شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رجال من مكة المكرمة
محمد سعيد عبد المقصود خوجه
للكاتب والأديب والمفكر والمؤرخ الكبير الراحل الأستاذ محمد حسين زيدان سلسلة من المقالات كان قد نشرها في جريدة الندوة خلال العامين 1406 - 1407هـ وتناول من خلالها الحديث عن رجالات مكة المكرمة تحت عنوان "رجال في مكة المكرمة".. يقول الأستاذ الزيدان عن محمد سعيد عبد المقصود خوجه:
مر عهد الأتراك وفتحت الفلاح فتكون طلاب علم يلتزمون بالفقه كأنما الفلاح كانت في تلك الأيام فرعاً من فروع المسجد، ونهض العرب فإذا الشباب يقرأون الفلاح لا تبخل عليهم والكتاب ليتسرب إليهم ويسمعون عن الجرائد والمجلات وأدب المهجر وأدباء الشام ومصر.. الشعراء والناثرون فإذا الشيوخ أصبحوا شباباً فلم يكن إبراهيم النوري كما أحمد ناضرين ولم يكن إسحاق عزوز على السمت من عبد الله حمدوه مدير المدرسة ولم يكن العواد وحمزة شحاته على السمت من حسين مطر أو عبد الله حمدوه بل كانوا علماء الأدب والأدباء من العلماء.
وفي مكة المكرمة كان الشاعران سحر والأشرم كمرحلة أولى جاء عمر عرب يبدأ المرحلة الثانية وإذا حسين الصبان وعبد الوهاب آشي وحسين سرحان يتوجون أنفسهم في المرحلة الثالثة وكان السيد حسن كتبي يمثل الوسط بين المرحلتين ثائر ملتزم، أما العوّاد وشحاته والسرحان والآشي فبروزا شعراً لا أنكر تأثر الفلاح ولا أتنكر لتأثر عمر عرب وصبحي الحلبي وإنما المؤكد أن نهضة العرب والبعد للتتريك أنهض لنا أدباء في مكة وجدة، أما المدينة فقبل ذلك فعبد الجليل بوادة وإبراهيم الأسكوبي وأنور عشقي والعمري وعبيد مدني وعلي حافظ ومن إليهم كانوا سلسلة متصلة لا مراحل منفصلة لأنهما كما قلنا أن الأمية انمحت من المدينة قبل قرن.
تعمدت ألا أذكر محمد سعيد عبد المقصود خوجه فالترجمة له وما تقدم فدهلزة أدخل بها صالونه. وعرفت هذا الكاتب لا يهدأ فالأفكار التي لديه تحركه صريح إلى أبعد حد وصريح بهذه الصراحة لأبعد حد كان حظياً في جريدة أم القرى ومن العجيب أن تكون الحظوة له من يوسف ياسين ورشدي ملحس فقد سد المكان الذي سده حيث استمرت أم القرى جريدة رسمية وبه قد كانت وطنية رسمية وفاتنة الخطوة من الجرأة والصراحة وبعض أهله الذين أمضتهم صراحته والسيد حسن كتبي يعلم من ذلك أكثر مما أعلم.. كنت في المدينة أكتب في جريدتها عن الأدب العربي ليس إقليمياً أديب حجازي وليس هناك أدب حجازي، أديب أندلسي وليس هناك أدباً أندلسياً، أديب نجدي وليس هناك أدب نجدياً وإنما هو أدب اللغة الشاعرة.. وخالفني هو في ذلك غربلني فلم أتغربل بل احترمت عواطفه حتى إذا وصلت إلى مكة اتصلت به أزوره وكأنه (لا غربال ولا منخل) لأن بعض ما كان جعل يصدر أدب الصحراء والأستاذ عبد الله بلخير يعرف الأسباب لهذه التسمية.. وفي هذا الكتاب كان على الرأي الذي اعتنقه ليس هناك أدباً إقليمياً وإنما هناك أدباً عربياً.
وبرز جيل من الشباب الأصغر سناً له من أبرزهم السيد هاشم زواوي فأصدروا كتاباً يجمع شعراً كما أصدر الساسي كتاباً عن ذلك وكما أصدر من قبل محمد سرور الصبان أدباً إقليمياً (أدب الحجاز) احترمت الرجل أعني محمد سعيد عبد المقصود خوجه زرته في بيته عرفت ما يريد من الحق لا يتجافى مع الأمة للأمة وإنما هو يريد أن يبرز شعبه الذي فقده شوقي بصورة مشرقة ولو كان حمزة شحاته حياً أو محمد حسين عواد لقالوا لكم لماذا لم يكن لهم شعر في (وحي الصحراء) محمد سعيد عبد المقصود خوجه أعطى الجريدة أم القرى تقييماً خاصاً أما التقويم فبناء لا يزعزعه أحد.
كان مشهوراً هو وصديقه أحمد سباعي يضع حفلاً في منى يدعو أعيان الحجيج وكنت حاجاً سنتها والشتاء قارس ألبس بالطو من صوف غنم، ومن نسيج دار الأيتام كأنما هو إعلان لم تضعه الدار.. ذهبت طفيلياً إلى هذا الحفل لأنهم لا يعلموا عنى أو لأني لا أستاهل شاباً حجازياً يصلح لهذا الحفل.
وذهبت مبكراً إلى مكان الحفل في بيت المضياف الثاني في الحجاز ماجد الكردي، الأول محمد نصيف، وجلست في وسط الحفل على الكرسي وجلس طاهر زمخشري وجلس سعودي غيري فإذا الأستاذ سباعي يرحمه الله يجبر الزمخشري على ترك الكرسي كما أجبر غيره لتبقى الكراسي للضيوف ووصل إلي يقول لي (قم.. قم) قلت له دعني على الكرسي وأرجع الزمخشري وغيره إلى الكراسي لحفظها لك حتى إذا جاء الضيف ولم يجد كرسياً نقوم له.. رفضت القيام بإصرار وجاء الضيوف برئيس بعثة الحج المصري وكان محمود بسيوني رئيس مجلس الشيوخ أيام حكم الوفد.. ومن الضيوف معه الدكتور أحمد فريد رفاعي صاحب عصر المأمون. الكتاب الذي أحدث ضجة في مصر.. ملئت الكراسي وأخذ رفاعي يفتش عن مقعد.. انتصبت قائماً (فريد بيك.. فريد بيك.. تفضل) وقمت عن الكرسي أقف وراء محمد سعيد عبد المقصود خوجه وكان محمد سرور الصبان من الواقفين فإذا محمد سعيد عبد المقصود يهش و يبش في وجهي ليقول لي أشكرك قلت أرفض الشكر.. المكان ليس لك ولا للسباعي هو لنا جميعاً فأنا أخوك قال ولهذا أشكرك أيضاً.. وجاؤوا بكرسي وراء الجميع يقدم للشيخ محمد سرور فقال يرحمه الله هو ليا ولا للشيخ محمد يعنيني قلت هو للشيخ محمد لا للأخ محمد وجلس عليه.
ومات محمد سعيد عبد المقصود خوجه وفياً لأحمد ملائكة وإبراهيم قدسي وفاء لا نظير له. حمل أحمد ملائكة عنه وتلك قصة طويلة يعرفها زاهد قدسي.
جريدة الندوة - العدد 10538
بتاريخ 21/2/1414هـ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :372  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.