شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وداع حياة الطلب
عقب انتهائي من الدراسة الجامعية في كلية الحقوق، وفي كلية الآداب (مدرسة الأدب العليا إذ ذاك) بجامعة دمشق وفوزي بالأولية بالتقديرات العليا في كل منهما في أواخر حزيران من عام/ 1933م/ مر بخاطري ما قاسيت من متاعب دراستي الشرعية الأصلية بحلب، ثم الثانوية العامة، ثم الجامعية بدمشق. وقد شعرت بعد الامتحانات النهائية بمزيد من الإرهاق، وبحاجة شديدة إلى الإِجمام، فجاشت نفسي، قبل أن أعود إلى وطني الأصغر، مدينة حلب الشهباء، بهذه القصيدة الموشحة، تعبيراً عما قاسيت من مشقة الدراسة، وما تتطلع نفسي إليه في المستقبل:
نِعْم ما نوّلتِني من أَربي
فوداعاً، يا حياة الطلَبِ
لكِ ذكرى لذَّةٌ تعصف بي
عرّفتني فعلَ بنت العنبِ
* * *
إن لي عندك عهداً: أنْ تفي
لي بودّي، إنني ذاكِ الوفي
لم أفارقْك فراقَ المكتفي
لا، ولم أقطع حبالَ النَّسبِ
كان منكِ طائري في قفصِ
إن يُرد منك فراراً يُرْهَصِ (1)
* * *
يحتسي ماء النّهى في غَصَص
وهو يرنو للفضاء الأرحبِ
* * *
ترتع الأطيار في الظلّ الظليلْ
ناعماتٍ في صباح أو أَصيلْ
وهو محروم بك الروض الجميلْ
وأغاريد الصفا والطرَبِ
* * *
إيهِ، أصبحتَ طليقاً طائري،
فارْمِ ذا الجوَّ بصقرٍ صاقرِ (2)
ثم حلّقْ، واكتشفْ، وغامرِ
ورِدِ الأنهارَ حرَّ المشربِ
* * *
عِشْ طليقاً في رُبى المستقبل
واغتنم كلَّ ربيعٍ مُقبلِ
واحذرِ الأقفاصَ لا تستجملِ
قفصاً يوماً، ولو من ذهبِ!!
* * *
تلك نفسي، طائراً صوّرتُها
وإلى أوج العلا طيّرتُها
وبنور العلم قد نوّرتُها
فبدتْ في أفقه كالكوكبِ
* * *
آه، نفسي كم أَجَنَّتْ وَصَبا
وتعنَّتْ منه في رَيْق الصِّبا (3)
قُصِرتْ كالحُور في جوف الخِبا
وعن اللهو التهتْ بالدأَبِ
* * *
كلما جاء ربيع مُونِقُ
لا ترى عوداً به لا يُورقُ
غير عودي، فهو صادٍ مرهَق
بِرَحَى الدرس، وفرْط اللَّغَبِ
* * *
تمرح الذشّبّانُ في ميدانها
والهوى يلعب في أردانها
وتُشادي الطيرَ في ريِضانها (4)
وبساتيني سطورُ الكتُبِ
* * *
كلما قلتُ لقلبي: آبَكا (5)
ما ترى من لذّة العمر؟ بكى
وشكا لي فشجاني إذ شكا
عشقَه بنتَ النُّهى والأدبِ
* * *
ليت شعري هل درى إذ عشقا
ما يقاسي في الهوى مَن عَلِقا؟
كلما أوشك يطفو غرِقا
منه في موجِ خضمٍّ لَجِبِ (6)
* * *
من غدا يا قلب، في مركبه
عَصفتْ هُوجُ الأعاصير بهِ
عَظُمت أهوالُه فانتبهِ
لا كعشق الغانيات العُرُبِ (7)
* * *
فإذا ما كنت، حقاً، كَلِفا
بالنهى، يا قلبُ، صبّاً مُدْنَفا
فسَتشقى أو ستلقى تَلَفا
من تباريح الجَوَى، فارتقبِ
* * *
وادَّرِعْ بالصبر في طول الطريقْ
فهْو في درب العلا خير رفيقْ
إنَّ مُرّ الصبر يغدو كالرحيق
حين تخطى ببلوغ الأربِ
* * *
قد مضى شطر حياتي، وأنا
أجتني العلم هنا، أو ههنا
لم أزل صبّاً به مرتَهَنا
ومآلُ الرهن أن يَغْلق بي (8)
* * *
إن خفا (9) برق بأرضي شاقني
أو هفا بي ذكرها يعتاقني
وهواها، راغماً، يستاقني
فعَسى ينفعها مُنْقلَبي
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1150  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج