شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فـرخ النسـر
في الذكرى الأولى للشاعر الروحانـي الكبير نعمه قازان، وقد أُنشدت في الحفلة التذكارية الكبرى التي أقيـمت لـه فـي البرازيـل
لَبَكَتْكَ بالدَّمْع السَّخينِ ذُكاءُ
لو ردَّ عاديَةَ المَنون بُكاءُ
عَزّتْ بـك الفُصْحـى وتـاهَ بَيَانُهـا
هْلْ فَوْقَ أعلام البيان لِواءٌ؟
قَدْ كُنْتُ أرجـو أن أعـودَكَ قَبْـلَ أنْ
تَمْضي، ولكـنْ لَـمْ يَصِـحَّ رَجـاءُ
قَطَعَ الرَّدَى دَرْبي إليك، وغَلَّني
قَدَرٌ يَغُلُّ الريحَ حينَ يَشاءُ
الشِعْر أصْلَـح بيننـا مـا أفْسَـدَتْ
أفْعى السياسةِ، إنَّها رَقْطاءُ
قالوا لقـدْ أصْلَـى صِحابَـك ثَـوْرةً
بَنّاءةً... لكنَّها هَوْجاءُ
يَنْعى عليهم أنَّهم لم يَخْرجوا
في الشِعْر عما سنّهُ القُدَماءُ
فأجَبْتُهم هيَ فَوْرةٌ وتَطامَنْتْ
إنَّ الشبابَ تَطَرّفٌ وغُلاءُ
غَلْواءُ لا تَقْسي عليه... فربَّما
عابَ الهَزارُ أخاه يا غَلْواءُ
شتانَ مَدْرسَتان: هذي لِلْهُدَى
صَرْحٌ، وهذي للضَّلالِ خباءُ
ما في احتفالك بالجَمال مَعَرّةٌ
يبقَى الجَمالُ وتَمّحي الأسْماءُ
لا يستحي الحُرُّ الكريمُ بأمِّه
ولو أنَّها زَنْجِيّةٌ شَوْهاءُ
هِيَ في شريعتِه فَريدةُ عَصْرها
في الفَضْل، وهي الرَّوْضَة الغنَّاء
كمْ ثَوْرةٍ تَلِدُ الرَّجاءَ.. وَثوْرةٍ
تَئِدُ الرَّجَاءَ الغَضَّ، فهْيَ وبَاءُ
والماءُ ينبوعُ الحياة، فإن طَغَى
أخنى على العُمْران، فهو بَلاء
يا شاعري لمَّا نَعَوكَ تَقطّعتْ
كَبدي وهَزّتْني اليَدُ العَسْراءُ
هَيْهات أنْسَى في جوارك لَيْلةً
ماجَتْ بِها الأطْيابُ والأضْواءُ
نُصْغي إليك بلذّةٍ، وَتَودّ لَوْ
دامَتْ دَوامَ سُرورنا الظَّلْماءُ
سَكرَ النَدِيُّ بخَمْـرِ شِعْـرِك وانْتَشَـتْ
ممَّا سَكَبْتَ بكأسِها الصَّهْباءُ
زَجَلٌ تناهى حِكْمَةً ونضَارةً
هُوَ للقلوبِ وللعقول غِذاء
تُلْقيه بَيْن فَصيحةٍ وفصيحةٍ
كلُّ البَنَفْسَج في العَبير سَواءُ
يَنْقَضُّ طَوْراً كالعُقابِ، وتارةً
ينسابُ فهْو حَمامةٌ بيضاءُ
ما زِلْتَ تَسقينا ونَهْتف نَشْوةً
ونُفوسُنا رَغْم الشَّراب ظِماءُ
حتَى أطـلَّ الفجـرُ فاختنـقَ الشـذا
وجنى علـى عِـرس الضيـاء ضيـاءُ
وَتَفرّق السُمّار، ليسَ يُلِمّهم
لَيْلٌ سَجَا أو نَدْوَةٌ زَهْراءُ
ذِكْرى بقَلْبي كلَّما اسْتَعْرَضْتُها
عَقَدتْ لساني غصّةٌ خَرْساءُ
وَغَضَضْتُ طَرْفـي أستعيـدُ طُيوفَهـا
هلْ بَعْدَ عادَيةِ الفِراق لِقاءُ؟
يا وَيْح قَلْبي، كمْ توجَّـعَ فـي النَّـوى
وشكا وأذْنُ زَمانِه صَمّاءُ
إنِّي أضْعـتُ أحـبَّ أيامـي سُـدىً
هَلْ بَعْدَ أيام الشَّباب هناءُ؟
أدْمَى الحنينُ إلى الديار حُشاشَتي
يا جِيرتي هَلْ أنْتُم أحْياءُ؟
عَبَثاً أقولُ غـداً أعـودُ إلـى الحِمَـى.
أتُرَى أعودُ وجُثَتي أشْلاءُ؟... .
* * *
حَيّاك فَرْخَ النَّسْـر جـارٌ لَـمْ يَخُـنْ
للشِّعْرِ عَهْداً خانَهُ زُمَلاء (1)
يَرْنُو إليك وفي حَنايا صَدْرِه
نَارٌ تَوجّ، وثَوْرَةٌ حَمْراءُ
عبثتْ بـه غـيرُ الزمـان، وقرّحَـتْ
أجفانَه الأحزانُ والأقذاء
أحبابُه مَلأوا الفَضَاء، فكلَّما
أهْوَى شهابٌ ضاقَ فيه فَضَاءُ
لا يَسْتريحُ ولا يَغيضُ وفَاؤهُ
إنْ ضاعَ بَيْن الأصدقاء وَفَاءُ
الشعْر سَلْواه إذا لَمْ تُجْدِه
سَلْوى، ولَمْ تَسْتَهْوِهِ حَسْناءُ
ألْقى إليه هُمومَه، وغَفَا كما
يَغْفو بأحْصان السُّكون مَسَاءُ
إنْ لَمْ يَكُ (الأعْشى) فكـلُّ صِحابِـه
يَوْم الفَخَار، قَصائد عَصْماءُ (2)
* * *
يا عُصْبةَ الأدَب الذي أحبَبْتُه
لكمُ البَقاءُ.. وهلْ يَسُرُّ بقَاءُ
في مَهْرجان الشِعْر أحني هامَتي
لأخٍ تَغَنَّتْ باسْمِهِ الجَوْزاءُ
أفْنى على حرمِ الحقيقة عُمْره
وكذا يجيء ويَذْهبُ الشُّهَداءُ
بالحُبِّ والغُفْران يَلْقى خَصْمَه
إنَّ المَحَبةَ للخِصام دَواءُ
صنّين علّمه الشُّموخَ وَثلْجُه
أوْحَى له أن الحيَاةَ عَطاءُ
يا إِخْوتي – والجُرْحُ يَجْمَـعُ بَيْنَنـا –
ذَهَبَ الربيعُ، فهـلْ يَطيـبُ شِتـاءُ؟
عالَجْتُ بالصَّبْـر الجَميـل لَواعجـي
فازْدَدْنَ واستَعْصَى عليّ شِفاء
لَمْ تُبْقِ لي أرْزاء قَوْمي دَمعةً
في مُقْلَتي... رُحْماكِ يا أرزاءُ
أنّى التفَتُّ استَقْبَلَتْني دِمْنةٌ
مَهْجُورةٌ، أو لَيْلَةٌ لَيْلاءُ
لُبْنانُ فِي قَلْبِي يُعانِقُ جُلَّقاً
مَنْ قال بَيْنَ التَّوْأَمَيْن عِداء؟
الزَّفْرة الحَرّى تَحُزُّ ضُلوعَكَم
هي في ضُلوعي طَعْنةٌ نَجْلاءُ
لا حَدَّ يَفْصِـل بَيْنَنَـا مهمـا سَعَـوا
الحُبُّ يهْدم ما بنى العُمَلاءُ
وادي العَرائسِ يَسْتَثير صَبابَتي
وتَهيجُ وَجْدِي الغُوطَةُ الخَضْراءُ
مَنْ لا يُشارك في المُصاب شَقيقَه
فهُتافُه يَومَ السُّرور رِياءُ
يا أصدقائـي، كَيْـفَ يَنْسَـى أيْكَـهُ
شادٍ، وتَسْلو سِرْبَها وَرْقَاءُ
