شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قُبلـة وعِنـاق
ودع بها صديقه سفير سوريا في الأرجنتين عبد السلام عقيل، لدى عودته إلى سوريا
لا أَنا عائدٌ، ولا أنتَ باقٍ
كَيْفَ يُرجـى علـى الزمـان تَـلاقِ؟
قَيّدتْني هنا جُذوري، وشَدّت
حَلقاتي فمن يَحِل وَثاقي؟
كلما لاحَ في سَمائي بَريقٌ
خَنَقَتْه غوائلُ الأغساقِ
أنشبَ اليأسُ ظُفْرهُ في ضُلوعي
ليتَ لي مِـنْ مخالـب اليـأسِ واقـي
أينما سِرْتُ لي رفاقٌ وأهلٌ
شَرّدَتْ أهليَ النوَى ورِفاقي
ساء حَظُّ الغريبِ يمشي علـى الجَمْـرِ
ويَجْري ودَهْرُه في استباقِ
وزّعتْه الأقدارُ داراً ومَنْفًى
لا يُداوي الفِراقُ جُرْحَ الفِراق
يرتوي بالسَّراب حيناً، وحيناً
بِمَيازيب دَمْعه الدَّفّاقِ
غرّه الرَّزْقُ فاشرأبَّ إليه
وتَناسى مراهم الرزّاقِ
لم يَنَل غير حَفْنةٍ من رَمَادٍ
أدكنٍ ينطوي على الإِخْفاق
إن تغافى أقضَّ مضجعه الهمُّ -
وثنّى عليه بالإِرهاق
يا أخا الـروح قـد قَسَـوْتَ علينـا
مَنْ لدمعٍ على نَواك مُراقِ
جَمَعَتْنا قرابةُ الفِكْرِ، لكنْ
فرّقتنا غرابَةُ الآفاقِ
ليتَنا لم نَفئ إليك ونَنْهلْ
مِنْ ينابيعِ وُدّك الرَّقْراقِ
ليتنا لم نَزَلْ نُحبك بالسمع -
ونَسعَى إليك بالأشواقِ
ليس مـن يِجْتلـي الفُراتـين رَسْمـاً
مثْلَ من يَجْتليهما في العراقِ
السياساتُ لم ترد في حسابي
تَذْهبُ الترّهاتُ والفِكْرُ باقِ
أنتَ في دَوْلةَ البيانِ أميرٌ
وأميرٌ في دولةِ الأخلاقِ
عَشِيَتْ دونك العُيونُ، وزاغَتْ
في مراقي خيالِك الخلاّقِ
كم لنا جَلْسَةٌ بكرمِ "المعرّي"
ولقاءٌ في ندوةِ "الشَّدْياقِ"
طابَ شِعْري لمَّا عَطَفتَ عليه
رُبّ عَطْفٍ كالصاب مُرّ المذّاقِ
زنْتَه بالثناء فارْبَدَّ هاجٍ
وتَعَرّتْ سريرة المذّاقِ
لَسْتُ في حاجةٍ إليك سَفيراً
وأنا ظامٍ لغَيْثِك الغَيْداقِ
أنا في لَهفةٍ إلى النفحةِ الريَّا-
تُثيرُ الأمواجَ في أعماقي
كلما غابَ عن عيوني صَديقٌ
متُّ لولا يَدُ الصديق الملاقي
آفتي أنَّني وَفيٌّ، وعَيْبي
أَنَّ قلبي يُطلّ مِنْ آماقي
ألفُ خلّ على حياتي تَوالَوا
كيف لم أنْهدمْ لألفِ افتراق؟
أقفرَتْ أيكةُ البَيانِ، فماذا
تَرْتَجي الأذن مِـنْ غُـرابٍ وقـاقٍ؟!
لهفَ نفسي على تُراثِ يَتيمٍ
ضاعَ ما بينَ أرجل الطُّرّاقَ
شوّهته عصابةُ الأدَبِ المْيت-
وباعتْ حُلاه في الأسواقِ
زَعمتْ أَنَّها تقول جَديداً
ليس هذا الجديدُ غيْرَ نُعاقِ
أعْوزَتْه فُحولةُ اللَّفْظ والمعنى -
فغطَّى عَرِيَّهُ بالأوراقِ
مَجَّه "يَعْرُبٌ" فعاشَ هَجيناً
أجنبياً بين العِراب العِتاقِ
يَتَثَنَّى تَخَنّثاً لا اعتداداً
كيف يَزْهـو قَـزْمٌ علـى عِمْـلاقِ؟
أرْجُو أنه يُلاقي رَواجاً
قلتُ هذا رَواجُ سوق النفاقِ
ليس يبـني التَّبْويـقُ مَجْـداً، فَرِفْقـاً
يا غُلاة التَّبْويقِ بالأبواقِ
ذَهَبَ الهادمون "شوقـي" و "شوقـي"
خالدٌ في القلوبِ والأذْواقِ
كلُّ يوم عُمْره ألفُ عامٍ
إنَّ ذِكْرَ العظيم كالدهرِ باقِ
يا دُعاةَ الجديد نُقّوا، فإنّا
قَدْ أَلِفْنا سَفاسِف النُّقَّاقِ
هَزَّنا "شِعْرُكم" ولستُ أحابي
هَزَّةً تنظوي على الإِشفاقِ
بَلْبَلَتْنا "آياتُكم" فارْحَمونا
تكتبوا فَضْلكم على الأعناقِ
نحنُ لا نكرهُ الجديدَ، ولكنْ
رُبَّ خَمْرٍ خَمّتْ بريحةِ ساقٍ
إن يَكُنْ وقتُنا لديكم رَخيصاً
أوَلا ترأفون بالوَرَّاقِ؟
غايةُ الهَزْل أن يُطاول ديكٌ
قَشعماً في مدارج الآفاقِ
هل يَخوضُ البحـارَ صاحـبُ عَقْـلٍ
ليس يَقْوى علـى عُبـور السواقـي؟
ليت شِعري أتنظمون الأحاجي
أم تَرَى مِـنْ "ثمـودَ" أنتـم بَـواقِ؟
لا يجوز الطلاقُ عندَ النصارى
غَيْر أني خَلَعتُكم بالطلاقُ
* * *
يا رفيقي غَداً تعود إلى الفِرْدَوْس – فاحْمِلْ سَلامَنا للرَّفاق
نَتَّمنى على النَّوى… نتَمنَّى
لو رَجَعْنا على ظُهور النياقِ
ما تزالُ الشآم خَفْقَةَ وَجْدٍ
في الحنايا، ودَمْعَةً في المآقي
غِبْتُ عنهـا خمسـينَ حَـوْلاً وقَلْـبي
يَتداوَى عنها بحُلْم التَّلاقي
لا وَعَيْنيْ "غلواء" لم نَتَجَّملْ
عَـنْ هَواها برَغْـم طُـول الفـراقِ
نتأسَّى بذِكْرها كلَّما هزّنا-
الشوقُ، وهذي عُلالة المُشتاقِ
ونُصلي لكي نشمَّ شَذاها
قَبْلَ أنْ تبلغَ النفوسُ التَّراقي
* * *
يا صديقي هـلاَّ اصطحبـتَ فـؤادي
في ثنايا جناحك الخفَّاقِ
طالَ تيهي، فمَنْ ينيرُ طريقي
واعتلالي، فهَلْ أفوز براقِ؟
أنا لولا بقيةٌ مِنْ رجاءٍ
لخَبَتْ بَسْمتي ومَرَّ مَذَاقي
يا أخا الـروحِ قَـدْ أَثـرْتَ شُجونـي
بَلْ بَعَثْتَ الحياة في أعراقي
لنْ أكافيـك مـا صَنَعْـتُ، فدَعْـني
أتقَرّبْ بقُبْلةٍ وعِناقِ
أنتَ مهما نَأَيْتَ باقٍ بقلبي
ومُقيمُ على سَنا أحداقي!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :385  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 493 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.