شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الناشر
عرفت الاستاذ سعيد البواردي شاعراً وناثراً قبل أكثر من ثلاثين عاماً، كان شعلة من النشاط وقمة في العطاء الصحفي، كأصدق ما يكون القلم المعبر عن ذاته، والملتصق بآمال وآلام وتطلعات الناس.. لم يكتب من فراغ سواء في مقالاته المتعددة أو قصصه القصيرة أو قصائده التي تجدون جانباً حياً منها في هذا الديوان الصغير حجماً الكبير محتوى .
ومنذ أن بدأت أقرأ للأستاذ الشاعر البواردي تأكد لي أنه من الشعراء الذين يخصون قصائدهم بفترة حضانة ليست بالقصيرة.. وفترة الحضانة في مصطلح الشعراء تعني الفترة التي تظل القصيدة فيها تعاني ما بين عين المبدع وعين الناقد الذاتي لإنتاجه.. وما أكثر الشعر الذي يضيع بين هاتين العينين.. وبالتأكيد فإن هذه التقليعة ليست بالجديدة، وقد نبه لها الأصبهاني قديماً حين قال: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده لو غَيَّر هذا لكان أحسن، ولو زِيد كذا لكان يُستحسن، ولو قُدَّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل.. وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
وكما سيرى القارئ الكريم فإن الركض الجميل الذي يمارسه شاعرنا الكبير قد امتد خلال قصائد هذا الديوان ليشكل سيمفونية عطاء تأتلق بكل ألوان الطيف.. وتتحدث عن كثير من القضايا الجوهرية التي تمس الإنسان حاضراً ومستقبلاً.. ولكن تبقى لمسات برق الطفولة تومض رغم الضباب الكثيف الذي يلف ذكريات تلك المرحلة البعيدة في حياة الشاعر "الإنسان"، ذلك البرق الذي لم يترك في طيف الشاعر غير ذكريات ملؤها الأسى والحزن، ومع ذلك تغلبت قوة إرادته، وصحوة ضميره، ونظرته المتفائلة التي تتفوق على ذاته فتحفزه إلى تحدي عناصر الألم، ليحولها إلى عناصر أمل يملأ فجاج الأرض أريجَ حُبٍ وخيرٍ وعدلٍ ومساواة.
وإذا قضت قوانين الطبيعة بأن يكون لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، نجد أن ذات المبدأ ينطبق على شعر الأستاذ البواردي، حيث ساهم "وجع" الطفولة في إيقاظ إرهاصات تنعي للعالم إهماله هذه البراعم المتفتحة، والتي تعني مستقبل البشرية برمتها.. ولعلَّ ذلك الصراخ فى وجه العالم يتبلور في "الحلم" الذي يراود شاعرنا في كل لحظة ليشنق أسئلته المشروعة في وجه الخوف والحروب والدمـار والمرض والجهـل وغيرها من أعداء الإنسانية التي ما فتئت تفتك بالشعوب المستضعفة، فيأتي الأطفال على قائمة الضحايا رغم دموع التماسيح التي تذرفها منظمات الاحتراف بالتلاعب بعواطف الناس، والضرب على أوتار مشاعرهم.
بهذا الديوان يُلقي شاعرنا الأستاذ البواردي حجراً صغيراً في بحيرة الصمت.. فتنداح دوائر علامات الاستفهام حول موقع الحجر.. وكثيراً ما يترك الإجابات معلقة هكذا بين النص والمتلقي.. وأحسب أن شعر التساؤلات هو الأعمق في زمن التسطيح، وغوغائية التناول المتشنج للمسائل التي تبدو أكبر من قدرة الفرد والجماعة -خاصة عندما تنعدم لديها إرادة القرار– إنها دعوة لتحرير الأسئلة والإلقاء بها في بحيرة الصمت علَّها تضج ذات يوم ويخرج منها مارد يطفىء لهيب الشوق إلى معرفة الحقيقة، وعودة الحقوق المغتصبة إلى أهلها، والأمور إلى نصابها.. إنها أمنية.. وهل كانت الإنجازات الكبيرة إلا محض أماني في وقت ما؟
عبد المقصود محمد سعيد خوجه
جدة: 6 محرم 1419هـ
الموافق : 2 مايو 1998 م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1005  التعليقات :0
 

صفحة 1 من 30
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج