شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أختــاه
مهداة إلى الأخـت الأديبـة سلطانـة العبـد الله ردّاً علـى مقالها النقدي، وسؤالها: لماذا لم نقرأ لهـذا الشاعر من قبل.
أُخْتاهُ.. جُرحي منكِ يعتذرُ..
والشعرُ، والقنديلُ، والوَتَرُ
قد كانَ ليْ "نايٌ".. وحنجرةٌ
وبروضَتي يتعانَقُ الشَجَرُ
أختاهُ لو تَدْرينَ أيَّ فتىً
هذا الذي برغيفِهِ غَدَروا..!
جِيلان مَرّا في مُصارعةٍ
أنا والأسى، والقَيْدُ، والسَفَرُ
فإذا اسْتباح القَحْطُ سُنْبُلَتي
فلأَنَّ حَقْلي عافَهُ المَطَرُ
وَسَمَوْتُ عن أيكٍ ودانيةٍ
فيها القُطُوفُ كأنها الصُوَرُ
ما دَجَّنَتْني في مُقارَعَتي
حالٌ نأى عن ليلها السَمَرُ
أختاه لو تدرين ما خَبَري
لَعَذَرْتنِي، والحلم مُنْكَسِرُ
كيف الغناءُ وحول حنجرتي
قيدٌ، ويشكو غِلَّهُ الوَتَرُ؟
أختاهُ والدنيا بِنَشْوَتها
طَيْفٌ، وإنَّ مصيرَها خَبَرُ
أختاهُ والدنيا إذا جَمُلَتْ
تُغْري، فَيَنْسى طينَهُ البَشَرُ
* * *
ظَنَّ "الوضيعُ" بأننا هَذَرُ
نغدو كما يرضى وَيأْتَمِرُ!
وبأنَّ أُمَّتَنا – وقد رُزِئَتْ
بوبائِهِ – لطموحِهِ نُذُرُ
عجباً على الجلاّد قد هُزِمَتْ
كفّاهُ، والمقتول مُنْتَصِرُ
كم قِمَّةٍ – لجحودِها – انْكَفَأَتْ
وَسَمَتْ – بفضلِ رُفاتِها – حُفَرُ!
ولقد خَبَرْناها مُؤَجِّجَةً
غاياتنا، من بَرْدِها الشَرَرُ!
فَمَشَيْتُ مُنْتَصِباً على عَثَرٍ
وسواي فوق صراطِهِم عَثروا!!
يتفاخرون بعارِ سَطْوَتهم
وأنا بوشمِ القَيْدِ أَفْتَخِرُ!
* * *
ورحلتُ عن بيتي وعن شَجَري
أختاه لا خَوْفٌ ولا خَوَرُ
قَدَري تنامُ لدى مرافِئِكم
سُفُني، ونعمَ البحرُ والقَدَرُ
إني حَجَجْتُ إلى مرابعكم
مُتَبَتّلاً، والقلبُ يَعْتَمِرُ..
أنا "في السماوةِ" يرتمي جسدي
و"لمكةٍ" يمضي بيَ البَصَرُ
في كلِ يومٍ أستزوركمُ
خمساً، وكل فريضةٍ سَفَرُ
* * *
عشرون في قَحْطٍ، بيادِرُنا
أَثْمارُها الأشواكُ والحَجَرُ
أَعْنابُنا حَسَكٌ.. وَقَهْوَتُنا
آهاتُنا.. وثيابُنا وَبَرُ
ولقد عطشتُ وكان طَوْعَ فمي
نهرٌ، فلم أشربْ وبي شَرَرُ
أبقى أردُّ الماءَ عن شفتي
كِبَراً، وغيري ماؤُهُ الصِغَرُ
وطني تقاسَمَ خُبْزَهُ نَفَرٌ
مُتَهَتِّكٌ، ومياهَهُ نَفَرُ
يرثي غدي أمسي، ويُخْجِلُني
عمري إذا يَتَنازَلُ الكِبَرُ
فَأَقَمْتُ في محرابِ صومعتي
مُتَنَسِّكاً أفياؤُهُ السُّوَرُ
وطني كما الأطفال في مرحٍ
قد كان – حتى جاءَهُ التَتَرُ
آباؤُهُ زُمَرٌ مُشَتَتَةٌ
وعلى بَنيهِ تَسَيَّدَ الغَجَرُ
مُتَرَقِّبين، وليس من أَلَقٍ
والليلُ لا نجمٌ.. ولا قَمَرُ
يا حزنُ فاتركنا.. لقد تَعِبَتْ
أحداقُنا.. واغْتالها السَهَرُ
* * *
أختاهُ والأعمار أجمعها
تفنى، ويبقى ظِلُّها العَطِرُ
أختاهُ والدنيا بلا تَعَبٍ
لفضيلةٍ: يَغْتالُها البَطَرُ
وإذا احْتفى كلٌّ بمِطمحِهِ:
ما كَحَّلَتْ أحداقَنا الصُوَرُ
عشرونَ في حزنٍ وَمَسْغَبَةٍ
فإذا شربتُ الماء: أَقْتَتِرُ
لم تعرفِ الأقمارُ نافذتي
يوماً، وحولَ صَباحِها سُتُرُ
أمشي على نارٍ، تُخَرِّزني
تلك السياطُ، وهذهِ الإبَرُ
أختاهُ: ما رعدٌ بلا مطرٍ
في مُقْفِرٍ والنارُ تَشْتَجِرُ؟
يَتَقَلَّدون عيونَنا دُرَراً
ولنا الحصى ورِمالُهُ دُرَرُ..!
فحملتُ سيفي – وهو من خَشَبٍ –
لكنَّه بالحقِ مُزْدَهِرُ..
* * *
أنا مَنْ سَيَسْألكم: أَمُخْتَلِجٌ
أنا؟ كيف رُدَّ لمقلتي النَظَرُ؟
قد كنتُ مَيْتاً يا مُسائلتي..
باللهِ: كيف تَنَفَّسَ الحَجَرُ؟
كيف اسْتحالَ الشعرُ ليْ نَسَغاً
وتعانَقَ الإلهامُ والظَفَرُ؟
إني هَجَرْتُ الشعرَ في وطني
لمّا تَدَنَّسَ حرفُهُ النَّضِرُ
حتى أتيتُ هنا.. فَأَيْقَظَني
صوتٌ من الأعماق، مُسْتَتِرُ
فإذا أَجَدْتُ فمن فضائلكم..
وإذا كَبَوْتُ فإنني بَشَرُ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1822  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 26
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.