ما عهِدنا من قبلُ هذه الأخاشبُ |
تَزحَمُ الناسَ حَولَهُ بالمناكِبْ |
هل أحستْ بما تحنُّ اشتاقاً |
فأفاضتْ إليه من كُلِّ جانبْ |
أم عَراها الغَداةَ فيه شعورٌ |
أم هو الشِعر والخَيالُ المواثبْ |
أم عَناها من أمرِهِ ما عنانا |
فهي تثني عليه أُخرى العَجائبْ |
ما أراها على جَواها استقرتْ |
فهي تسعى مأخوذةً بالجواذبْ |
ينضحُ البئر من رُباهاه ويبدو |
عُشبها للعيون أبلغُ خَاطبْ |
حسبُها منه وطأةٌ ولمامٌ |
فإذا الخِصبُ شاملٌ والسَّحائبْ |
ذاك منه حظُّ الجمادِ فماذا |
غمِرَ الشّعبُ من منًى ورغائبْ |
أملٌ باسمٌ وأمنٌ وعدلٌ |
وهناءٌ وبهجةٌ ومواكبْ |
منحَ اللهُ والحفيظُ عليها |
مالكُ الملكِ كلَّ ما شاءَ واهبْ |
شكرَ العبدُ ربَّه فاستدامتْ |
مالنُعمى قضى بها اللهُ سالبْ |
أيُّها العاهِلُ العظيمُ المُفدَّى |
أنت للدينِ ملجأٌ والأعارِبْ |
ولهذا الإسلامِ طودٌ مكينٌ |
مشمخرُّ الذُّرى رحيبُ الجوانبْ |
لَهَجَ المسلمونَ من كُلِّ جنسٍ |
ولسانٍ بيُمنِكَ المُتعاقبْ |
واسظلوا بالأمنِ في كلَِّ فَجٍ |
كان بالأمسِ قاتمَ الأُفقِ شَاحِبْ |
فهُمُ اليومَ يهتفونَ سُروراً |
بك في السرَّ والسُّرى والمَضارِبْ |
وإذا ما رأوْكَ حَيَّوْكَ بِشراً |
بقُلوبٍ مُعوذَاتِ الشَّوائبْ |
يحسَبونَ (الصَّدَّيقَ) فيك تراءى |
مطمئنَ الجَنانِ جَم المناقبْ |
همُّهُ عزةُ الموحدينَ جميعاً |
ولهم منك أينما كنتَ حَادبْ |
كيف ينسَوْنَ ما مَضى من بَلاءٍ |
بين هذي الرُّبى وتلك السَباسِبْ |
يوم كان الحجيجُ نهباً مُشاعاً |
مُستباحَ الدماءِ حولَ الحَقائبْ |
ولذي البطشِ في الحجازِ نصيبٌ |
أو هو الموتُ والشَّقا والمحاطبْ |
فنضاكَ الجبَّارُ سيفاً صَقيلاً |
يمحَقُ الرِّجسَ والرَّدى والمَثالبْ |
فتوارتْ ضَمائرُ السُّوءِ حتى |
كافحَتْها الحدودُ بين الترائبْ |
إنما المؤمنونَ أخوةُ دينٍ |
كلُّهم فيهم عُصبةٌ وأقاربْ |
جسدٌ واحدٌ إِذا ما تشكوَّا |
وَوِقاءٌ لبعضِهِم في النَّوائبْ |
* * * |
أُيُّهذا الذي أطلَّ سُعوداً |
ومَشى طاعةٌ وفاضَ مَواهبْ |
أنَّ شِعري عليك وقفٌ وقومي |
لك جندٌ وأنت كلَّ المآربْ |
فانظرِ الشعبَ هل ترى غيرَ بحرٍ |
موجُهُ زاخرُ العَواطِفِ صَاخبْ |
حملتْه القلوبُ تحوَكَ حُباً |
صادقَ البثَّ ما لَه عنك حَاجبْ |
زُمَرٌ كلُّها ثناءٌ وشكرٌ |
وولاءٌ على اختلافِ المَشارِبْ |
أسلمتْكَ الزِّمامَ طَوعاً وكَرهاً |
واستهانتْ بك اقتحامَ المَصاعبْ |
فغدتْ (وحدةً) وكانت شَتاتا |
وانبرتْ قوةً على كُلَّ غَاصِبْ |
واستنارتْ بالشَّرعِ في كُلَّ حَالٍ |
بَعدَ جهلٍ مُركَّبٍ كالغَياهبْ |
فاحتملتْ الأعباءَ عنها احتساباً |
ورفعتَ اللواءَ فوقَ الكتائبْ |
واستَعنتَ باللَّهِ الذي هو أَولى |
بك واخترتَ حكمةً في العَواقبْ |
فإِذا أنت قد بلغت عُلواً |
مَجَّدتْه مَشارقٌ ومَغاربْ |
وإذا العُربُ دولةً بك تزهو |
عادَ تاريخُها كأحسنِ ذَاهبْ |
في اعنصامٍ بسُنةٍ وكتابٍ |
كضُحى الشَّمسِ أو ضِياءِ الكواكبْ |
وسَواءٌ لديك فيها قَويٌّ |
وضعيفٌ وشاهدٌ أو غَائبْ |
حاطَكَ اللَّهُ بالجَلالِ وأدنى |
لك ما شئتَ من ضُروبِ المطالبْ |
وتولاَّكَ بالرَّضاءِ وأضفى |
خيرَ آلائِه عليك ذَنَائبْ |
ولك النصرُ دائماً والتهاني |
والأماني رفيعةًَ والمَراتبْ |
ولتعِشْ سيدَ الجزيرةِ ذُخراً |
ما شَدا سَاجعٌ وأشرقَ دَائبْ |