شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لقاء مع طنطاوي جوهري
ولقد كنت في بعض هذه الحفلات، قبل أن أذهب إلى بيروت، واحداً ممن يدورون في فلكها. وأتذكر في أحد المواسم أنني التقيت بالعالم المصري المشهور يومئذ الأستاذ طنطاوي جوهري صاحب "تفسير الجواهر"، فقد قدم في أوائل الثلاثينيات حاجّاً إلى مكة مغموراً في خضم الألوف من الحجاج، وقد سأل عن المكتبات الواقعة في باب السلام من أبواب الحرم المكي، وهي عشرات من مكتبات بيع الكتب على ألوف الحجاج، وتعرف مصادفة بالأستاذ الأديب النابه المرحوم عبد الله فدا، فعرف له قدره ورحب به وجعل الشيخ طنطاوي يفيء في غير أوقات الصلوات إلى مكتبة الأستاذ فدا ويتربع فيها، فيحرص حينئذ الأستاذ فدا على دعوة الشباب أن يجيئوا للتعرف على هذا العلم المصري والسلام عليه. وأتذكر أني كنت ماراً بمكتبه فألقيت عليه السلام كعادتي، وأردت أن أكمل مشواري فإذا بالأستاذ فدا يناديني أن أجيئه، وفوجئت عندما دخلت أنه يقدمني إلى الأستاذ طنطاوي جوهري الذي كان شهيراً يومئذ بفصول تفسيره التي كان ينشرها في الصحف المصرية فنتلقفها نحن الشباب، ومن أمثالي في ذلك زملائي: العلامة الكبير الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، والأستاذ عبد الله عريف، والأستاذ حامد محمد كعكي والأستاذ محمد سعيد عامودي والأستاذ محمد سعيد عبد المقصود. فسلمت على الشيخ وأنا مغتبط بهذه المفاجأة، وكم في الحج من مفاجآت كانت تصادفنا، فتقر بها عيوننا وتثلج بها صدورنا وتبث فينا المحبة، والإجلال والإكبار لأصحابها، وتتحقق بها حكمة فريضة الحج والدعوة إليهما ليتعارف المسلمون ويتآخوا، وهي أهداف الحج ومراميه وفائدة فريضته على كل مسلم ومسلمة.
وأخذنا نحف بالشيخ الطنطاوي ونعرف مكان جلوسه من رواق المسجد الحرام، حيث اختار عموداً من الأعمدة في مدخل باب السلام الكبير يتبتل بصلواته الخمس بجواره، حتى إذا ما انتهى استقرب المكان وخرج إلى مكتبة صديقه الأستاذ عبد الله فدا، فاستقبل فيها من يكونون قد سمعوا بجلسته هذه، فتغص المكتبة بالمسلِّمين عليه والمستمعين له وهم كثيرون. وتكون غبطة الأستاذ عبد الله فدا بانشغاله بالشيخ وزواره وعزوفه عن البيع والشراء سمة من السمات التي كان يجري عليها كرام أهل مكة والمدينة في الترحيب بعظماء وفد بيت الله الحرام، وقد حضر الأستاذ طنطاوي الجوهري إحدى حفلات منى، كما حضرها في عام آخر الوزير المصري الأديب المشهور الدكتور محمد حسين هيكل صاحب كتاب "في منزل الوحي"، وصاحب جريدة السياسة الأسبوعية ومؤلف عدد آخر من الكتب المعروفة، وهو متخرج من "السوربون" في باريس، وكان ذا ثقافة فرنسية وغربية، فلما قدر له أن يحج تنفس صدره بأنفاس الإسلام وعادت جذوره تجري بعصير الحياة العربية والإسلامية، فألف الكتب الإسلامية، وكانت هذه النقلة المفاجئة قد عادت عليه بالخير واليمن والبركة فيصبح وزيراً شهيراً، وقد ألقى في حفلة من حفلات الشباب في منى كلمة وارفة مسهبة ذكر فيها تلك النقلة التي أشرت إليها، وأعلن على مرأى الأشهاد سروره بتصحيح مساره العلمي والأدبي بذلك المنحى الإسلامي، الذي شغل عنه قبل ذلك بالصحافة والسياسة وبآثار جامعة باريس.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :621  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 52 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج