شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأدب في أدواره التاريخية في الحجاز (2)
عصر العباسيين:
وقل مثل ذلك عن عصر العباسيين وقد كان العباسيون أنفسهم يعرفون أيضاً أنهم اغتصبوا هذا الأمر وكانت السياسة تقضي عليهم باستجلاب القلوب إليهم والتحبب إلى الشعب فاتخذوا جميع الوسائل اللازمة لذلك، فمن هذا أنت ترى أنهم ساروا على نفس السياسة الأموية في تكوين ملكهم، وبالرغم من أن الحركة الأدبية في العصر العباسي بلغت أوجها السامي إلا أنها كانت في الحجاز منحطة انحطاطاً هائلاً أضف إلى ذلك أن المجاورين الأجانب كثروا في الحجاز، فأصبح الحجاز خليطاً من أمم شتى يختلفون والحجازيين في العادات والطبائع في كل شيء.
عصر القلاقل والفتن:
ولقد أعقب العصر العباسي عصر يكاد يسمى بحق عصر القلاقل والفتن، كان الحجاز المسكين نهباً مقسماً طوراً يتبع اليمن وطوراً يتبع مصر واستمرت هذه الحالة مدة من الزمن إلى أن انتهى الأمر بإلحاقه بمصر فلم يكن حظه في هذا العصر بأحسن من حظه في العصر الذي سبقه.
عصر العثمانيين:
وقل مثل ما تقدم أو أكثر عن عصر العثمانيين والحقيقة أن عصر العثمانيين كان أشد وطأة على الحجاز من غيره لا على الأدب فقط بل على الروح القومية بأجمعها فقد ماتت تماماً وحل الجمود محل العمل وأصبح الحجازي صغيراً كان أو كبيراً يكاد يكون عالة على الخزينة العثمانية كما أنه في العصر العثماني كثرت الثورات الداخلية وأصبح الأمر فوضى، وهذه الحالة نفسها قد أوجدتها السياسة العثمانية لأن العثمانيين أنفسهم كانوا يعتقدون كغيرهم أنهم أخذوا غير حقهم. والغريب أن السياسة التركية لم تقف مع الأدب العربي ولا أقول الحجازي عند هذا الحد بل سعت لأكثر من ذلك فأخذت تلغي الألفاظ العربية شيئاً بعد شيء وتحل محلها ألفاظاً تركية ولم تكتف بذلك بل تعدته إلى أكثر من هذه فقررت التدريس في المدارس العربية لا يكون إلا باللغة التركية فأنت ترى من هذا كله أن السياسة كانت تمثل أدواراً مختلفة في العالم الأدبي الحجازي وكانت تضغط عليه أشد الضغط، وأرجو أن لا يفهم من قولي هذا أن الأدب في الحجاز فقد في هذه الأدوار، لا بل أنه كان موجوداً ولكنه كان محصوراً في أفراد معدودين يغلب عليهم الجمود، والمطلع على تاريخ الحجاز القديم يعثر على الكثير من ذلك.
بدء ظهور الأدب في الحجاز:
في أواخر الحكم العثماني تنبه الحجازيون قليلاً وكانت مدارس الفلاح قد فتحت أبوابها فكانت غذاءً حسناً للنفوس، وبذرة مباركة لم تلبث أن أثمرت ثمراً طيباً مباركاً، والحقيقة التي يجب أن تسجل لمدارس الفلاح بالفخر هي أنها البذرة الأولى في تكوين الأدب الحجازي الموجود اليوم، فهذه الحسنة هي من حسنات مدارس الفلاح، مدارس الفلاح التي أصبح أغنياؤنا، وموسرونا يعرضون عنها كشحاً وهي تستصرخ وتستدعيهم لمؤازرتها وهم لا يسمعون ولا يفقهون.
لقد بدأ ظهور الأدب الحجازي الحاضر مع ظهور متخرجي مدارس الفلاح وهذا في مكة وجدة فقط، أما المدينة فلا أعرف بالتأكيد كيف تكون الأدب الحجازي الحاضر فيها وإنما أعتقد أن الجمود وضغط السياسة العثمانية كان مستولياً على المدينة كما كان مستولياً على مكة وجدة وغيرها من المدن الحجازية لأن السياسة واحدة، وأعتقد أن عصر بدء ظهور الأدب المدني هو نفسه عصر ظهور بدء الأدب هنا، هذا كل ما أستطيع أن أقوله عن الأدب المدني والحجازي في الوقت الحاضر.
عصر الحسين:
انتقلت سلطة المدن الحجازية من الدولة العثمانية إلى المرحوم الحسين بن علي فكان عصره عصر تكوين وبالرغم من أن سياسته كانت ضد العلم والتعليم إلا أن النفوس الحجازية كانت قد اشرأبت إلى حركة جديدة تسير عليها، وإني أعتقد أنه لو أفسح الجو للعلم والتعليم والصحافة في ذلك العصر لكانت الحالة الأدبية غيرها اليوم، ولكانت الأفكار تحسنت كثيراً.
ولا أريد هنا أن أستعرض عصر المرحوم الحسين وإنما أقول بالإجمال إنه عصر تكوين وتأسيس.
للبحث صلة.
(مكة - الغربال)
جريدة (صوت الحجاز)
25 ربيع الثاني 1353هـ
6 أغسطس 1934م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :626  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج