تَرَنَّحتِ الأَعطافُ وابتسمَ الزَّهرُ |
(ببيعةِ يُمنٍ) شأنُها النَّهيُ والأمرُ |
لخامسِ عامٍ أينعتْ بثِمارِها |
فَعَمَّ (بلادَ العُربِ) من طيبِها نشرُ |
وما هي إلا العزُّ والسَّعدُ والعُلى |
وإلا الأماني الغرُّ تُومضُ والفخرُ |
تجلتْ بها (أرضُ الجزيرةِ) دولةً |
لها (العَلمُ الخفَّاقُ) والعَسكرُ المجرُ |
وصاحَ بها التاريخُ في رَبَضاتِها |
ألا إنَّ ماضي العُربِ لاحَ له الفَجرُ |
أباحَ لكم عبدُ العزيزِ بمُلكِهِ |
مراعي هناءٍ لا (تميمُ) ولا (بكرُ) |
سواءٌ لديه في (العَدالةِ) عاكفٌ |
أقامَ وبادٍ دارُه المَهمهُ القَفْرُ |
تجاوزَ أقدارَ المُلوكِ بحِلمِهِ |
فحفَّ به (التوفيقُ) وانبلجَ (النَّصرُ) |
وراحَ يُوالي السعيَ بالحزمِ شَاخصاً |
(لنهضةِ) شعبٍ حقه النابُ والظفرُ |
ووحَّدَ أشتاتَ البلادِ فأصبحتْ |
وما بينها ضَغنٌ ولا دونَها سِترُ |
وألَّفَ بين الخَلقِ باللَّهِ حكمَهُ |
فعاشوا بعُرفٍ لا يكدَّرُهُ نُكرُ |
وحاربَ جيشَ الجَّهلِ فاندكَّ حِصنُه |
وأنفقَ سوقَ (العِلمِ) فاستبضعَ التُّجرُ |
وما سهدتْ عيناه إلا لغايةٍ |
تسامتْ فأضحتْ لا يُحيطُ بها الحَصرُ |
وما تلك إلا أن يرى الشعبَ وحدةً |
تَذَلُّ لها الدُّنيا ويعنو لها البَحرُ |
* * * |
فما العزُ وأيم اللَّهِ إلا شريعةً |
بها انتعشَ الإسلامُ وارتفعَ الصَّدرُ |
وما العزُّ إلا الفنُ تُبنى صُروحُه |
وتسمو معانِيهِ إِذا انْطلَلقَ الفِكرُ |
وما العِزُّ إلاَّ (النسجُ) والوَشْيُ بَاهِراً |
كما ارتقشَ الطاووسُ أو لَمعَ التِّبرُ |
وما العِزُّ إلاَّ الماء تجري عُيونُه |
وتَرورى فَيافِينا إِذا انفلَقَ الصَّخرُ |
وما العِزُّ إلاَّ أن تَرى القومَ سُبَّقاً |
لِحذقِ الصَّنَاعاتِ التي دَرْكُهَا فَخرُ |
وما العِزُّ إلاَّ أن تُحيطَ قلوبَنَا |
وأخلاقَنا التَّقوى ويغمُرُهَا البِرُّ |
وما العِزُّ إلاَّ (الأَعوجياتُ) ضُمَّرَاً |
وفِرسانُ حربٍ لا يُنهنِهُهَا الزَّجرُ |
فَديتُ الذي قالَ مِن قبلُ شطرَهُ |
(فما المجدُ إلا السيفُ والفكةُ البكرُ) |
بذلك تمتْ بيعةُ الرُّشدِ غُدوةً |
وصدَّق آمالَ المُبايعةِ الخَيرُ |
* * * |
فحيا الحياةَ (أضيافُنا) ورباعُهم |
كيومٍ تِغداقِ الغيثِ إذ أقبلَ السفرُ |
هم الصفوةُ الأعضادُ (للضادِ) والأُلى |
إذا ارتجلوا خِلنا (البيانَ) هو السِّحرُ |
جهابذةٌ من آلِ يُعربَ نبعُهُمْ |
نودُّ لو أَنَّ اليوم في قُربِهِمْ شهرُ |
يحلُونَ داراً تزدهي بجِِهَادِهِمْ |
فلا غَرَو إن وَشَّى مطارفَها البِشرُ |
(حبيبٌ) إِلى بطحاءَ مكةَ مُوسمٌ |
تحيي (مَعَدّاً) فيه (مكةُ) و (الحِجرُ) |
وقد شاهدوا فيها الذي قد يَسُرُّهُمْ |
على رغمِ ما شاءَ الكواشحُ والنُّكرُ |
فَقُلْ (لدُعاةِ) السُّوءِ كُفُّوا ثُغَاءَكُمْ |
فليس لكم فيما أَشَعتُمْ بِنا عُذر |
فلو كان فيهم للعُروبةِ نخوةٌ |
لَما أفَّكوا لكنْ تولاهُمُ الإِصرُ |
كفى ما جنتْ أيدي العُصورِ التي خلتْ |
فأين النُهى أين الحَصافةُ والطُّهرُ |
ألا إِنَّ هذا اليومَ عيدٌ مُخَلدٌ |
يَظَلُّ على كَرَّ الدُّهورِ لَه ذِكر |
تدِلُّ به (عَدنانُ) في كلَّ حِقبةٍ |
ويبدو عليها في (مواسِمِهِ) كِبرُ |
فقد سلكتْ نَهجَ الحَضارَةِ واحتذى |
مِثالَ (أباةِ الضيمِ) أبناؤها الكُثرُ |
وما مرَّ إلا مثلُ تَرجيعِ طَرفةٍ |
ببيعتِهِم حتى استقامَ بها السَّيرُ |
فدونَك ما شَادتْ فَثَمَّ (مدارسٌ) |
تَجِدُّ (وبعثاتٌ) تُثقَّفُها (مِصرُ) |
وحولَك (عمرانَ) تَطَاوَلَ سَمْكُهُ |
وحسبُك أنَّ الفقرَ بَدَّدَهُ الوَفرُ |
وقد أمِنَ (العُدوانَ) من كان خائفاً |
كما خَشيَ (القرآنَ) من قلبُه غَمرُ |
لِمثلِ الذي أجدى الإلهُ بفضلِهِ |
يحِقُّ الثناءُ المحْضُ والحَمدُ والشُّكرُ |
* * * |
فللَّهِ يومٌ أشرقتْ فيه شمسُهُ |
على بيعةٍ يَحكي صَحائفَهَا البَدرُ |
لمن أرهبَ الآسادَ بالجُردِ والقَنَا |
وأذعنَ من إِنذاره السَّهلُ والوَعرُ |
وليتَ (صَبا نجدٍ) إذا ما تأرجَّتْ |
وماجتْ (بنفحِ الشيحِ) أعلامُهُ الخُضرُ |
تنبَّىءُ (ذا التاجينِ) عَمَّا نُسِرُّه |
(لِسِدَّتِه العُليا) ويا حَبذا الجَهرُ |
فقد عَزَّ صبرُ الشعبِ عن نورِ وجهِهِ |
ولكن خيالَ القربِ في روضِنا نَوْرُ |
فلا برِحتْ أيامُك البيضُ دُرةٌ |
تُلألأُ في (تاجِ العُروبةِ) يا (صقرُ) |
ولا زالَ هذا المُلكُ رمزَ (افتخارِناَ) |
تطيبُ به النُّعمى ويبتهجُ العصرُ |
وأيَّدَكَ الرَّحمنُ (يا خيرَ عَاهِلٍ) |
نمَتْهُ إِلى الأمجادِ آباؤه الزُّهرُ |
و (أحياكَ) في عِزَّ ونَصرٍ وصولةٍ |
و (أشبالك) الأبطالَ ما انهمرَ القَطرُ |
وما احتفلَ (الأحفادُ) بالبيعةِ التي |
تنافسَ في آثارِها النَّظمُ والنَّثرُ |
وحالَفَكَ التوفيقُ يا (فيصلَ) الوَغى |
وأعشبَ في أفيائِكَ النَّجدُ والغَورُ |
وقرَّت بـ (عبَيدِ اللَّهِ) عيناكَ ما رَسى |
(ثبيرُ) ولبى في (مَشاعِرِنَا) النَّفرُ |