شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المياه بمكة في أدوارها التاريـخية (3)
عين نعمان المعروفة اليوم بعين زبيدة
عمل زبيدة:
لم يذكر التاريخ أن أحداً اعتنى بأمر المياه في مكة كما اعتنت بها السيدة زبيدة، فقد كانت مغرمة بذلك غراماً شديداً، بعد أن انتهت من مشروع جر مياه عين حنين إلى مكة التفتت إلى جر مياه عين نعمان، وبعض المؤرخين يقولون عين عرفات، فالذين ينسبونها إلى نعمان هو لكون أقصى خرزة للعين هي في نعمان، والذين ينسبونها إلى عرفات هو لكونها كانت مقتصرة على عرفات.
وهذه العين تنبع من ذيل جبل كرا (1) وتنحدر إلى مكان يسمى الأوجر من نعمان (2) . قال القطبي
في تاريخه: "يجري" أي الماء "إلى موضع بين جبلين" (3) شاهقين في علو أرض عرفات، فعملت القنوات إلى أن جرى ماء عين نعمان إلى أرض عرفة (4) ، ثم أديرت القناة (5) بجبل الرحمة (6) محل الموقف الشريف الأعظم في الحج وجعل منها الطرق إلى البرك (7) التي في أرض عرفات فتمتلئ ماء ليشرب منه الحجاج في يوم عرفة؛ ثم استمر عمل القناة إلى أن جرت من أرض عرفات إلى خلف جبل من وراء المأزمين على يسار العابر من عرفات، ويقال له طريق (ضب) وتسمى الآن (أي في زمن القطبي) عند أهل مكة (المظلمة) (8) ضم الميم وتسكين الظاء وكسر اللام، ثم تصل منها إلى مزدلفة ثم تصل إلى جبل خلف منى إلى أن تصب في بئر عظيمة مطوية بأحجار كبيرة جداً تسمى بئر زبيدة إليها ينتهي عمل هذه القناة، وهي من الأبنية المهولة".
محل انتهاء عمل زبيدة:
إلى هذا الحد انتهى عمل السيدة زبيدة، وقد أغفل المؤرخون المعاصرون ومن خلفهم السبب الرئيسي في ذلك، وقد تبين فيما بعد أن السيدة لم تقف عند هذا الحد إلا وهي مكرهة عليه .. وقد ظهر عندما اعتزمت الدولة العثمانية إيصال عين نعمان وإيصالها إلى مكة، فقد كان يظن أن مجاري هذه العين إلى مكة موجودة وأنها دفنت، ولكن بعد الشروع في العمل والبحث تبين أن ما ذهبوا إليه لم يكن إلا وهماً وتأكدوا أن عمل السيدة زبيدة لم يقصد البئر المذكورة. قال القطبي: "واستمر هذا الجد والاجتهاد (أي من الأمير إبراهيم بن تنكرين المفوض من قبل فاطمة هانم كريمة السلطان سليمان بن خالد المتبرعة بالعمارة المذكورة وسيأتي ذلك) إلى أن اتصل عمله بعمل زبيدة على البئر الذي انتهى عملها إليها، ولم يوجد بعده دبل ولا آثار عمل، وضاق ذرعه بذلك وعلم أن الخطب كبير، والعمل كثير، وتحقق أن القدر الباقي من هذا العمل إنما تركته زبيدة اضطراراً بغير اختيار وعدلت عنه إلى عين حنين (هكذا) وتركت العمل من عند البئر لصلابة الحجر وصعوبة إمكان قطعه "أهـ".
نستغرب قول القطبي: "وعدلت عنه إلى عين حنين" إذ قد أجمع المؤرخون على أن السيدة زبيدة بدأت في مشروع جر المياه من حنين، ثم من نعمان، ونفس القطبي ذكر في مكان آخر خبر عين حنين أولاً ثم قفى عليه بخبر عين نعمان. والذي نميل إليه ونجزم به هو أن السيدة زبيدة قامت بمشروع عين حنين أولاً وبعد الانتهاء منه قامت بمشروع عين نعمان، وأرادت إيصالها إلى مكة لاعتقادها أن عين حنين وحدها لا تكفي لسقيا مكة فحالت الموانع دون ذلك.
"للبحث صلة"
مكة: ابن عبد المقصود
جريدة (أم القرى): العدد: 519
الجمعة 16 شعبان سنة 1353هـ
الموافق 23 نوفمبر سنة 1934م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1183  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.