شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الصحافة وحاجتنا الشديدة إليها
كان هذا المقال افتتاحية العدد 380 من جريدة أم القرى الصادر في يوم الجمعة 17 ذو القعدة عام 1350هـ، ويظهر فيه بجلاء أسلوب (محمد سعيد عبد المقصود)، وقد ذكر الدكتور منصور الحازمي في كتابه (معجم المصادر الصحفية): (ويحتمل أيضاً نسبة عدد من افتتاحيات أم القرى إليه –أي محمد سعيد عبد المقصود-، لأنها كانت أحياناً تكتب بدون اسم صاحبها وفيها ملامح أسلوب ابن عبد المقصود) .
وحقيقة لم أحاول جمع ما يمكن إسناده إليه وفق نظرة الدكتور الحازمي التي تستحق التأييد، ابتعاداً عن الإطالة، واكتفيت بانتقاء بعض النماذج التي أشعر بأنها لا تخرج عن إطار الشخصية الأدبية للأستاذ محمد سعيد عبد المقصود يرحمه الله.
كتب المقال على النحو التالي:
(إذا كانت الحرب العمومية قد غيرت في مجرى الحياة أجمع فتكون قد أصابت الصحافة بشيء من ذلك، وهذا هو الواقع، فإن الصحافة قد تسنَّمت ذروة عالية، وقطعت شوطاً بعيداً في تقدمها وتنميتها وانتشارها في جميع أنحاء العالم، والحقيقة أن هذا الشوط الذي قطعته كان له تأثير عظيم في الأمم وأخبارها، ومداركها، وأخلاقها. فإذا أكبرت الأمم الصحافة ورجالها فهي بلا شك تكون مؤدية لواجبها عليها. وكما أن الصحافة ما أنشئت إلا على أساس الخدمة النزيهة فإذا زاغت عن هذه الخطة فيكون ضررها أعظم من نفعها، وعدمها أحسن من وجودها.
عرفت الأمم والحكومات حاجتها إلى الصحافة فعظمت من شأنها، ووسعت من نطاقها، وأفسحت لها الطريق، فسارت بخطى واسعة، والمستقبل القريب سيرينا الصحافة في لون جميل المظهر وسيكسبها حلة أفخر، وأعظم من حلتها الآن.
نعم. لقد عرفت الأمم حاجتها إلى الصحافة فمدت يدها إليها، وبقينا في الحجاز مغلولي الأيدي مكتوفي السواعد لا يخرج الصوت منا إلا همساً دهراً طويلاً، وظلت الصحافة في بلادنا كذلك، حتى حدث الانقلاب الأخير (1) عام 1343هـ - 1344هـ فشعرنا بحركة أدبية لا بأس بها، ورأينا تلك الأغلال تحل تمشياً مع سنة التطور، فمدت منا الأعناق وتطاولت، وبقينا نرغب في تلك الحركة وتحسنها، ونحن نأمل من وراء ذلك أن تزداد لنسير بخطى واسعة وتتمشى مع غيرها جنباً لجنب لتستعيد ما فقدته في أعوامها المظلمة. والآن، نعم والآن سمعنا ذلك الصوت الذي طالما اشتاقت آذاننا إلى سماعه، وطالما تاقت نفوسنا الظامئة إلى ورود منهله.
سمعنا اسم الصحافة يردد على الألسنة، وسمعنا كثيرين يقولون بضرورة وجودها، فهل معنى هذا أن الأمة شعرت بحاجتها الشديدة إلى الصحافة، فقامت تلوك اسمها في أفواهها، أم حركة مذبوح لا تلبث أن تصير جثة هامدة بلا حراك، وهذا الأخير ما لا نظنه، وما لا نتمناه. كانت الحكومات السابقة في الحجاز تضرب على يد كل من يقول بذلك، وتلقم صاحبه حجراً فلا يلبث أن يقبع في وَكْره مطلقاً الصحافة والأدب، وليس هذا مكان البحث عن السبب الذي دعى الحكومات السابقة إلى ذلك، واتخاذها هذا المنهج طريقاً تسير عليه لتتوصل فيه إلى أغراضها ومآربها. وإنما أتينا بهذا عرضاً لنقارن بين الماضي والحاضر لنقدر لحكومتنا الحاضرة التي ما زالت تتطلع إلى حاجات البلاد فتتمشى مع سنة التطور ملبية لكل نداء تأمل من ورائه الفائدة لأهل البلاد المقدسة، موقفة نفسها على خدمتهم وخدمة الوافدين إلى بلادهم مادة يد مساعدتها إليهم في كل شيء.
فالحركة التي نراها الآن تشعل في قلوبنا ضوء الأمل، وتغرس في نفوسنا بذور الحياة، وتبشرنا بعصر جديد زاهر في فن الصحافة. ولا أخالني في العجالة مستطيعاً أن أوفي الصحافة حقها أو بعضه، أو أن أستقصي فوائدها فهي عظيمة جداً ويكفي أن الأمم أجمع شعرت بحاجتها إليها فتهافتت عليها تهافتاً جعل لها مركزاً سامياً دعيت به "مدرسة الشعب".
إن حاجة بلادنا إلى هذه المدرسة النزيهة شديدة، وحاجة أمتنا إلى ذلك أشد، فيجب أن نعمل لتوسيع نطاقها، والتزود منها، ولكن إمَامنا في ذلك الصدق، ورائدنا الخدمة النزيهة والمصلحة العامة، ومتى عملنا ذلك بإخلاص نلنا المنى، وفزنا بالمرام، فيجب أن نشجع كل من نحس منه ميلاً إلى ذلك، ويجب أن يدفع بعضها بعضاً لنسقي هذه الغرسة التي نتج غفلتنا عنها ذبولها وموتها، ونكون قد جنينا عليها بما كسبت أيدينا، وهذا موكول إلى الأمة نفسها إن شاءت تقدمت، وإن شاءت تقهقرت، ولكن يؤلمنا أن تتقهقر الأمة بعد أن فتح الباب أمامها على مصراعيه، ويؤلمنا أن نسمع الألفاظ تلاك لوكاً بدون أي عمل أو فعل، ويؤلمنا أن تبقى أقوالنا كما هي أقوال لا تخرج إلا دور العمل، ولا إلى حيز الوجود، يؤلمنا والله ذلك، فهل للأمة أن تحقق أمانينا، فترفق أقوالها بالأعمال، وأعمالها بالجد والنشاط، وتكون إذ ذاك قامت بشيء من الواجب عليها، وخطت بنفسها خطوة جادة إلى الأمام، بلا شك، ستعرف فائدتها، وتجني ثمرتها عندما تقوم بذلك، ويجب أن تعلم أنَّه مثلما تترتب على الحكومة واجبات، تترتب على الأمة واجبات أيضاً، لأن الحكومة لا يمكنها أن تعمل وحدها كل شيء، وها قد رأينا حكومتنا حرسها الله تفسح لنا الطريق، وتفتح لنا الباب مؤدية في ذلك واجبها، فعلى الأمة إذن أن تقوم بواجبها هي أيضاً، وتتقدم لتعمل لوطنها، إن الحكومة شجعت مشروع الصحافة وأكبر دليل على ذلك إعطاء الامتياز لأصحاب جريدة (صوت الحجاز)، فعلى الأمة أن تستثمر هذا المشروع، وتؤدي واجبها، وإنا لذلك منتظرون).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :574  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.