شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قاطرة أم ناقة؟
وصف القاطرة البخارية بأوصاف الناقة في الشعر العربي القديم
كان أخونا الأستاذ القاضي السيد إبراهيم العظم من مدينة حماة في سورية جمّ المواهب، فقد كان رحمه الله قانونياً وشرعياً وشاعراً مجيداً، وكاتباً أديباً، وحفّاظاً للغة والأمثال والشواهد وكثيرٍ من دواوين كبار الشعراء، جامعاً بين حفظ كتاب الله غيباً، وحسن أدائه تجويداً بصوت رخيم فيه حنان ورقة تستهوي الأفئدة، ذا دين سليم، وخلق قويم.
عرفته وأنا في الدراسة الحقوقية بجامعة دمشق، وهو متخرج منها قبلي وموظف في القضاء.
كنا نتبادل الرسائل نثراً وشعراً، وبيني وبينه قصائد كثيرة متبادلة أسميتها "الإِبراهيميات" منها هذه الأبيات التي ختمت بها رسالة جوابية مني إليه، ووصفت فيها القاطرة البخارية الحديثة بأوصافٍ مستمدة مما يصف به شعراء العرب الناقة في الشعر القديم.
كان ذلك في رجب من سنة/ 1351هـ = 1932م/ وأنا طالب في كليتي الحقوق والآداب بجامعة دمشق:
فهل تُبْلغنّي دارَكم عَجْرفيّةٌ
من اليَعْمَلات السُّحم، لا الأَيْنُقِ الأُدْمِ (1)
لها حينما تغدو هدير كأنه
زئير يجلّي وقعُه صَمَمَ الصُّمِّ
وما رعت السَّعْدانَ يوماً ولا الغضا
ولكن تُغذَّى بالبُخار وبالفحمِ (2)
وما نَضَخَتْ ذِفْرى لها من كلالةٍ
ولا احتاجت الأضلاع منها إلى اللَّدمِ (3)
وأخفافُها صلْب الحديد كأنها
محالات بئرٍ نُظِّمت أيَّما نَظْمِ (4)
على طُرق الفولاذ تجري إلى المدى
كمثل هجوم الأفعوان على الخصمِ
سواءٌ لديها الحرّ والقرّ والدجى
وقربٌ وبُعدٌ، فهمي دائمة العزْمِ
تُنَصّ فلا تَحفى، وتسري فلا تني
ولا تشتكي الإعياء من قلة النومِ (5)
وليس عليها من خِطامٍ ولا بُرىً
سوى مِقْومٍ أو مِيقفٍ مُحكَم الأَزْم (6)
يوجّهها القَطّارُ وهي تطيعه
كما شئت من حسٍّ رهيفٍ، ومن فهمِ (7)
إذا رام منها التَّقْـدُمِيَّـةَ أقدمـتْ،
أو القهقرى ردَّت خُطاها على علمِ (8)
بعينٍ كعين الشمس تُجلى بها الدجى
ولكنها عميا في نظر القومِ!!
وليس يضلّ الركبُ ما دام خلفها،
بها الركب يستغني عن الشمس والنجـمِ
عقيمٌ ولا تبغي الفحـولَ وإن جَرَت
تَجُـرُّ مـن الأولاد أكثـر من أُمِّ
وتقتحم الأنفاق لا تختشي أذًى
ولا تتَّقي خصماً ألَدَّ سوى الصَّدْمِ
فهاتيك، إبراهيـمُ، مَوْصِل بينِنا،
فَكم حقَّقتْ بيـن المحبيـن من حُلْـمِ!
دمشق، رجب 1351هـ = 1932م.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :602  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج