شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ إبراهيم البليهي ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
في الواقع لا أدري كيف أبدأ بالثناء على صاحب هذا المنتدى الأسبوعي ذي العمر الطويل أم أبدأ بشكر هؤلاء الحضور الذين جاءوا وتجشموا السهر وعنوا لمشاركتنا في هذا اللقاء، الواقع أننا في مجتمع لا يحترم الثقافة ولا يهتم بالفكر ولذلك أكبر في سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه هذا الاهتمام بالجانب الفكري الذي لم نعتد على أن يهتم به الآخرون ومن سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا المنتدى العريق قد أمضى نحو عشرين عاماً وهو يواصل الجهد في تأكيد أهمية الثقافة وأهمية الفكر في حياة المجتمع، وأكبر في سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه فكرته لهذا المنتدى ثم التزامه الطويل نحو عشرين عاماً وهو يواصل دون كلل هذا المجهود، هذه السنة الحميدة عظيمة في فكرتها وفي أهدافها وعظيمة في التزام صاحبها بها كل هذه المدة الطويلة، لقد اطلعت على مجلدات الاثنينية أذهلني الجهد المبذول وأعجبني من صاحبها التزامه بالاستمرار والمداومة، حتى حينما كان خارجاً من عملية جراحية كان بعدها مباشرة لديه اجتماع مثل هذا الاجتماع، إن اهتمام القائمين بأن يرفعوا قيمة المعرفة ويؤكدوا قيمة الفكر الملتزم هو اتجاه خليق بالإكبار، إن منظومة القيم العربية تضع المعرفة في أدنى سلم القيم حتى وإن كثرت عندنا المدارس والجامعات لأن من يبحث عن المعرفة في المدارس والجامعات هو يبحث اضطراراً لأنه يريد الشهادة وورقة للعمل، لكن المعرفة الحقيقة هي التي تبحث عنها عن رغبة ذاتية دافقة وبدونها لا يستطيع الإنسان أن يحصل على معرفة، إن القيم كما تعلمون هي التي توجه حركة المجتمعات، ونحن العرب لم نعط المعرفة القيمة الكبرى التي تستحقها، وفي سبيل ذلك لم تكن المعرفة ضمن الاهتمامات الرئيسية للأفراد، وقد امتدت آثار هذا الاختلال إلى كل جوانب الحياة، إن اختلال القيم يؤدي إلى اختلال أوضاع المجتمعات وإن إصلاح هذا الاختلال يتم بواسطة القدوة الحسنة، وأعتبر أن من القدوة الحسنة إقامة مثل هذه المنتديات، لصاحب المنتدى عظيم الشكر وعظيم الامتنان من الجميع، ونبدأ ببعض الأفكار التي نجعلها موضوعاً للنقاش.
من أكبر الأخطاء التربوية والمعرفية أن العرب يقدِّمون تاريخهم لأبنائهم مليئاً بالتمجيد وبهالات التقديس وخالياً من المراجعة المحايدة والتقييم الموضوعي وكأنه كلَّه صلاحٌ مطْلق وأمجادٌ صافية.. أي كأنه ليس من تاريخ البشر الذين تلازمهم الأهواء والنقائص والأخطاء مما أطفأ في الأجيال العربية حاسة التمحيص وحرمهم الرؤية الموضوعية ونشَّأهم على الاستسلام لأي وضع وأصاب بنيتهم المعرفية بالخلل والعطب وملأ حياتهم بالنحيب على الماضي المجيد...
إن الأوضاع المأساوية الراهنة ليست طارئة على حياة العرب فالذي يدرس التاريخ العربي يجد أن العرب كانوا يعيشون الرؤية الحالية نفسها وإنما الذي طرأ على الدنيا هو أن الغرب لأسباب كثيرة وثب وثبة هائلة أخرجته من خطوط الدوران التاريخي بينما بقي العرب كما هم في رؤيتهم للإنسان والكون والحياة...
لذلك أعتقد أن العرب لن يتجاوزوا واقعهم المأساوي حتى يتجاوزوا هذا الموقف الخرافي إزاء الماضي فينظرون إلى التراث وإلى الآباء نظرة علمية تفكُّهم من الأسر وتمنحهم القدرة على بناء مجد جديد بدلاً من مواصلة النحيب على المجد الزائل...
إن التاريخ العربي مشحونٌ بأحداث كبرى مروِّعة ربما أسوأ كثيراً مما حدث في تاريخ الأمم ولكن كلَّ جيلٍ عربي يقدمه لأبنائه وكأنه الاجتهاد الصادق والصلاح الناصع والطهارة الكاملة والإخلاص التام
والتجرد من الهوى والرغبة القصوى في الحق...
وهذا الأسلوب التبريري لكل الأخطاء بما في ذلك الأخطاء الكبرى المروِّعة قد ربى الأجيال العربية على انفصال الأقوال عن الأفعال فإذا طاب القول فلتأت الأفعال كيفما شاء الفاعلون.. ومتى شاع مثل هذا المنهج التبريري فَقُل على الحق السلام...
إن الباحث الواعي لا بد أن يرى التنافر الواضح والتناقض الشديد بين عظمة مبادئ الإسلام وسماحة تعاليمه وبين الأوضاع المتخلّفة التي عاشها ويعيشها المسلمون في كل مكان...
إن من يتدبر القرآن الكريم يهتزُّ كيانُه بعظمة تعاليمه ولكن من يقرأ التاريخ الإسلامي يصاب بالألم والرعب والإحباط بسبب الطمس المتلاحق لبهاء هذه العظمة فما اختلف اثنان إلا انحاز الناس لأبعدهما عن الحق...
إن اختلاف أوضاع الأمم ناتجٌ عن الاختلاف في منظمات القيم وحين ندرس التاريخ العربي نجد أن السلطة والوجاهة والنفوذ هي القيمة المركزية التي توجِّه حركة المجتمع العربي في كل المجالات وتتحكَّم في سلوك الناس، فكلُّ شيء يؤدي إلى السلطة أو يوفر النفوذ أو يضمن الوجاهة أو يحقق المال هو في نظر الإنسان العربي شيء يستحق أن يُضَحِّي من أجله بأي شيء، وكلُّ شيء يعوق هذه الغاية المحورية هو شيء يجب سحقه حتى ولو كان قتلَ أعظم الرجال وحرمان الأمة من أنضج وأصلح القدرات أو هدم الكعبة أو استباحة المدينة المنورةأو إبادة آل الرسول عليه الصلاة والسلام...
يؤكد ذلك أن العرب قد تمنَّعوا عن قبول الإسلام تمنُّعاً شديداً وبطيئاً ولم يستجب له معظمهم حتى أصبح انتصاره حقيقة واقعة وبات وأدُه مستحيلاً... ثم إنه قبل أن يُقبرَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم ظهر التنازعُ على السلطة.. وما كاد ينتشر خبرُ وفاته حتى ارتدَّ معظمُ العرب.. وثلاثةٌ من الخلفاء الراشدين الأربعة قُتلوا غدراً.. وعمرُ بن عبد العزيز مات مسموماً وقبل أن يجف قبره عليه السلام قامت دولة الإسلام نفسها بغزو مدينته وإذلال أحفاد أنصاره.. كما قامت بهدم الكعبة وإعمال القتل بأهلها الآمنين.. واغتيل الحسن بن علي بالسم الممزوج بالطعام.. وصُلب عبد الله بن الزبير وكأنه من قُطَّاع الطرق.. وبعد سنوات قليلة من موت الرسول عليه الصلاة والسلام خلفه قومه في أهله شرَّ خلفه، فبعد أن فرغوا من صلاتهم التي فُرض عليهم فيها الصلاة على محمد وعلى آل محمد، ولكنهم بعد صلاتهم المليئة بالتمجيد اللفظي لآل محمد قاموا بقتلهم جميعاً سوى طفل واحد أنجاه الله من القتل فحفظ النسل النبوي لقد كانت مذبحة فظيعة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً من قبل ولا من بعد في أية أمة تحترم نفسها، ومع ذلك يمرُّ التاريخ العربي بهذا الحدث المروِّع كحدث عابر مبرَّر.. ولم يكتف القَتَلَة بالذبح المهين وإنما داسوا الجثث الطاهرة بالخيل إمعاناً في الإذلال والتنكيل والانتقام.. ونخروا الجثث الكريمة بالخناجر والسيوف تعبيراً عن الكره والحقد.. وقطعوا رؤوس الرجال الصلحاء كما تُقطع رؤوس الخراف، وطافوا برأس الحسين في الأمصار كما يطاف بأعتى المجرمين.. ولم يفعلوا ذلك جهلاً بهُويتهم وإنما كانوا يعرفون أنهم يفعلون كلَّ هذه الشناعات بآل الرسول الذين كلَّفهم الله بأن يُصَلُّوا عليهم في كل صلاة.. كلُّ هذه التناقضات الشنيعة تحصل دون أن يحس بها الإنسان العربي لأن الأحداث المروِّعة تقدَّم له بصورة عابرة ومبرَّرة...
أما الذين وعوا هذه التناقضات الحادة فإنهم بعد أربعة عشر قرناً من هذه الأحداث الشنيعة المروِّعة يشعرون بالعار أن يحدث هذا في تاريخ أمتهم، وعلى سبيل المثال فإن المبدع السوداني الطيب صالح يصف الجيش الذي أباد آل الرسول فيقول: ".. كأن الشياطين ظهرت في صورة البشر".. تجد ذلك أوضح ما يكون في سلوك سنان بن أنس الذي حمل رأس الحسين ووقف به على فسطاط عمر بن سعد وأخذ يصيح كأنما تلبَّستْه الشياطين:
املأ ركابي فضة وذهبا
أنا قتلت السيِّد المحبَّبا
قتلتُ خير الناس أمًّا وأبا
وخيرَهم إذ ينسبون نسبا
 
هكذا يعلن الفاجر بأنه قَتَل خيرَ الناس أمًّا وأباً فهو لا يجهل من هو القتيل ولكن هذه المزية الكبرى عنده تهون أمام حب السلطة وحب المال فالمهم أن تملأ ركابُه فضة وذهباً..
إنها سلسلة لا تتوقف من المخالفات الكبرى التي حوَّلت مسار التاريخ الإسلامي وحجبت عن أهله وعن الإنسانية الكثير من بهاء الإسلام وعظمة تعاليمه.. إنها أحداثٌ مرعبة تُزلزل الوجدان وتكشف بأن الشخصية العربية وقيمها الهزيلة تنطوي على خلل جذري جعل حب السلطة وحب المال وحب الجاه والنفوذ يهيمن على كل القيم الرفيعة أو يمسخ محتواها ويسوِّغ الفصل التام بين القول والفعل، لذلك خاطب الله تعالى العرب وهو العليم بما يفعلون بقوله: ..كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ...
إننا نتقزز اشمئزازاً حين نقرأ تاريخ المغول بوصفهم يمثلون أحطَّ حالات الهمجية لكننا نجد في التاريخ العربي أن العباسيين حين استولوا على السلطة أبادوا بني أمية، ويتكرر المشهد في التاريخ العربي طيلة العصور بما في ذلك أحداث الانقلابات العسكرية في هذا العصر...
وإذا نحن وصلنا إلى ما يُعتبر من أزهى عصور الإسلام من الناحية الحضارية نجد أن المأمون استخدم سلطته لمصادرة الفكر وقهر الرأي وإرغام العلماء على القول بخلق القرآن وهي حماقة شنيعة لا يحصل مثلُها في أي مجتمع متحضِّر يحترم الإنسان...
وكان ردُّ الفعل لهذه الحماقة حماقةً أكبر حيث إنه بسبب هذا التصرف الأحمق من المأمون انتشر التوجُّس من العقل حتى انطبع هذا التوجُّس في الثقافة العربية خلال القرون التالية مع أن العقل هو مناط التكليف وبه إقامة عدله فبالعقل صار الإنسان أهلاً للتكليف وصار أهلاً للعلاقة المباشرة مع خالق الكون...
وآفة حب السلطة والاقتتال المرير من أجلها لازمت العرب أينما حلُّوا، فقد حكموا الأندلس ثمانية قرون ولكن بسبب التنازع على السلطة ضاعت منهم إلى الأبد مع أنهم لم يؤخذوا على غرة وإنما ظل الأسبان يطاردونهم أربعة قرون يزيحونهم من الشمال نحو الجنوب حتى لم يبق بأيديهم سوى غرناطة، ورغم الهزائم المتلاحقة طيلة أربعة قرون فإن التنازع على السلطة سيطر على كل الأجيال مما أدى إلى محقهم جميعاً واقتلاع الإسلام من قارة أوروبا...
وطيلة التاريخ العربي كانت التغييرات تأتي نزاعاً على السلطة وليس من أجل نشر الحق أو إقامة العدل أو الغيرة على مصلحة الأمة، فالتاريخ العربي لا يعرف الثورات الاجتماعية، وإنما كانت تحصل التقلبات من أجل إزاحة زعيم وإحلال زعيم آخر أو مَحْق أسرة حاكمة وإحلال أسرة أخرى في الحكم فكأنه لا قيمة لكل الناس وإنما المهم مَنْ يحكم الناس لذلك لم يشهد التاريخ العربي أي تغيير يستهدف مصلحة المجتمع...
إن السلطة هي القيمة المحورية في الثقافة العربية.. أما الوصول إلى هذه القيمة فلا يتحقق بعظمة الإنجاز وصلاح الغاية وإنما انحصرت عند العرب بعاملين لا ثالث لهما:
لولا المشـقة سـاد الناس كلُّهمو
الجود يُفقر والإقدام قتَّال
 
هكذا بكل بساطة ليس بين الإنسان وبين السيادة سوى أن يُشبع البطون أو يقطع الرؤوس، إنها قيمٌ هزيلة لا تُنشئ حضارة ولا تصنع إنساناً سويًّا عادلاً حراً..
وفي القرن العشرين ما كادت الدول الاستعمارية تُطيح بدولة الخلافة حتى صار العرب أشد المجتمعات تشتتاً وبات لهم اثنتان وعشرون دولة وكان عدد السكان ضئيلاً في بعض هذه الدويلات وقت استقلالها إلى درجة أنهم لا يكادون يُغطُّون حاجة سفاراتها من الموظفين...
لذلك تخيَّل لو أن العرب هم الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية وهم بهذه الروح الانتهازية التنافرية كيف سيكون حال تلك القارة المحظوظة! وقارن هذه الصورة المتخيَّلة بصورتها الحالية الباذخة، فلو أن العرب هم الذين اكتشفوا أمريكا وسكنوها لصارت مائة دولة بدلاً من كونها الآن دولة واحدة تهيمن على العالم كله...
إن قابلية التشرذم هي امتيازٌ عربي، فالصين تُمَثِّل أكثر من خُمس سكان الأرض وهي متحدة منذ آلاف السنين ومع أنها تضم مئات المذاهب والأديان والأعراق واللغات فقد استمرت متماسكة كلَّ هذه القرون فتخيَّل وضْعَها لو انتقل إليها وباء التشرذم العربي ماذا سيكون حالها..؟‍‍!!
إن حالة العرب هي حالة استثنائية في قابلية التقزُّم وفي حدة التناقض بين الأقوال والأفعال، وبين المبادئ والواقع فالأمة التي أراد الله لها أن تكون خير أمة أُخرجت للناس هي اليوم تقدِّم عن الإسلام وعن
نفسها أسوأ صورة يمكن تخيلها...
إن التناقض بين الأقوال والأفعال والتضاد بين المبادئ والأوضاع وإن التهيؤ الدائم للتنافر والتشتت وإن العجز المخجل عن التلاؤم مع تعاليم الإسلام العظيمة وإن قابلية الانحياز الجائر ليست من الأشياء الطارئة على الحياة العربية بل إن أية مراجعة فاحصة للتاريخ العربي سوف تكشف بأنه لم يختلف اثنان إلا انحاز الناس إلى أبعدهما عن الحق وأقربهما إلى الجور مما جعل الأوضاع العربية تسير بانتظام نحو المزيد من التدهور والتمزق والانحطاط فصار كلُّ قرن أسوأ من الذي قبله...
وهذا الخلل الشنيع في حياة المجتمع العربي وتاريخه ناتجٌ عن التمحور حول السلطة الذي كان من نتائجه غيابُ النزعة الفردية لأن هذا الغياب قد جعل مصائر الناس واتجاهاتهم مرتهنة بولاءات المتنفذين ونزواتهم من زعماء القبائل أو غيرهم...
إن ارتباط العرب بزعاماتهم العشائرية قد أخَّر قبول العرب للإسلام فقد ظلَّتْ القبائل العربية تحارب الإسلام وتصدُّ الناس عنه حتى صار انتصاره حتمياً فبادر زعماء القبائل بالانضمام إليه ومعهم جميع قبائلهم فكان هذا العام يسمى عامُ الوفود...
إن وقائع عام الوفود تؤكد أن محاربة الإسلام حينما كان ناشئاً ثم الانضمام إليه حينما أصبح قويًّا كان قراراً فردياً من زعماء القبائل، أما جموع الناس فكانوا يسيرون خلف هؤلاء الزعماء نحو الخير أو الشر:
ومـا أنـا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشُد غزية أرشد
 
وهذه الحقيقة التاريخية تؤكد أن الإنسان العربي لا فردية له وإنما هو جزء من القطيع العشائري، كما أن هذه الحقيقة تؤكد أيضاً أن قرارات الزعيم القَبَلي مرهونةٌ بمصالحه، فهو في الغالب لا يستجيب للحق أو يرفضه اقتناعاً بعد التَّقَصِّي عن الحقيقة وإنما يحارب أو يسالم رغبة أو رهبة...
يؤكد ذلك أنه ما كاد ينتشر نبأ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ارتد هؤلاء الزعماء وارتدت معهم قبائلهم وكان شعارها: كذَّاب اليمامة خيرٌ من صادق مضر...
لذلك فإنه طيلة التاريخ العربي كان الأقدر على شراء هؤلاء الزعماء يستطيع أن يضمَّ إلى صَفِّه قبائل بأكملها حتى قيل عن الزعيم القَبَلي: إنه الرجل الذي إذا غضب غضب له مائة ألف فارس لا يسألون لماذا غضب وإنما يندفعون إلى الموت من أجل محاربة الذي أغضبه..
ومع أن الظاهرة العشائرية الآن قد تلاشت نسبياً في الكثير من الأقطار الإسلامية فإن ولاءات التحزب لا تختلف كثيراً عن الولاءات القبلية التي تُلغي الأفراد وتجعل الأوضاع والمصائر مرتهنة باتجاهات أفراد معدودين يدفعون أمواج القطيع الأحمق إلى الهاوية...
إن الإفلات من قبضة التخلف لن يتحقق بتعميم التعليم ولا بالإكثار من الجامعات وإنما الشرط الأول لهذا التحقق هو بزوغ نهضة فكرية تُحلل بنية التخلف وتُؤسس لنهضة العلم وتُهيئ المجتمع لنهضة حضارية شاملة وتُقيم منظومة القيم على أساس من احترام الإنسان والاعتراف بحقه في التفكير الحر والتعبير الأمين المنضبط.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :648  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 143 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج