شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المُهَـرَّج
التهريج احتيال على الفَـرَح، والفَرَح من شيم النفس الكبيرة
على وَجْهه عُرْسٌ، وفي القَلْـبِ مَأْتَـمٌ
لَهُ اللهُ كَمْ يَشْقَى وكم يتألَّمُ!
طَوَى في ثنايا ضِحْكه غُصّـةَ الأسـى
وأخفَى وراءَ الهَزْلِ ما الله يَعْلَم؟
يَحُفُّ بـه الإزْراءُ مـنِْ كـلَّ جانِـبٍ
ويَتْبَعُه – أيان سارَ – التَهَكُّمُ
وما هُوَ أهْلٌ لِلْهَوانِ، وإنَّما
تَدَهْوَرَتِ الأخلاق وانْقَطَع الدَّمُ
لَحَى اللهُ عَهْداً فيـه يُرْجَـمُ مُحْسِـنٌ
ويَسْحَبُ أذيالَ الحَفاوةِ مُجْرمُ
يعيشُ ويَنْمو الشَّوْكُ في جَنَباتِه
ولاَ يتَثَنّى في حواشيه بُرْعُمُ
حضارَتُه زَيْفاءُ مهما تَبَرَّجَتْ
ومَظْهَرُه – مَهْما تَأنَّقَ – أسْحَم
يقولون بُهْلول فقُلْتُ وإنه
لأرْفَع مِــنْ بعضِ الملـوك وأكْـرَمُ
وهَلْ تَسْتَوي كَفَّـان: بيضـاءُ لِلَّنَـدى
وسَوْدَاء لِلْكُرباج تَطْغَى وتُلْثَمُ
أجل، هـو بهلـولٌ ولكـنَّ عِرْضَـه
عزيزٌ على الأهوال لا يَتَثَلَّمُ
* * *
لقَدْ غَمَرَ المَلْهَى بِوارفِ ظِلِّه
ونَمْنَمَهُ رَوْضاً يَبُشّ ويَبْسُمُ
يُداوي هُمـومَ النـاس وهْـوَ مُلَـوّعٌ
ويأسُو جِراحَ النـاس وهْـوَ مُهَشَّـمُ
ويَفْتَحُ أبوابُ الرَّجاءِ لِيائس
وفي نَفْسه لَيْـل مِـنَ اليـأسِ مُظْلِـمُ
قَضَى الحظُّ أنْ يَحْيا طَريـداً مُشَـرَّداً
يَعيثُ به نابٌ ويَعْبَثُ مَنْسَمُ
إذا انسَلَّ مِنْ بِئْر تَرَدّى بهُوّة
وإنْ فَرّ مِنْ ذِئْبٍ تلقَّاه أرْقَمُ
فراضَ على الضَّـرَّاءِ والضَّيْـمِ نَفْسَـه
وأغْطَى فلا يَشْكو ولا يَتَبرَّمُ
وقابَلَ بالتَّرْحابِ جَيْشاً عَرَمْرَماً
مِنَ البُـؤس يَتْلـوه خَميـسٌ عَرَمْـرَم
وهًلْ نَحْنُ إلا في يـدِ الغَيْب كالدُّمـى
تُفَرّقنا حيناً وحيناً تُلَمْلِمُ
نُردَّدُ ما تُمليه، لا ما نُريدُه
ونَمشي على الدَّرْب الذي هي تَرْسُـم
تساوَى أميرُ القـومِ والعَبْـدُ عِنْدَهـا
ولَمْ يَخْتَلِف "قُـسٌّ" لَدَيْهـا وأبْكَـم
إذا أقْبَلَت فَلَّ الصوارمَ أعْزَلٌ
وإنْ أدْبَرَتْ لم يَقْطعِ العودَ لَهْذَمُ
فلا يَبْطَرِ الشَّبْعانَ جاهٌ ونِعْمَةٌ
فقد يَتَدَجَّى فَجْرُهُ المُتَبَسَّمُ
ولا يَخَفِ المَحْرومُ فَقْراً وشِدّةٌ
فقد يَتَوَلَّى لَيْلُهُ المتَجَهَّمُ
* * *
عَزاءُك يا بُهْلُـولُ أنْ أجْـرَم الـوَرَى
إليك، فلولا الجَهْلُ لم يَتَهَجّموا
تواضَعْت فاسْتَشْروا، وَلوْ كُنْتَ مِثْلَهـم
لما جَلْجَلـوا بالمُنكـرَاتِ وجَمْجَمـوا
رأوا ثَوْبَك البالي، فَهَلاَّ تَلمَّسوا
على الوَجْه ما أخْفَيْتَ في الثوب عَْنهُـمُ
حَمَلْتَ بلاياهم قَريراً لِيَهْنأوا
وطُفْتَ عليهم بالرَّجاءِ ليَنْعَموا
لأنْتَ الذي ضَحَّيْتَ نَفْسَـك دونهـم
وأنْتَ الذي أنْكَـرْتَ حقَّـك لا هُـمُ
عزاؤك يا بُهْلولُ، فالعُمْرُ لَيْلَةٌ
إذا ذَهَبَت لَـمْ يَنْفَـعِ المَـرْءَ دِرْهَـمُ
سَيَجْزيكَ مَنْ لا يُغمَطُ الفَضْـلُ عِنْـدُه
ويَمْنَع عنك الظُّلْمَ مَـنْ لَيْـسَ يَظْلِـمُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :431  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 540 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.