إنّا تَقَاسَمْنا النَّصيبَ، فكلُّنا
مَهْما انَتَفَخْنا، زُمرةٌ غَرْباءُ
غِبْنا عَنِ الأوطانِ فـي طَلَـبِ العُـلا
فكَبا بنا حَظُّ وخابَ رَجاءُ
إنْ لَمْ تَكُنْ أعراضُنَا مَوْفورةً
ماذا تُفيدُ وَجَاهةٌ جَوْفاءُ؟
لَوْ لَمْ نُشِـدْ بالحَـرْف بُرْجـاً باذخـاً
لَجَنَتْ علينا نِعْمةٌ وثَراءُ
لَوْ لَمْ نكَرّسْ للهُدَى أقْلامَنا
لَعَفَتْ قُصورٌ وانْطَوى زُعَماءُ
سُبْحان مَـنْ جَعَـل الحُطـام حُثالـةً
وسعَى فشَرَّفَ قَدْرَةُ الكُرمَاءُ
يا شاعـري أشْكـو إليـكَ جَماعـةً
مِنْ أهْلِنا... لكنَّهم دُخَلاءُ
وغَلُوا على حَرم البَيـانِ فمـات فـي
مِحْرابه ألقٌ، وغاضَ بهَاءُ
شَهَروا علـى أدَبِ الحيـاة سِلاحَهـم
وسلاحُهم يَوْمَ اللِّقاء هُرَاءُ
يَتَقَارَضون الشِّعْرًَ مُضَغَةَ هَاذرٍ
والشعْر ممَّا يَدَّعون بَراءُ
فتَحَتْ لهم صُحُفُ الرّطانَـةِ صَدْرَهَـا
لاَ بُورِكَتْ أوراقُها الصَّفْراءُ
حِلْفٌ على أمِّ اللُّغاتِ مُبَيّتٌ
يخشى عواقِبَ شَرِّهِ العُقلاءُ
أفلا يُتاحُ لها بنيٌّ آخَرُ
يَهْوي علـى الأصنـام فهْـي هَبـاءُ
* * *
يا شاعِري حَرَّرتَ نَفْسَـكَ، وانْجَلَـتْ
عَنْ مُقْلَتَيْك غِشاوةٌ سَوْداءُ
ذَهَبَ التُّرابُ إلى التُّـرابِ. فقُـلْ لنـا
ماذا تَكُنّ الحُفْرةُ الرَّبْداءُ؟
طُوبَى لمَـنْ قَـرّتْ هواجِسُـه، فـلا
لُغْزٌ يُؤرّقهُ ولا اسْتِقْراءُ
إنِّي لأحسُدُ في البَراري راعياً
أحْلامُه كَلأ يُمَوجَ وشَاءُ
لا هَمَّ يَشْغَلُ بالَه، إلاّ إذا
عَصَفَتْ رياح أو تَضاءلَ ماءُ
يَغْقُو قريراً ثمّ يَصْحُو آمِناً
وغذاؤه زُوّادةٌ عَجْفاءُ
* * *
يا ربِّ لا تَكْتُبْ عليَّ خَطيئةً
رجّتْ كَياني النَّكْبةُ النَّكْباءُ
هِيَ رِيبـةٌ عَرَضَـتْ... وإنِّـي تائـبٌ
حاشا يَشُكّ بوَعْدِكَ الشُّعَراءُ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :383  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 456 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج