شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مَزْرعـة الرَّجـاء
إلى أبطال تشرين شُهداء وأحياء
أثار الزَّهْوَ في دانٍ ونائي
وأحيا فيهما روحَ الرَّجاءِ
بَدا تِشْرين خفّاقَ اللواءِ
كما اختالَ الربيـعُ علـى الشّتـاءِ
فكيف أروض شامِسَ كبريائي؟
* * *
يميناً لا أرى في الحَرْب إلاّ
وبالاً يَشْمَل الأطراف كُلاّ
ولكن هَلْ يُطيق الحرُّ ذُلاّ
ويَرضَى عاقلٌ أن يُستَغَلاّ
ويَرْضَخ للهوانِ وللغناءِ؟
* * *
بَسَطْنا كفَّنا بالياسمينِ
فلم نَحْصُدْ سوى الشَّـوْك السنـينِ
لئن شِبْنا على مرِّ السنين
فما زِلْنا لُيُوثاً للعَرينِ
ولم نَبْرحْ نُسوراً للفَضاء
* * *
بنَى تشْرينُ ما هَدَمَ الخُمولُ
فليس لشَمْس سوريَّا أُفولُ
نقولُ فلا يُكذَّبُ ما نَقولُ
لئن طِبْنـا لقـد زَكـتِ الأصـولُ
وهَلْ يلدُ السخاءُ سوى سَخاء؟
* * *
شبابَ الشام إنَّ الحقَّ يَعْلو
وأنتم دَْعوةٌ للحقِّ تحلُو
غَلَوتم في هـوى وَطَـنٍ… ويَغْلـو
تُرابٌ لا نظيرَ له، وأهلُ
وتاريخٌ يقومُ على العَطاء
* * *
قَذَفتمْ بالعدوِّ إلى الجحيمِ
وتِلْكَ مَراتعُ الظُّلْم الوَخيمِ
ولَسْتمْ مِـنْ ذوي الخُلُـق الذميـم
ولكنْ مَن تحرّشَ بالكريمِ
جَنَى مِنْ صُنْعه سوءَ الجَزاءِ
* * *
تَسَلَّحتمْ بإيمانٍ وصَبْرِ
فمِنْ نَصْرٍ تَنقَّلْتمْ لنَصْر
وكم حَجَرٍ صغـيرِ الشـأن يُـزري
بِرَشّاشٍ، ويَكْسِرُ جُنْحَ نسرِ
فيَهْوي للحضيضِ من العَلاءِ
* * *
غَسَلْتُمْ بالدّمِّ المسفوحِ عارا
تطاوَلَ عُمْرهُ ودَجا غُبارا
لأنتُم أكرمُ الأحْياء دارا
وأوْقدُهمْ على الرَّبَوات نارا
وهل يَدْنُو سَراجٌ من ذُكاءِ؟
* * *
رَوَى بَرَدى غليلكُم صِغارا
وشدَّدَ مِنْ عَزيمتكم كِبارا
لكمْ أمّنْتُمُ في الرَّوْعِ جارا
فما حَفِظَ المودّةَ والجِدارا
وأنتم ساهرونَ على الوَفاءِ
* * *
ويا تِشْرينُ يا مَلِك الشهورِ
حَمَلْتُ إليك قلبي في شُعوري
كبيراتُ الحوادثِ للدُّثورِ
وذكرُكَ خالدٌ أبدَ الدُّهور
يردّدُهُ صَباحٌ عن مساء
* * *
قلوبُ النازحينَ عليك حامَتْ
ومِنْ أفراحها قَعَدَتْ وقامَتْ
نَزَلْتَ بها كمـا البُشْـرى فناحَـتْ
وصلّت لاسـم سُوريـا وصَامَـتْ
وكم تَهْوَى القلوبُ على التَّنائي!
* * *
يَعيبُ العائبون عليّ أني
أُشيدُ بمَجْدِ ماضِيَّ الأغَنِّ
فقلتُ لهمْ وهَلْ عِيبَ المُغَنِّي
لأن جُدودَه أصحابُ فَنِّ
توارثَ منهمُ حُبَّ الغناء؟
* * *
سنَبْني مثلَهم أبراجَ مَجْدٍ
ونَفْتَحُ بالمحبة كلَّ حَدِّ
نريدُ السيفَ ذا حدَّيْن: حدٍّ
لتأديبِ التعدّي والتحدِّي
وحدٍّ للشِّفاءِ وللعَزاءِ
* * *
وما أنا مَـنْ يحـضُّ علـى القتـالِ
ولكنْ لا مَناصَ مِنَ النِّضالِ
أرى صُهْيونَ تُمْعنُ في الضلالِ
وتَسْرِقُ مَوْطني وتُبيدُ آلي
فهل أرجو لها طولَ البَقاءِ؟
* * *
يا شهداءَ سوريا سَلاما
يَفُوحُ على مَراقدَكمْ خُزامَى
إذا بحُماته وَطَنٌ تسامَى
سَمَوْتمْ فـوقَ هـامِ النجـمِ هامـا
وجُزْتمْ كلَّ حدٍّ للفِداء!
* * *
نَمُجُّ من الصهاينةِ الدخيلا
ونحترمُ اليهوديَّ الأصيلا
ولو هُو جاءَنا ضَيْفاً نبيلا
فَرَشْنا بالورودِ له السبيلا
ولم نُضْمِرْ له غيرَ الوَلاءِ
* * *
رَعاك اللهُ يا أسدَ الشآمِ
غَنَيْتَ بما فَعَلْتَ عن الكلامِ
لقد نَصَبُوا لنا فخَّ السلامِ
فلَمْ تُخْدَعْ ببارِقَةِ ابتسامِ
وميّزْتَ الظَّلامَ مِنَ الضياءِ
* * *
تَخَلَّى عنك في الجُلَّي الشَّقيقُ
وحوَّلَ وجهَهُ عنك الصّديقُ
فقُلتَ أخوضُهـا… لكـن أفِيقـوا
فنحنُ –وإنْ تَفَرَّقتِ الطريقُ-
رفاقٌ في الهَناءِ وفي الشَّقاءِ
* * *
وخَضْتَ الحَرْبَ وَحْـدَك، لا تُبالـي
بأوزارٍ وأعباءٍ ثِقالِ
تقودُ إلى العُلا هِمَمَ الرجالِ
- ولا إسرافَ - بل قِمَـمَ الجِبـالِ
وجَيْشاً مِنْ صَناديدِ الفِداءِ
* * *
أمدُّ إليك يا أسدَ الشآمِ
يميني بالتحيةِ والسَّلامِ
رَفَعْتَ رؤوسَنا بَيْنَ الأنام
وحرّرتَ العُقولَ مِنَ الظَّلام
فكيف أفيك حقَّك بالثناءِ؟
* * *
كذا أعطاك ربُّك ما تُريدُ
وذلَّ أمامكَ الخَصْمُ العَنيدُ
عدوُّ الحقِّ في الدنيا شَريدُ
وفي أخراه مَنْبوذٌ طَريدُ
وليسَ المجرمونَ بأقوياءِ
* * *
ويا تِشْرينُ ذكـرُكَ سَـوْفَ يَبْقَـى
مثالاً يُحتَذَى غَرْباً وشَرْقاً
وسَوْفَ تظلُّ للآمالِ أُفْقا
كَوَجْهِ الصُّبْحِ أو أبْهَى وأنْقَى
وتَبْقى الشامُ مَزْرَعَةَ الرجاءِ!
1987
 
طباعة

تعليق

 القراءات :385  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 483 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.