شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > ديوان قوس قزح > تقديم ثان للدكتور محمود إبراهيـم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
تقْـدِيم
بقَلمْ الدّكتُورْ الأسْتَاذ مَحْمُودْ إبْراهِيْم
أتاحت لي الظروف الطيّبة معرفة وثيقة بالأستاذ الشيخ مصطفى الزرقا حين كان أستاذاً في كلية الشريعة بالجامعة الأردنيّة، وكان نعم الصديق والرفيق والمحدّث، وزاملته في رحلات طويلة وقصيرة كان يتحفني فيها بأحاديثه المفيدة اللطيفة. وقد قلت له يوماً أن شعره يذكّر بالقدامى: بالشعر الذي كان ينظم زمن الأمويين والعباسيين. ولما كانت للشيخ الأستاذ ذاكرة قوية، فإنه لم ينس تلك المقولة، بل هو الذي ذكّرني بها الآن. وقد طالعت شعره الذي ينوي نشره بتمعن، بعد أن أرسله إليّ من السعوديّة، ووجدت فيه أنماطاً مختلفة، بين مشاعر وحسرات وإخوانيات وغزل ووطنيات ومدائح ومتنوعات ومسرحيّة.
وإذا كنت لا أنوي أن أغير رأيي في شعر أستاذنا وشيخنا من حيث لغته وأسلوبه، فإنني أودّ أن أضيف، لا أن أغيِّر، أن هذا الشعر قد روى لنا أحداثاً ووقائع في حياة الأستاذ الزرقا، كما تقع الأحداث والوقائع في حياة كل إنسان عاش في هذه الدنيا وجرّب نعيمها وبؤسها. بل لا أبالغ إذا قلت إن القارئ لشعر الأستاذ الزرقا يستطيع أن يأخذ فكرة قريبة جداً من الواقع عن حياة أستاذنا الكبير، إذ أن كل حدث كبير مرّ به، كان يجد تسجيلاً في شعره، يعبّر فيه عن مشاعره وأحاسيسه ومواقفه.
والذي صحب الأستاذ الزرقا، يعرف مقدرته اللغوية التي عُرف بها منذ تخرّج من المعاهد السوريّة قديماً، والتي أرجو أن تستمر في المعاهد الحديثة. فهو بالإضافة إلى اختصاصه في أمور الفقه وشهرته فيها، قد أدرك أن العلوم الدينية لا بدّ فيها من علم قوي باللغة. وأن العربيّة والإسلام قد اقترن أحدهما بالآخر كما لم تقترن عقيدة بلغة أو لغة بدين، ولذا لا عجب أن نرى هذا الاقتران في معارف الشيخ الزرقا. وكلي أمل أن يمتد ذلك في الأجيال اللاحقة. وما أذكر رحلة قصيرة أو طويلة خلت من قول بليغ أتحفنا به الشيخ الزرقا واستفدنا منه.
بقي أن أتحدث عن أسلوب الأستاذ الكريم في شعره، وإن كنت قد عرّجت عليه من قبل. يقال إن موضوع الشعر يؤثر على اللغة التي يصاغ بها ذلك الشعر، مثلما أن الشعر يتأثر كذلك بشخصية قائلة، كما يقول الفرنسي (Buffon): ":"Le style est I'homme meme "الأسلوب هو الرجل نفسه". وقد كان ذلك واضحاً في شعر الأستاذ الزرقا. فهو بحكم تكوينه الثقافي له أسلوب معيّن يغلب عليه المحافظة والنهج الصحيح القوي المتين، وهو كذلك بحكم موضوعاته تغلب على أسلوبه طبيعة الموضوع. ولكنك لا تجد اعوجاجاً عن العربيّة القديمة السليمة في كل ما يكتب، سواء أكان مرثاة أو إخوانيّاً أو غزلاً أو وطنيّاً أو مدحاً أو مسرحيّة. ذلك أنه حريص على اللغة الصحيحة السليمة التراثيَّة في كل ما يكتب. وأستاذنا الزرقا مرّت عليه أوقات مسعدة كما مرَّت عليه أوقات مؤلمة جداً (أنا عارف بها)، وقد عبّر عن السعادة والحزن بكل ما تتطلبه مشاعر السعادة والحزن، وبعض حزنه كان عميقاً، وأذكر منه على سبيل التمثيل، لا على سبيل الاستيعاب، حزنه على زوجته، وحزنه على ولده المرحوم "نوفل" ولا أريد الإفاضة في ذلك!
يمثل شيخنا الزرقا جيلاً عزيزاً علينا، هو جيل الآباء! والأستاذ الزرقا بحكم تكوينه النفسي وفيّ لأصدقائه، فكيف هو لمن كانوا أشدّ قرباً للنفس من الأصدقاء، وأعني بهم أهل بيته من زوجتيه وقد تزوج بعد وفاة زوجته الأولى، ومن أبنائه؟
مدّ الله في عمر الأستاذ الجليل، وأمتعنا بما يقول ويكتب، فإنه في كتاباته، يعبّر عن نفوس الكثيرين الذين مروا بتجارب مماثلة، وما أكثرهم!
الدّكتُورْ الأسْتَاذ مَحْمُودْ إبْراهِيمْ
قسم اللغة العربيّة وآدابها - كليّة الآداب – الجامعة الأردنيّة – عمّان - الأردن
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1200  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 3 من 56
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج