عارُ
((بسوق الغرب)) قاتله
له خدم، له دارُ
منصور:
تناسى الوغد فعلتهُ
فهد:
تناسى الثأرَ ((خطّار))
خالد:
وماذا ترتئي أبتاه؟
(يلتفت ((عامر)) إليهم جميعاً قائلاً):
قولوا
فرأيكمُ هو الرأي السديدُ
منصور:
على رجلين منّا أن يسيرا
إلى بلد به الخصم اللدودُ
ليختطفاه، إن قدرا، فإن لم
يحزا رأسه (يشير بيده)
عامر:
رأي رشيدُ
أرى أن تذهبا
فهد:
أنا فداءٌ
منصور:
سنخطفهُ، سنفعل ما تريدُ
(يقبلهما ((عامر)) ويذهبان للاستعداد، ويعود ((خالد)) مع أبيه إلى المضرب وهو غير مرتاح إلى عمل أبيه)