فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتاب الاثنينية > عبد الله بلخير يتذكر > عبد الله بلخير يتذكر > صحافة بيروت تتحدّت عن القتال
صحافة بيروت تتحدّث عن القتال وكما ذكرت أنني قد وصلت إلى بيروت في عام 1935، وكانت صحف سوريا ولبنان تواكب أخبار تلك المعارك، وتشغل بها أكثر صحفها، وفيها الصور وأخبار المراسلين من ميادين القتال، وقد ركّزت كل الصحف أضواءها، بين الأحداث الجارية بسببها في كل مكان، على حدث شغل الناس في البلاد العربية، ذلك أن قائداً عسكرياً تركياً هو الجنرال وهيب باشا الذي كان والياً عثمانياً على الحجاز، قد هبّ من تركيا ملتحقاً بالجهاد ضدّ الغزو الإيطالي لبلاد الحبشة، وكان قد تقاعد والتزم ببيته وبين أهله هناك، وكانت الحرب الأولى قد انحسرت عن تداعي الإمبراطورية العثمانية وانهيارها. فلمّا اضطربت البلاد العربية بغزو إيطاليا للحبشة، هبّ الجنرال في مَنْ هبْ من المتطوعين إلى الالتحاق بجيش الإمبراطور هيلاسيلاسي للدفاع عن تلك البلاد العزيزة على قلوب المسلمين، لما ذكرناه سابقاً من ترحيب ملكها عند بزوغ فجر الإسلام بأوّل مهاجري قريش من المسلمين الفارّين بدينهم من مكّة واضطهاد قريش المشركة فيها لهم، فلقوا من الحبشة وأهلها وملكها الإكرام والترحيب والحماية، فبقيت للحبشة من تلك الهجرة وحتى اليوم مكانة في قلوب العرب والمسلمين في كل مكان. ومرّ الجنرال وهيب باشا في طريقه من تركيا إلى الحبشة بدمشق، فلقي فيها ضابطاً عثمانياً من أصدقائه ومساعديه و "ياورانه" عندما كان والياً على الحجاز في مكّة المكرّمة، هو (طارق بك الإفريقي). هذا الإفريقي النيجيري المسلم له تاريخ عجيب لحياة عجيبة، فقد كان ابناً لوجيه نيجيري يشتغل في بلاده بالتجارة، ولوالده صديق تاجر ليبي من أهل طرابلس، أرسله له ليدخله في إحدى مدارسها، وتمّ ذلك ورأى اللّيبي بعد ذلك أن يبعث أبناءه إلى إسطنبول ليلتحقوا بالمدارس الثانوية فيها، وأن يكون ابن صديقه طارق معهم، فأتمّ هذا دراسته الثانوية باسطنبول، ثم التحق بإحدى كلياتها العسكرية في أواخر سنوات العهد العثماني، فنال شهادة عسكرية عالية، ولمّا تخرّج منها كانت الحرب العالمية الأولى قد اندلعت، فالتحق بميادين القتال في البلقان، وحارب في صفوف المجاهدين، وعرف بشجاعته وإقدامه وحزمه، حتى ألقت الحرب أوزارها، وتفرّق الضباط من غير الأتراك كل إلى بلاده، فانتقل طارق الإفريقي إلى دمشق، وحلّ بها وعرفه الجميع فيها ضابطاً متقاعداً ذا طلعة جذابة وسواد حالك وثقافة عالية، يتقن اللغات التركية والألمانية والعربية والفرنسية مع لغة (الهوسا) النيجيرية لغته الأم.
طباعة تعليق  القراءات :559  التعليقات :0
صفحة 69 من 191

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج