شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المياه بمكة في أدوارها التاريخية (12)
2- الجمعيات الخيرية:
استقالت جمعية وحدانة على أثر الأسباب التي ذكرناها في مقالنا السابق، إلا أن السلطة الحجازية وقتذاك فهمت جيداً أن المصلحة تقضي بإنشاء جمعية أخرى تخلف جمعية وحدانة لعاملين اثنين أولاً لتدرأ عنها السخط الشديد الذي سيوجه إليها من العالم الإسلامي لتلاعبها بأموال جمعية خيرية، وثانياً لأن الشدة التي يقاسيها الأهلون والحجاج من جراء قلّة المياه كانت تقضي بأن يتولى أمر المياه أناس يتعهدونها بالتحسين والإصلاح ليخف عسر المياه لهذه الأسباب لم تكد السلطة الحجازية وقتذاك تعفي جمعية وحدانة من العمل حتى شرعت في تأليف جمعية أخرى تخلفها عهدت برئاستها للشريف حسين بن نمي وعهدت برئاسة أمر العمل لصادق بك فاشتغل مدة ثم خلفه المعلم علي الشقيري ثم حبحب، وقد كانت وضعية هذه الجمعيات تقضي بأن يكون واردها ضعيفاً، إذ أن الضجة التي أحدثتها استقالة جمعية وحدانة أعدمت الثقة بالجمعيات التي خلفها، فكان مركزها الاجتماعي ضعيفاً ونفوذها الأدبي أضعف؛ وانقطعت أكثر الإعانات التي كانت ترد من البلاد الإسلامية، وجميع الإعانات التي كانت ترد من البلاد الهندية وبطبيعة الحال فإن ضعف وارداتها، أثر في عملها فأخذت أحوالها تسير من سيئ إلى أسوأ، وكانت الأزمة المالية الشديدة الواقعة فيها تعجل في القضاء على كل جمعية فكانت كلما تدهورت جمعية حلت أخرى محلها، ثم لا تلبث حتى تلحق بها، وكان ضعف نفس الجمعيات هو بعينه ضعف أعمالها؛ أضف إلى ذلك قلة الأمطار. كل هذه العوامل قوت من استحكام الشدة في المياه فعانت هذه البلدة الطاهرة العزيزة في سنتي 1323 - 1324 شدائد تمزق الكبد.
جمعية الشريف علي باشا:
بدأ النقص الظاهري في المياه في عام 1322هـ ثم اشتد الحال في سنة 1324هـ فقلت المياه، وقد لاحظ الشريف علي باشا أمير مكة وقتذاك تلك الحالة فلم ير بداً من جمع الإعانات بطرق جبرية فشكل لذلك جمعية جديدة تحت رئاسته وجعل لها فرعاً في الطائف وآخر في جدة ففرضت على الأهلين إعانات جبرية وكتبت إلى الآستانة بطلب جمع الإعانات من البلدان الإسلامية فكان لعملها هذا أثراً قوياً واجتمع لديها ما يقرب من ستة وأربعين ألف جنيه.
يقول صاحب بغية الراغبين: "… وقد حصل النقص الظاهر في سنة 1322هـ في عين زبيدة من جهة وادي نعمان وانقطع من جهة وادي حنين إلى أن قال: "اشتد الحال وقل ماء العين في سنة 1324هـ وكان أمير مكة ذلك الوقت دولة الشريف علي باشا فأمر بتشكيل قومسيون تحت رياسته بمكة وقومسيون بالطائف وجمعوا إعانات جبرية من مكة وجدة والطائف وكتبوا إلى الآستانة العلية بطلب إعانة لعين زبيدة من جميع الولايات واجتمع عندهم نحو عشرة آلاف جنيه على ما قيل واجتمع بالآستانة العلية نحو ستة وثلاثين ألف جنيه".
هذه الجمعية سارت على حذو جمعية وحدانة في العمل واشتغلت بجد عظيم فأنشأت في مكة مجرى من القصر المشنشن (1) إلى المقسم الذي هو الآن أمام الخارج من باب الزيادة قاصداً بازان الشامية فوقه دكة كانت تؤجر في السابق على صراف وأحدثت بعض خزانات في المجرى العمومي لعين عرفة، وأنشأت في مكة خرزة هي بين القرارة (2) والشامية وبرحت جميع الدبول ولم يعب على هذه الجمعية إلا التبذير في الصرف. يقول صاحب بغية الراغبين: "… وكانوا يصرفون صرفيات كبيرة في العمل وفي إخراج الكشوفات وإرسال المراسيل حتى انتفع من تلك الأعمال كثير واغتنوا من ذلك العمل".
ولما اتصل بعلم الدولة العثمانية يومذاك تبذيرها أرسلت في أوائل عام 1326هـ هيئة لمحاسبتها والإشراف على أعمالها فحاسبتها ثم أخذت أعمالها في الضعف واستمرت كذلك حتى زالت بزوال حكم الشريف علي باشا في 5 شوال سنة 1326هـ.
"للبحث صلة"
ابن عبد المقصود
(أم القرى) العدد 541
15 محرم سنة 1354هـ
19 إبريل سنة 1935م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :746  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج