شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كأنك منها فرقد في سمائه (1)
أفي عالمِ الرُّؤيا ازدهتْكَ المَظاهرُ
على الأُفْقِ الغربيَّ أمْ هو خَاطرُ
وإذ الخَلقُ في أم المدائنِ (بابلٍ)
ضُروباً وأجناساً نمتْهَا العَناصِرُ
وإذ كلُّ سَربٍ في الفَِّاءِ مُحلِّقٌ
تحومُ به العُقبانُ وهي كَواسِرُ
وإذ لا يَرى الطَّمَّاحُ إلا عَجائباً
جَلتْها فُنونٌ أبدعتْها العَباقِرُ
وإذ يخلُبُ الألبابَ كلُّ مذَرَّبٍ
بياناً وإذ لا يُلْفَ لِلعي عَاذرُ
وإذ مشتِ الأقطابُ حَولَ (مُتَوَّجٍ)
عَظيمٍ وكلُّ في الجلالةِ بَاهرُ
وأشرقَ الأسطولُ مُرتفعَ الصُّوى
وراحت تَهادى في الخَضمِّ البَواخرُ
تروقُ العيونُ الشَّاخِصاتُ قدودُها
ويرتدُ عنها الطْرفُ والطرْفُ حَاسرُ
تبارى وفي أطباقِها وبرُوجِهَا
وبين زَوايَاها تموجُ المَخاطِرُ
* * *
كأنَّ الجِبال الرَّاسياتِ شُمُوخُها
وكالرَّصدِ المُنقَضَّ منها القَنَابرُ
كأن سوارِيها إذا هي أقبلتْ
شماريخُ رضوى دُونهنَّ جَزائرَ
كأن حَبابَ المَوجِ حَولَ جُنُوبها
نجومٌ تهاوى في الدُّجى ونَوَافِرُ
إذا انبعثتْ أضواؤها خِلتَ أنَّها
نَيازكُ فيما بَينهُنَّ تَزاوُرُ
معاقلُ من صُلبِ الحَديدِ وفَوقَها
عتادٌ تُلظَّى للوغَى وطَوائِرُ
بَنَاها (بنو التَاميز) في البحرِ زينةً
وأُخرى حُصُوناً والبقايا مَتاجِرُ
أباحَ بها (المِذياعُ) في العرضِ حَفلةً
أصاخَ لها في القُطبِ مَن هو سَادرُ
تنوَّرتُها من بطنِ وَجٍ كأنما
شهدتُ اصطخابَ اليمِ والطُّودِ ساخرُ
فقلتُ وقلبي مُشفقٌ من شُعورهِ
ترفَّقْ ففي التدآبِ ما أنت نَاظرُ
لَدى أُم اللهُ أكبرُ أصبحتْ
وليس لها في العَالمينَ مُكاثِرُ
تمطَّى عليها الدهرُ حيناً فما وَنَتْ
ولا استسلمتْ للهولِ والهولُ فَاغرُ
فما عَتمتْ ثم شرَّقتْ ثم غرَّبتْ
بعيداً وكلَّتْ عن مَداها الأعاصِرُ
حَمَاها عن التَّفريقِ أقطابُها الأُلى
يلَذُّ لهم عَنها الفِدا والتَّآزُرُ
حمى ذلةَ الإرهاقِ عنها اجتماعُها
وعِلمٌ بأسرارِ الوُجودِ مُحاضَرُ
تواصتْ عن حِفظِ التُّراثِ فلم تَزلْ
مَوارِدُها مأمونةٌ والمَصادرُ
على دأبٍ أعيا العُصورَ انبعاثُهُ
وفي أدبٍ آثارُه تَتَوافرُ
نظامُ كدقاتِ القلوبِ استقامةً
تنّزَّلَ من فكرٍ به الوضعُ سَاحرُ
تبثُّ أهازيجَ الطُّفولةِ حُبَّهُ
فيزكو وأحلامُ الشبابِ بَواكرُ
بنى سَمكَهَا استمساكُهَا فتوطَّدَتْ
دعائمُهُ بالعِلمِ والجهلُ ضَائرُ
تخذتُ بها ذِكرى لقومي وأُمَّتي
فقد تنفعُ الذكرى وتَنمو المَشاعِرُ
ولم أكترث بالوصفِ لولا ثقافةٌ
بها كلُّ مَعسور التّصوُّرِ يَاسرُ
كذلك إن شئنا نكونُ وربما
أعادَ لنا التاريخُ ما هو غَابرُ
إذا العلمُ لم يَرفعْ قواعدَ أمةٍ
فلا الجهلُ مذمومٌ ولا الحظُ نَادرُ
* * *
فتلك وقد حباكَ بالأمرِ ربُّها
دعتُ فيك شعباً بالشُّورِ يُفاخرُ
فأقبلتَ مرموقَ الجَلالِ كأنَّما
بك العُربُ في حفلِ المُلوكِ قَياصرُ
تطلع من إعجابِها بك أمةٌ
إليك هي الدُّنيا ووجهُكَ نَاضرُ
رَنَتْ فرَأتْ فيك السموّ وعفةً
ودِيناً عليه من حِجاكَ بَوادرُ
فدارت أحاديثُ الرجال سُلافةٍ
عن البَطلِ المَزهورِ وهي أزاهرُ
كما عَبَقَتْ أخلاقُك الغُرُّ أو جَرى
نسيمٌ الصَّبَا أو كَلَّلَ الطَّلَ مَاطرُ
فكنتَ مِثالَ الحزمِ والعِزِّ والتُّقى
وأكرمَ من طافتْ عليه المَعاشِرُ
يقولونَ هذا شبلُ سَيَّدِ قومِهِ
فتُشرعُ ألحاظٌ إليك نَواظرُ
كأنَّك منها فَرقدٌ في سَمائِهِ
وقطبٌ بأفلاكِ البُطولةِ دَائرُ
وما لَك لا تبدو عن الشرقِ شمسه
وأنت ابنُ من لَم تُحص عنه المآثرُ
بعيدُ مناطِ الهمِ فيما يَرومُه
وناصرُ دينِ اللَّهِ والبغيُ جَائرُ
(أبو فيصلٍ) أبقى لنا اللهُ فيصلاً
ومن هو بالشرعِ الحنيفيِّ سَائرُ
مُزعزعُ أركانَ الضَّلالةِ بالهُدى
ومِصداقُ وعَدِ اللهِ فيمن يُناصرُ
ومن جمعَ اللَّهُ الشَتاتَ بسيفِهِ
وَوَحَّدَ شملَ العُرب والشملُ داثِرُ
تَغنَّى به الأفذاذُ من كُلَّ مِلةٍ
وباهتْ به بعدَ البَوادي الحَواضرُ
فكيفَ ولِم لا يَجتلي الغَربُ طلعةً
هي الشرقُ والإسلامُ فيمن نُفاخِرُ
* * *
رأيتُ بني عَدنانَ نَحَوَكَ طُلَّعاً
تُلِحّ بهم قَبلَ الجسومِ السّرائِرُ
وشاهدتُ قوماً كالجرادِ انتشارُهُم
وجيش أبي المَصورِ إذ هو ظَافِرُ
تباروا سِراعاً للَّقاءِ كأنَّما
على أبي كُلَّ قلبٍ من وِدادِكَ طَائرُ
فقلتُ أجلْ: من كان في مثلِ شأنِهِ
من المَجدِ فدَّتْه النُّفُوسُ الحَرائرُ
(وما زلتَ تسمو للمعالي وتحتَبي
حبى المَجدِ مُذْ شُدَّتْ عليك المآزِرُ)
(إلى أن بلغتَ الأربيعينَ فأُلقيتْ
إِليك جماهيرُ الأمورِ الكَبائِرُ)
فإنْ رُحتُ أشدُو اليومَ أنْ عُدتَ سَالماً
وصِنوكَ فاعلمْ أنَّ شَدْوِي قَاضِرُ
أبوحُ به عن أُمتي وأبثُّهُ
لِشخصيكُما والقلبُ بالحُبِ زَاخِرُ
فيا حبذا اليومَ الذي عُدتُما بِهِ
ويَا نِعمَ من تَهفو إِليهِ الضَمائِرُ
تجشمتَ أخطاراً وخضتَ مَعاركاً
ورُضتَ صِعاباً حارَ فيها المُغامِرُ
وكابدتَ أهوالاً ومكَّنتَ وحدَةً
ومثَّلتَ مُلكاً يُمنُه بِك سَافِرُ
بلوغاً إلى أَهدافِ شَعبِكَ أن تُرى
مُحققةَ الآمالِ واللَّهُ قَادِرُ
فزدني إِليها خُطوةً إثرَ خُطوةٍ
لأزدادَ فَخراً حين تَعلى المَنابِرُ
* * *
أموالاي إن العُربَ شَعبٌ مُسالمٌ
إذا لم تُصِبْهُ في الصَّميمِ الفَواقِرُ
فأما إذا ما استشعرَ الضيمَ أو مشتْ
إليه الرَّزايا وابتلتْهُ الجَرائرُ
فأقحمْ به ذّوَّاداً وراهنْ بكسبِهِ
إذا لم يَجلَّ الخطبَ إلا المجازرُ
فهم دونَ أوطانِ العُروبةِ فديةٌ
وكلُّ فتًى منهم على الموتِ صِابرُ
وهم وحدَةٌ رغمَ الصُّروف عنيدةٌ
تمرُّ بها الأحداثُ وهي صَواغِرُ
تهونُ عليهم في الكِفاحِ دِماؤهُمْ
إذا لم تكنْ إلا الدَّماءُ مُعابِرُ
إِلى الغايةِ الكُبرى إِلى الوحدةِ التي
هي الأملُ المنشودُ والغَرضُ وافرُ
عهودٌ على القُرآن تمضي نصوصُها
ولم أمطرتْهم بالسماءِ الخَناجِرُ
وأنتمْ ولاةُ الأمرِ والمأرزُ الذي
إِليه أُنيطَتْ بالشدادِ الأَوامِرُ
وأنتمْ بما آتاكُمُ اللَّهُ قُدوةٌ
وباللَّهِ دون َ الخَلقِ تُهدي البصائرُ
وأنتم ملاذُ العُربِ في كُلَّ حادِثٍ
إِذا اضطربتْ بالخَافِقَيْنِ المَصائرُ
فما اخترتُموه من سبِيلٍ فإِنَّهُ
هو الرُّشدُ والدَّاعي إلى الغي خَاسِرُ
وما العُربُ إلا ما بنيتُمْ وشِدْتُمُ
ولا المجدُ إلا السيفُ والسيفُ بَاترُ
وسبحانَ من لا يَعلمُ الغيبَ غيرُهُ
ومَنْ هو مِنْ فوقِ البريَّةِ قَاهِرُ
فأمَّا الجوى مُذ بنتِما عن رُبوعِها
فحدَّثْ عن البُركانِ إذ هو ثَائرُ
ويومَ التَقينا لم نَكَدْ مِن سُرورِنَا
نُحِسُّ به والوصلُ للصدَّ غافرُُ
فأهلاً وسَهلاً بالأميرينِ كُلَّما
هَمى القَطرُ أو أرضى المُحبينَ هَاجرُ
وإني امرؤٌ لا أُحسنُ الشِعرَ صَنعَةً
ولكنَّما المختارُ فيكم جَواهِرُ
على الفطرةِ الأولى أزفُّ قصائدي
كما اصطفقتْ يومَ السُّرورِ المَزاهِرُ
وذكَّرْ بني عبدِ العزيزِ مُدامتي
إذا اصطبحَ الراؤوقَ مَن هُو وازرُ
على ذاك إِيماني وفيه عَقيدتي
فهل أنا بالإخلاص لِلَّهِ شَاكرُ
بل إنما أنتمْ هُداةٌ لدِينِهِ
وكلٌ إلى ما اختار في اللَّهِ صائرُ
وفي صُحفِ التاريخِ ما شئتَ من ثنا
لآلِكَ فاصفَحْ أن يُقصَّرَ شَاعرُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :413  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 161 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج