شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على حبيبك وصفيك وخير خلقك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
الأساتذة الأفاضل.. الأخوان الأكارم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسعدني أن ألتقي اليوم بجمعكم الكريم بعد أن هدأت النفوس قليلاً، وعادت الحياة إلى سيرها الطبيعي إثر السحابة المشؤومة التي أطبقت على المنطقة، ومازالت ذيولها تتفاعل، وتلقي بظلالها القاتمة هنا وهناك، وشاءت الأقدار أن يتضاعف الأسى خلال تلك الأيام العصيبة برحيل أميرنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز، تغمده الله بواسع رحمته وغفرانه، وأسكنه فسيح جنانه مع الصِدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، ونترحم أيضاً على صديقنا وزميل دربنا الأستاذ نبيه ابن علامتنا الكبير عبد القدوس الأنصاري، صاحب ورئيس تحرير مجلة (المنهل) الغراء، الذي فقدت الساحة الثقافية برحيله ابناً باراً، حمل اللواء بعد والده العلاّمة الكبير مؤسس (المنهل) ورئيس تحريرها -رحمهما الله- فقد أدى الأستاذ نبيه رسالته على أكمل وجه إلى أن اختاره الله سبحانه وتعالى إلى جواره، راجياً المولى عز وجل أن يجعل ذريته خير خلف لخير سلف، وأن تشهد (المنهل) على أيديهم المزيد من التطوير والنجاح. وبيننا الابن زهير الذي سيتولى بإذن الله بنفس الكفاءة والقدر رئاسة تحرير مجلة (المنهل) سيكون القدوة الطيبة لوالده وجده -رحمهما الله-.
نهنئ أنفسنا بالعملية الناجحة التي أجراها أستاذنا عبد الله فراج الشريف وهو اليوم بيننا سعداء بوجوده ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكلأه بعين رعايته، كما أرى بيننا الأستاذ عثمان مليباري الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى بالصحة والعافية ورأيناه بعد طول غياب فهنيئاً لنا بالجميع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنَّ عليه وعلى الجميع بفضله وإحسانه.
تسعد الاثنينية اليوم بتشريفها.. فاليوم بيننا حجة الإسلام السيد محمد كاظم خنساري، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمندوب الدائم لدى منظمة المؤتمر الإسلامي، نرحب به ونتمنى أن نراه جميعاً دائماً بيننا.. فهو خير خلف لخير سلف، فقد افتقدت "الاثنينية" كثيراً حضور صنوه الأستاذ العلاّمة الكبير الشيخ محمد شريعتي، ونتمنى أن تسعد الاثنينية بتكريمه في موسمها القادم إن شاء الله.
بيننا براعم نسعد بالترحيب بهم في هذه الأمسية، من أبنائنا النابغين.. من أعضاء النادي العلمي السعودي الذين نرحب بهم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكونوا في مستقبلهم بنفس النجاح الذي نراهم فيه اليوم، فهم إن شاء الله الأمل في طليعة شبابنا، أعود إلى كلمتي..
أيها الأخوة الأفاضل.. يسرنا أن نلتقي هذه الأمسية بعَلَمٍ ورائدٍ من رُوّاد الطب البشري في مملكتنا الحبيبة، الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة، وهو كما تعلمون من بيت علم وفضل، فقد كان والده -رحمه الله- من أفاضل علماء مكة المكرمة، وأحد الرجالات الذين اعتمد عليهم المؤسس الباني، الملك عبد العزيز -رحمه الله- في تسيير أمور الدولة الناشئة، كما إنه من أعظم مؤرخي البلد الحرام، وبالرغم من ذلك عندما انتقل إلى الرفيق الأعلى لم يترك من حطام الدنيا غير اليسير الذي تسرب مع الأيام، فنهضت والدة ضيفنا الكريم بدور الأم والأب، وهذا شأن معظم النساء اللائي هن أعظم مكانة وأرفع قدراً من بعض الرجال الذين لا يصمدون أمام المسؤولية وتبعاتها الجسام، وهكذا نشأ ضيفنا الكبير يتيماً، ضعيفاً، غير أن أباه كان صالحاً، فقيض الله له من أخذ بيده كما قيض لصاحبي الجدار، وصدق الحق وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه، لم يكن لضيفنا الكريم كنز من المجوهرات والذهب والفضة، بل جوهرة أعظم من ذلك، وأكثر نفعاً، وأعم خيراً، فقد وهبه الله ذكاءً فطرياً، وخُلُقاً نبيلاً، وروحاً تهفو إلى تحقيق الأفضل في طموح مشروع لبناء مستقبل أفضل.
وهكذا شق فارس أمسيتنا طريقه بعصامية امتاز بها معظم أبناء ذلك الجيل، وهي نقطة أحب أن ألقي من خلالها أكثر من حزمة ضوء على دور المرأة الصابرة المجاهدة في ذلك الزمن الوضئ، ودور المجتمع النقي الذي هيأ لها الظروف المواتية لأداء رسالتها الاجتماعية على أكمل وجه، كانت المرأة رمز عطاء وذات تأثير مباشر في مسيرة حياة الأسرة، قد لا يكون دوراً تقفز به بين الإدارات والمصانع والمكاتب والأسواق، لكنه دور مرسوم ومؤطر يؤكد مكانة المرأة التي ما ينطلق رجل من داره لإنجاز أمر ذي بال إلا وقد أخذ مشورتها من باب أنها الأم، والزوجة، والأخت، والخالة، والعمة، فهي قد نهلت من ذات البيوت التي ضربت جذورها العلمية والفقهية عميقاً في تربة هذه الأرض الطيبة، لذا كان من الطبيعي أن يأتي قرارها حكيماً، ومشورتها واجبة، واحترامها وتقديرها يتغذيان من مشيمة تلك القيم النبيلة التي كانت تحكم المجتمع بصفة عامة.
وعندما تتصدى المرأة لقيادة الأسرة بصفة مباشرة لفقد عائلها الوحيد، كان المجتمع -ممثلاً في أهل الحارة-، يوطئ أكنافه لها، ويتحول الجميع إلى يدٍ واحدة تساند وتساعد وتعاضد وتزيل العراقيل، حتى تتمكن المرأة وهي داخل بيتها.. من وراء حجابها من إنجاز الكثير من الأعمال والأعباء التربوية والمعيشية بمنتهى الدقة والالتزام، وبالتالي تقديم فلذات كبدها رجالاً ونساءً للمجتمع كخير وقود في معركة الحياة، إنها لبنة صالحة في بناء أراده الحق سبحانه وتعالى أن يتماسك ويستمر لما فيه خير البشرية كلها، واسمحوا لي أن أحيي من هذا الموقع كل الأمهات، الأحياء منهن والأموات، اللائي وقفن مواقف الرجال في الذود عن أسرهن وأبنائهن ليقدمن للمجتمع الكثير من نوابغ الرجال والنساء الذين كانت ولم تزل لهم بصمات مميزة في مسيرة بلادهم.
كما أود أن أستخلص من هذا الموقف، أن ضيق ذات اليد لم يكن قط سبباً في التخلف والجهل والروح الانهزامية، إذا تمت التربية والنشأة الأولى على دعائم قوية ترتكز على القيم والمبادئ الإسلامية السامية، وكم سمعنا متنطعاً يعلق فشله وسوء حاله ومآله على شماعة الحاجة، صحيح أن المادة عصب الحياة وشريانها الذي لا يمكن التقليل من شأنه، بيد أنها ليست العصا السحرية التي تصنع المستحيل، فهناك شبكة معقدة من القيم النبيلة، والمعاني الجليلة، والأخلاق الأصيلة، التي تنسجم في بوتقة واحدة لتمنحنا النجاح والتوفيق، وفوق كل ذلك بركة إلهية من لدن لطيف خبير، تجعل الحزن سهلاً، وإنها لسلسبيل مقيم، إنني أعي بعمق ما أقول، فقد رُبِّيت يتيماً، ولقد أكرمني الحق جلَّ وعلا بأم توأماً لما ذكرت خُلُقاً وفضلاً عليَّ، فلقد أكرمني مولاي بذلك الزمن ورجالاته الذي كان كل من في (الحارة) أباً لي، وقد عوملت من بعضهم بتلك الأخلاق ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (الحشر: 9) رحمة الله عليهم رحمة الأبرار، ورحم الله تلك الأيام.
الأساتذة الأكارم.. هذا ضيفنا الكبير أنموذج متعدد الإشراقات والمرافئ، كلما رمت فضلاً أو التمست نافذة تطل منها على الحياة، وجدت لديه المتكأ الذي يعينك على التأمل، فقد أثبت وجوده وقدم نفسه كمواطن صالح، يفرح به الوطن ويقدره ويفخر ويباهي به كعلم من رواد الطب البشري، وأولياته تشهد على علو كعبه في مجال تخصصه، فهو أول سعودي يحصل على شهادة الزمالة البريطانية في اختصاص أمراض النساء والولادة عام 1392هـ/1971م، وأول سعودي يحصل على لقب أستاذ في الطب (في أمراض النساء والتوليد)، وأول رئيس يتم انتخابه للجمعية السعودية لأمراض النساء والتوليد التي أنشئت عام 1409هـ/1988م، فهنيئاً له بما حقق وأنجز، وهنيئاً لنا به رمزاً من رموز الوطن الذين يُعتز بهم.
ومن فضل الله وكرمه أن مثل هذا الأنموذج كثير في هذه التربة الطاهرة الطيبة المباركة، وليس غريباً أن تنجب بلد النور وموئل (اقرأ) رجالاً أمثال ضيفنا الكريم، فلهم جميعاً التحية والإجلال والتقدير، وقمين بنا أن نتدارس سيرهم عبر مراحل حياته، ونعمل على نشرها ووصولها إلى أيدي أبنائنا وبناتنا، لا سيما ونحن نمر بمنعطف غير عادي في تاريخنا المعاصر، وقد أحسن ضيفنا الكريم بكتابة جوانب مضيئة من ذكرياته ونشرها في كتابه القيم (مواقف وذكرى عاشها الأستاذ الكبير عبد الله حسين باسلامة) وهو عمل مبرور نسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناته، وينفع به المسلمين.
نرحب مجدداً بضيفنا الكريم، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم شاعرنا الكبير المكي الأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي، الذي قدّم الكثير شعراً ونثراً مما أسهم بقوة في نهضتنا المعاصرة، سعيداً بأن يَشْرُفَ "كتاب الاثنينية" بنشر أعماله الكاملة بجانب مشروع نشر الأعمال الكاملة التي أمكن الحصول عليها لأدباء "وحي الصحراء" الذي نشره والدي وصديق عمره معالي الشيخ عبد الله بلخير، -رحمهما الله- عام 1351هـ، وننتظر الباقي بما يكرمنا به أهل الفضل، وأعتقد أن أكثر الزملاء اطلعوا على الإعلان الذي نُشِرَ في بعض الصحف اليومية بهذا الشأن، وأكرر المناشدة بمدنا بما يتوفر لديهم من هذا التراث الذي أصبح تراث أمة، وليس ملكاً لشخص بعينه، وفيكم خير من يُقدِّر، ويبلغ الشاهد الغائب إن شاء الله.
كما يسعدني بإذن الله أن ننشر مع هذين العملين الأعمال التي لم تنشر لأستاذنا ودعامة اثنينيتنا العلامة المرحوم الشيخ محمد حسين زيدان، متمنياً لكم أمسية ماتعة مع ذكريات وتجارب ضيفنا الكريم في الحياة التي خاض عبابها طفلاً، إلى أن تبوأ موقعه المرموق في المجتمع، وعلى الساحتين الإقليمية والدولية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: ويشارك في تكريم ضيفنا عبر الكلمة بعض أصحاب الفضيلة والمعالي والسعادة، الكلمة الآن لسماحة العَلاّمة الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بجدة.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :845  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.