آبَ باليُمنِ فازدهتْ بإِيابهِ |
أمةٌ شاقَها جلالُ اقترابِهْ |
فانظِر البحرَ تَرى البحرَ إلا |
بعضُ أخلاقِهِ التي في إهابِهْ |
قد حكاها إذ سَجى أو تَهادى |
وإذا هاجَ أو طغى بعُبابِه |
واجتلى البدرَ ساطعاً في جَبينٍ |
شع كالشمسِ والضُّحى في شَبابِه |
واجتنِ الزهرَ عاطراً من سجايا |
زانَها البِرُّ والتُّقى بارتِقابِه |
واقتبسْ من هُداهُ في كل دَاجٍ |
فَلقَ الصُّبح والتجىءْ بِرحِابِه |
والتمسْ فيه للحياةِ مَعانٍ |
تتجلى بليغة في خِطابِه |
وتمثَّلْ "عبدَ العزيزِ" إذا ما |
ملأَ العينَ أو بَدا في رِكَابِه |
واشدُ ما استطعتَ في سُعودٍ ثناءً |
فهو ما شاءَ شَعبُه في غِلابِهْ |
جشَّمتْهُ الأعباءُ ما ليس يُحصى |
من عَناءٍ وما مَضى في اغترابِه |
ونَضتْهُ الخُطوبُ فارتاضَ فيها |
ومشى ظَافِراً إلى آرابِه |
رافعاً راية الفَخَار مُشيداً |
صَرْحَ آمالِهِ على أتعابِه |
يتصابَاه في الجزيرة طَيفٌ |
يهتفُ الشعرَ والهوَى في اجتِذابِه |
كُلَّمَا هَمَّ بالعَظائمِ أمضى |
عَزمَةٌ كالشهابِ حين انصبابِه |
كحَّلَ السُّهدُ جَفْنَهُ للمعالي |
في يقينٍ أعدَّهُ لمآبِه |
عبقريُّ الفؤادِ طَلقُ المُحيّا |
ألمعيٌّ مُحببٌ في نصابِه |
يقظٌ للصُّروفِ تذكو وتخبو |
وهو كالطَّودِ راسخٌ بهضَابِه |
تتلاقى غرائِزُ النُبل فيـه |
في وشيجٍ مُقوَّمٍ من صَوابِه |
رحلةٌ إثرَ رِحلة وجِهادٌ |
كن قبلُ واقعاً في حسابِه |
في ظروفٍ هي "القيامةُ" رَجفا |
لو وعى الفكرُ هولَها في اضطرابِه |
* * * |
يا رجاءَ البلادِ وابنَ المُفدَّى |
وأخا الخَالدينَ من أَعقابِه |
ووليَ العهدِ الذي بكَ أضحى |
وارفَ الظَّلِ شامِخاً بقِبابِه |
كُلنا فيك ما بالمودةِ قلبٌ |
أنت من موكَّلٌ باصطِحابِه |
فإذا حللتَ فهو مقيمٌ |
أو ترحَّلْتَ لم تزلْ في لُبَابِه |
فأجِزنا باللقاءِ عَما احتملنا |
من لظى البُعدِ واعفِنا من عَذابِه |
وتقبَّلْ مِنَّا التَّهاني عُقوداً |
صاغَها الحبُّ من دَرارِي حَبَابِه |
عَجِزَ الوَصفُ دونَها فهي حِسُّ |
لم يسعْهُ البيانُ في أَطنابِه |
زادكَ اللهُ رِفعةً وسُمواً |
وتولاكَ بالرِّضَا من ثَوابِه |
وليعشْ سيدُ العروبةِ طُرّاً |
وبنوه الكُماةُ آسادُ غَابِه |