يقول الدكتور محمد فتحي- مترجماً في كتاب (عش مرحاً): (فعليك بالمشي حافياً ما استطعت. تنعم قدماك بالشمس والهواء، والحرية وتتخلص من قيود الأحذية الخانقة).
* * *
فما رأي القراء الكرام في ذلك وأعتقد أنني لو نصحت بالحفاء، وقلت إنه أصلح للأقدام - وأروح للأعصاب، وأشفق بالعظام.. إذن لما تردد السامع أو القارئ في اتهامي بالرجعية والبداوة.. وما لا أدري من الأوصاف السخية.. وهذا هو (دكتور خطير) يترجم عن عالم كبير انتفع بنصائحه الكثيرون من عشاق المدنية الحديثة يرجع الناس إلى الفطرة ويطلب إليهم أن يلتمسوا (الحفاء) ولو في بعض الأحيان وبعد: فهل كان اتخاذ العرب منذ آلاف السنين (للنعال السبتية) راجعا ًإلى معرفته بأضرار (المضايقات الكنترية) أو (الجزمية والكسرية) أم أنها الفطرة والإلهام؟
ولست أشك أن القصد بهذه النصيحة إنما هو تهوية الأرجل - ولو في الأمسيات الباردة أما في وقت الهاجرة وفي (حمارة القيظ) و(صبارة الشتاء) فلا جدال أن التنعل أجدى وأصلح لاسيما في (فصل الجوزاء).. ولكن، بالأحذية المكشوفة، أما هذه (القوالب) الخانقة، في (الصرم) العائقة، والفصول العارقة فإنها أصر على الأقدام، بما تسببه من المشقة والآلام والحق أنها في أصل ابتكارها إنما وجدت لبلاد وشعوب يغلب فيها (البرد) ويكثر بها (المثلج).. وانتقلت إلى بلاد الشرق كغيرها من السلع، فكانت أجمل منظراً وأكثر رونقاً، فآثرناها على (الحذاء) وكان جديراً بنا أن نراعي (الطقس المحلى)، و(الجو الحراري).. وكذلك نجد أن القوم كانوا أقوى تفكيراً، وأسلم تقديراً عندما اصطنعوا من (جلود أضحياتهم) هذه النعال الأثرية التي أصبحت في حكم المبتذل الرخيص، وتكاد تضمحل كلياً وتلحق بأخواتها من (الأخفاف) و"التواسيم".