شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأدب الحجازي في أدواره التاريخية (6)
الرابطة الأدبية:
إن الرابطة الأدبية من الضروريات الأولية للأمم ومن اللزوميات لحياة المجتمع لها قوتها الفعَّالة في تحسين الصلات بين الأفراد أن لها أثرها الحسن في تثقيف العقول، وقد شعرت الأمم المبتدئة باحتياجها إلى هذه الناحية من نواحي الحياة فبذلت جهوداً جبارة في تعميم هذه الفكرة بين الطبقات - سعت في إيجاد الأندية الأدبية، وتأسيس الجمعيات العلمية، وإنشاء غرف المطالعات المجانية، كل ذلك من أجل تحقيق هذه الفكرة السامية، وتوثيق عرى التآلف والتآزر بين أفراد الأمة على العموم، والأدباء على الخصوص.
إن الاتصال الأدبي أصبح ضرورياً للأمم التي تسعى لتأسيس مركز أدبي تستعين به على تقوية نهضتها واستئصال بذور العزلة والشقاق من نفوس بيئتها، وللاتصال والاحتكاك أثرهما الفعّال في مجرى الحياة العلمية وبقدر ما يكون الفرد ذا اتصال واحتكاك بأفراد الأمة تكون معلوماته ومداركه أحسن وأوسع. نعم إن للاتصال والاحتكاك قيوداً أدبية يجب ملاحظتها؛ وإلا انعكست الآية فكانت النتيجة سيئة، ونحن في الوقت الذي نقول فيه بضرورة وجوب الاتصال والاحتكاك نقول أيضاً بضرورة التروي والتثبت لأنه كم من فرد غرنا منظره الخارجي وهو يحمل نفساً شريرة لا تلبث أن تعدي السليم فيذهب ذلك المسكين ضحية غيره.
إذا دعا داعينا للاتصال والاحتكاك فإنما يدعو إلى الاتصال والاحتكاك الشريف المنزه عن الأغراض مع شرف النفس والمبدأ؛ وهذا نتيجة حسنة وفائدة عظيمة.
إن الرابطة الأدبية من الأشياء الأساسية لتحسين الحالة الأدبية؛ ويجب أن نسعى جهدنا لإيجاد هذه الرابطة وتقويتها وما علينا إلا أن ننظر الطرق التي سارت عليها، فنأخذ منها ما وافق ديننا وعوائدنا. يجب أن نعير الرابطة الأدبية جانباً كبيراً من الاهتمام إذ من العبث الوصول إلى الغاية التي ننشدها ما دامت الأندية مفقودة من بلادنا، وما دامت غرف المطالعات معدومة من وطننا، إذ هما من أهم الأشياء في تحسين الصلات بين الأدباء، والتقريب بين الوجهات المختلفة في هذا الوطن العزيز، وهذا العمل ليس أمره بالشاق وبالأخص وقد رأينا التشجيع العظيم الذي لقيته الأندية الرياضية في هذا الوطن، أضف إلى ذلك أن النفوس أصبحت تحس وتشعر بهذا الفراغ الذي من المخجل أن يبقى كما هو في أمة هي أسبق أمم الأرض في الأدب وأسواق الأدب.
وسائل النشر:
بحث فوائد النشر لا لزوم له، إذ قد أصبح محسوساً ملموساً، والنشر وإيجاد وسائله المختلفة من الضروريات لكل أمة تريد أن تحيا في هذا الوجود وتزاحم غيرها معترك الحياة. والغريب أنه في الوقت الذي أقوالنا أجمعت على أن مكانتنا بين الأمم يجب أن تكون عالية فإن أعمالنا بعيدة كل البعد عن تحقيق ما تلوكه ألسنتنا يكاد لا يخلو مجلس من مجالسنا الأدبية إلا ويدور البحث حول النشر ووسائل النشر، ولكنها أقوال لا تلبث أن تتلاشى في الفضاء، ويؤلمني أن أقول أن هذا أكبر دليل على أننا رجال كلام لا رجال أفعال وأعمال.
إن وسائل النشر مفقودة من بلادنا بالمعنى الصحيح فتجد الكاتب المسكين يكتب على الورق ويدبج ما رأى من المصلحة بحثه ثم يتسكع به هنا وهناك، وأخيراً يهمله إن لم يمزقه، والذنب في ذلك فقدان وسائل النشر وبعض القيود التي قيدت بها إنشاء الصحف والمجلات وتحسن حكومتنا صنعاً لو حلت بعض القيود فلا شك سيثمر هذا ثمراً طيباً ويوسع في انتشار العلم والأدب الذي لا رقي لأمة من الأمم إلا بهما. ومن الأسباب المؤخرة في وسائل النشر حرص أصحاب الأموال على أموالهم وسعيهم للمصلحة الخاصة، ومنها فقدان الجرأة الأدبية، أضف إلى ذلك اختلاف كلمتنا، وعدم تناسق نزعتنا. هذه –في نظري– أهم الأسباب العائقة دون توسيع أمر النشر، فالأمر إذا يحتاج إلى مساعدة من الحكومة وإلى معاونة من الأمة وإلا فعلى وسائل النشر السلام.
(الغربال)
جريدة (صوت الحجاز)
5 شعبان 1353هـ
12 نوفمبر 1934م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :545  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.