شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خامساً: الوسطية العربية مذهب وتطبيق
لعبد الحميد إبراهيم
اتخذ المؤلف من اصطلاح الوسطية عنواناً لكتابه المشتمل على جزأين، ومع الاختلاف بين المصطلحين: الوسطية و "التوازن" إلا أنني ألحظ أن مفهوم "د. عبد الحميد" للوسط في هذا الكتاب يتفق تماماً مع ما أعنيه "بالتوازن".
يقول في تعريفه للوسطية العربية مبيناً أنها تختلف تماماً عن وسطية "أرسطو": "أما وسطية أرسطو فتكاد تصل إلى حد التضاد مع الوسطية العربية، إن مفتاح الوسطية العربية والذي لحظناه في عبارة (تجاور الشيئين مع تمايزها) لا يتحقق هنا، فوسطية "أرسطو" لا تقوم على التمايز بين الشيئين، ومراعاتهما معاً، والموازنة بينهما ليتكون منهما في النهاية شيء ثالث، يلغيهما أو يقف بدلاً عنهما" (1) .
ويقول موضحاً الفرق أكثر: "الوسطية العربية تختلف عن ذلك تمام الاختلاف، فهي ليست نظريات تحتاج إلى تعلم، ولكنها حياة يعيشها المرء، يعترف فيها بالصراع بين المتضادات، إنه لا يلغي الطرفين، ولكن يعترف بهما أنهما يتعايشان متجاورين ومتماسين، وعلى المرء أن يكون دائماً في حذر، حتى لا يقع في التطرف، إنها وسطية تتميز بالواقعية، والقرب من طبيعة الإنسان" (2) وهذا بعينه هو مفهوم "التوازن".
إن الشيء الجديد في هذا الكتاب هو محاولة الكاتب إثبات أصالة "الوسطية" الإسلامية التي جاءت متمشية مع الفطرة العربية تماماً. وقد بسّط الكلام في هذه الفكرة ليثبت أن "الوسطية العربية، منهج تفكير عربي أصيل، وليس كما يدعي البعض من كونه نتيجة للفلسفات الغربية قديماً وحديثاً. وفي ذلك يقول: "إن الإسلام لم ينزل لاغياً للتكوين العربي، بل استثار أفضل ما فيه ووضعه في إطار عقائدي منظم فعمد إلى فكرة الوسطية، والتي هي نبت عربي طبيعي. وأضاف إليها عنصر الضبط والربط... الوسطية العربية واقع جغرافي وتاريخي قبل أن تكون مهارة كلامية، إنها حياة يعيشها العربي، وتجابهه صباح مساء، ليل نهار، وجاءت العقائد لتنظيم هذه الحياة ووضع القيم لضبطها. ومن ثم فهي وسطية لا تجمد الإنسان ومواقفه الواقعية في نقطة هي مركز الدائرة، أو هي الحد الأوسط في قضية منطقية.
الوسطية العربية لا تفترض شيئاً ثم تضعه مقابل شيئين ولكنها تجمع وتجاور بين الشيئين. كما يقتضي الحتم الجغرافي، ثم تحاول أن "توازن" وتعادل بين الشيئين... فالشجاعة العربية ليست شيئاً في مقابل الجبن أو التهور، بل هي تعترف بالجبن والتهور، لأنها تعيش هاتين الصفتين، ولكن الإنسان عليه ألا يتطرف في جبنه، وألا يتطرف في تهوره، بل يضبطهما ويعادل بينهما" (3) .
وهكذا بسط الكاتب الحديث عن أصالة الوسطية العربية وإثباتها والتدليل عليها عند العربي، فكان كتابه الأول الذي وضعه للكلام عن المذهب، ثم جاء الكتاب الثاني وحاول فيه تطبيق ذلك المذهب على محاولات متعددة مثل الأخلاق، الجمال، الفن، الأدب، وأخيراً اللغة.
ويعتبر كتاب "الوسطية العربية مذهب وتطبيق" أوفى ممن سبقوه تفصيلاً وتأصيلاً للمنهج.
ولكنه في مجال التطبيق لم يطبقه على الأدب النبوي. وكان جل تطبيقه على القصة لأنها ميدان تخصص المؤلف.
ولذا فهو مع ما سبقه أعانني ويسر لي تأصيل معيار "التوازن" وإدخاله بين المعايير الفنية، بلا حرج أو افتئات.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1006  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 8 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج