قَرَأْتُ على عَيْنَيْك يا حُلْوةَ اللَّمَى |
قَصيدةَ حُبّ تُرْقِصُ الزَّهْرَ والنَهْرا |
بَيانٌ ولا أحْلَى… تَناهى عُذوبَةٌ |
فَغُلِّـي بصَـدْري… قـَدْ فَتَحْـتُ لَكِ الصَـدْرا |
مَعَاذَ الهَوَى أنْسَى مِنَ العُمْرِ لَيْلَةً |
هِيَ العُمْـرُ يا غَلْـواءُ… بَـلْ تَفْضُـلُ العُمْـر |
نَأيْنا بها عَنْ كُلِّ عَيْنٍ، ولَفَّنا |
جَناحُ الدُّجَى ثَغْريْن فاتَّحدا ثَغْرا |
يطلُّ علينا البَدْرُ حيناً ويَخْتَفي |
فنَهْمِس غِبْ يا بَدْرُ، لا تَفْضَحِ السِرَّا |
فرحْنا، ولكنْ فَرْحةَ الطِفْل لَمْ يَحُمْ |
على لَهْوهِ ظنٌّ، ولَمْ يَرْتَكِبْ وِزْرا |
مَحَوْتُ خَطايا الدَّهْر كُرْمَى لِساعةٍ |
سأذْكُرُها دَهْراً وأشْكُرُهَا دَهْرا |
كفانيَ أنِّي قَدْ رَوَيْتُ بقَطْرةٍ |
فلا تُغْرِنـي يـا قَلْـبُ… لَـنْ أشْـرَب البَحْـرا |
تَبَاعَدُ ما بَيْني وبَيْنَكِ، فلْيَكُنْ |
رَسولي إلَيْكِ الليلَ والشِعْرَ والفِكْرا |
إذا اشتَعَلَتْ بَيْن القلوبِ مَحارقٌ |
فلا ماءَ يُطْفي في مَواقِده الجَمْرا |
تدانَى مِنَ الستينَ عُمْري، ولَمْ أَزَلْ |
أحومُ بأنْظاري على الرَّوضة الخَضْرا |
وأجْعَلُ مِنْ شِعْري مَناطاً إلى السُّهَى |
وأنَّى لغَيْري أن يرودَ السُّهَى شِعرا؟ |
ويا حُلْوَةَ العَيْنَيْنِ كَيْفَ بَعَثْتِني |
مِنَ القَبْر، واسْتَنْبَتّ مِنْ عَوْسَجي زَهْرا |
وكَيْفَ استَطاعَتْ مُقْلتاك بنَظْرةٍ |
مُكَسَّرَةٍ أنْ تَبْنِيا بَيْنَنَا جِسْرا |
وكَيْفَ تَلاَقَيْنا على غَيْرِ مَوْعِدٍ |
وكَيْفَ افْتَرَقْنا ثمّ عِشْنا على الذِكْرى؟ |
تبارَكَ مَنْ سوّاكِ كُتْلَةَ فِتْنَةٍ |
إذا أمَرَتْني لم أرَدَّ لها أمْرا |
تُديرُ على قَلبي سُلافَةَ ثَغْرِها |
فأسْكرُ… لا شَهداً شَرِبْتُ ولا خَمْرا |
وألْتَقِطُ الدُرَّ الذي في حَديثِها |
فأوِسعُ أسْماعي لأحْتكِرَ الدُرّا |
يقودُ إليك الشَوْقُ خَطْويَ، والهَوَى |
فإن تَقْرئي أكْتُبْ، وإنْ تَكْتُبي أقْرا |
لَقَدْ كُنْتُ أغْرَى بالمِلاح، فلَمْ أعُدْ |
- بِغَيْرِ التي أنْزَلتُها كَبِدي – أُغْرَى |
أنا العاشِق الزاهي على كُلُّ عاشقٍ |
وغَلْواءُ في عَيْنَيَّ، ما لَيْلى وما عَفْرا؟ |
عَلِقْتُ بها هَيْفاءَ تَمْلأ عالَمي |
ببَسْمَتِها الرَّيا وطَلْعَتِها السَمْرا |
أُباهي بما أَلقَى مِنَ الصَدِّ تارةً |
وأكتُمُ ما ألقاهُ مِنْ عَنَتٍ أَخْرى |
أسيرٌ أنا، لكنْ وجَدْتُ سَعادتي |
فلا تَرْحَميني واتْرُكيني معَ الأسرى |
تساوَى لديّ الفَجْرُ والليلُ والضُّحَى |
فلا لَيْلَ إلاّ ساحِبٌ خَلْفَه فَجْرا |
أموتُ إلى عَيْنَيْك شَوْقاً ولَهْفَةً |
فيا حُلْوَتي عَطْفاً ويا كَبِدي صَبْرا |
لَئِن عزَّ في هذي الحياة اجْتماعُنا |
فَقَدْ نَلْتَقي للمرّة الألف في الأُخْرى |