جاء في مجلة الهلال لشهر أكتوبر سنة 1958 من ربيع الثاني سنة 1378- بعنوان (الكاتب المعمر) أن (أيدين فيليوتس) أديب شهير قد تجاوز سنة الخامسة والتسعين) ومما يؤثر عنه قوله: (وكنت دائماً أؤمن بالعقل، ولكني كلما نظرت إلى عالم اليوم وكلما رأيت ما يجري فيه من الحوادث أشعر بإيماني يتزعزع على أن العالم لا ينفك يحتوي على القليل من الأشياء الجميلة.. وإن كنا قلما نعثر على حسن الصناعة، والمهارة في الأداء. ومن حسن حظنا أننا لا نزال نجد شيئاً من ذلك مما ينتجه القدماء والكهول).
قلت: هذا الأديب يعيش في قلب أوروبا النابض وبين شعبه الكادح الناهض ومع ذلك فهو يقول هذا؟ ومع فارق الزمان والمكان والبيئة - فإن الشرق والغرب يتفقان على الأقل في أن "حسن الصناعة والمهارة والإتقان مما يتسم به القدماء.."، فما من عمل قديم إلا كان قائماً على الأمانة والإحسان والإجادة والإتقان.. يوم كان المعول على الأيدي النشيطة والقلوب السليمة وعرق الجبين.. وأنك لواجد أثر ذلك في (حنفيه) قديمة مر عليها قرن أو أكثر.. وما تزال تؤدي مهمتها دون أية (رمرمة).. وبين أختها الحديثة المصدعة.. وما مضى عليها عام أو بعض عام.. وهكذا في كل ما هو من هذا القبيل.. والسر في ذلك التجاء المتأخرين إلى السرعة في الإنجاز، والإتقان.. فإنها صفات تنافي الاقتصاد الحِرَفي -بكسر الحاء وفتح الراء- فتحول بين الصانع والاكتساب إذا هو فعل كالأولين وإنما الأعمال بالنيات.