شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عريف الحفل: إذاً ننتقل إلى الأسئلة والاستفسارات ونفتح باب الحوار مع سعادة فارس الاثنينية، هذا سؤال من الأخ غياث عبد الباقي الشريفي يقول:
وقفتم أنتم والعلامة أنور الجندي والأستاذ عبد الله السمان وآخرون من رجالات مصر في وجه دعاة العامية والتي قلتم عنها في كتابكم القيم (قضايا الفكر في الأدب المعاصر)، الدعوة إلى العامية هي ردة في التفكير لا تصدر إلا عن قوم عاجزين، وهي امتهان للغة العربية وهي دعوة إلى الخراب ومذهب من المذاهب الهدامة، واليوم كما نرى تطل هذه الدعوة الباطلة في بعض الفضائيات العربية ونقرأها في مجلات عديدة ونسمعها في إذاعات أخرى ويدعو لها وللأسف بعض الأدباء هنا وهناك، فكيف السبيل لإيقاف تلك الردة حماية للفصحى لغة العرب ولغة القرآن الكريم؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: أعتقد أن الحل الجذري لهذه المشكلة يبدأ في المدرسة، فلو أن الطالب في المدرسة يسمع أستاذه يتكلم باللغة العربية الفصحى، لنشأ بعد ذلك دون أن يخطئ في اللغة أبداً، يعني ولكن المدرسة الآن تحولت إلى المدرس يتكلم باللغة العامية بل حتى في الجامعات مع الأسف، أساتذة الجامعات يتكلمون باللهجة العامية، أنا أسميها اللهجة وليس اللغة، اللهجة العامية يتكلمون بها، فكيف نستطيع أن نصد هذا التيار؟ هذا التيار حاول مجمع اللغة العربية في القاهرة أن يصده بقرارات أصدرها ولكنها مع الأسف لم تنفذ، الحل كما قلت يبدأ من المدرسة حيث يبدأ الطالب يتعلم اللغة تعلماً صحيحاً وعندئذ يستطيع أن يشق طريقه في الحياة وهو لا يجد إلا هذه اللغة سبيلاً إلى التعبير عن آرائه.
عريف الحفل: تكملة السؤال بالنسبة للمجلات يا أستاذ، المجلات ما تكتب المجلات وكذا أشعار عامية ما رأيكم؟
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: يعني مشكلة المجلات الأدبية إذا كانت تكتب باللهجة العامية هذه مشكلة لا حل لها، المفروض أن المجلات الأدبية مجلات أدب وليست مجلات لهو، ولكن إذا انحطت في أساليبها إلى اللهجة العامية فالحل الوحيد أن ننصرف عنها.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يسأل قائلاً:
هل يدرك العرب عمق الارتباط بين العلم والمستقبل؟ بين أشكال التغير السريع في آفاق المعرفة ومستقبل الإنسان العربي في مهب العولمة؟
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: (يا ليت) (يا ليت) يدرك العرب أن للعلم أهمية قصوى في حياة المجتمعات المعاصرة مع الأسف.. أنا حضرت الجلسة الافتتاحية لمجمع اللغة العربية في القاهرة أخيراً، وتكلم رئيس مجمع الأردن وقال: إن الأمة العربية كانت في القرنين الماضيين تقدم شيئاً للعالم، أما الآن فلم تقدم شيئاً إطلاقاً، العلم سبقنا والحضارة سبقتنا وكل شيء سبقنا ونحن تخلفنا، لماذا؟ الله أعلم.
عريف الحفل: الأستاذ محمد علي دولة يقول:
ظهر في النصف الأول وما بعده من القرن العشرين جيل من عمالقة الفكر والأدب لا سيما في مصر. وقد نضب في هذا الزمان هذا الجيل وهذا أمر محزن ومؤسف، سؤالي هو: ما هي الأسباب التي تضافرت لإيجاد ذلك الجيل في تلك الحقبة الزمنية؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: أعتقد أن البيئة التي كانت موجودة في ذلك العصر هي التي أوجدت هؤلاء الناس، هؤلاء الناس كانوا منصرفين تماماً إلى الأدب أو إلى العلم أو إلى الفكر، لم تكن هناك إذاعة ولم يكن هناك تلفزيون ولم تكن هناك صحف رخيصة، وكان هؤلاء الناس ينفقون كل أوقاتهم في البحث والأدب...، أما وقد انتشرت هذه الأشياء وما أسميه (بالشخلعات) التلفزيونية، فقد انصرف الناس عن الاجتهاد في ميادينه، ثم إننا مع الأسف نجد أن الصحافة والإذاعة وغيرها تكتب عن الذين يستخدمون أقدامهم، أي الذين يلعبون الكرة، والذين يستخدمون أجسامهم، الممثلات والراقصات وما "بعرف إيه"، تكتب عن هؤلاء الناس أكثر مما تكتب عن رجال العلم ورجال الأدب ورجال الاقتصاد...، كيف نعالج هذا؟ لا أدري!.
عريف الحفل: الأخ عبد الرحمن الأنصاري، يقول:
من خلال المسيرة الحياتية للأستاذ وديع، نجد أنه قد تقلب في عدة أعمال من شأنها أن توثق صلته بالناس، ومن أكثر تلك الأعمال إنتاجه الفكري الذي يجمع بين التأليف والترجمة، ولكن يبدو أنه آثر الانزواء.. فما هي يا تري أسباب ذلك الانزواء، أو الغياب عن الساحة؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: أسباب هذا الانزواء هو... لست أريد أن أقول الجحود، ولكن أقول إني... لا أكاد أكون معروفاً في المجتمع الذي أقيم فيه.
الشيخ عبد المقصود خوجه: إذا إنت غير معروف، من المعروف؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: ولذلك فآثرت أن أكون يعني منعزلاً، ولا سيما لأن الوظائف الآن أصبحت تشكل قاعدة هامة في الشهرة وفي البروز في المجتمع...، حتى في المجتمعات الأدبية وحتى في المجتمعات الجامعية، كل موظف في الدولة الآن إذا كان يعمل في جهاز من الأجهزة الرسمية، فهو يجد النجومية ويجد الأنوار مسلطة عليه، أما إذا كان بلا وظيفة وبلا منصب فتتجاهله جميع أسباب الشهرة والحيثية الأدبية.
عريف الحفل: هذا سؤال من الطبيب والقاص المعروف عصام محمد علي خوقير، يقول:
للمرحوم الأستاذ مصطفى أمين صاحب وأحد مؤسسي (دار أخبار اليوم) للمرحوم مقولة احتفظت لنفسي بتسجيلها في محفوظاتي، هذه المقولة هي: "الصحافة سماها أهلوها القدامى والسابقون، وهذه التسمية هي (الصحافة السلطة الرابعة)"، غير أن عوامل التعرية التي تعرضت للصحافة كما تعرض لها الكثير من تراثنا أصبحت أسميها (السلطة التابعة). أيّ التسميتين أجدر بالبقاء؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: رسالة الصحافة في أساسها يعني هي خدمة الحقيقة، وأن تكون باستمرار صحافة تنشر الأخبار الواقعية والآراء الحقيقية التي يكتبها أصحابها، أما إذا سخرت الصحافة لأغراض شخصية أو لأغراض حزبية أو لأغراض سياسية، ففي هذه الحالة تفقد الصحافة قيمتها كوسيلة من وسائل تعريف الجمهور بالواقع الذي يحدث، والحقيقة أنا أقرأ عدداً كبيراً من الصحف المصرية خصوصاً، أجد أن بعض الصحف تداري الأخبار، في خبر معين تداريه ولا تنشره، تنشر جزءاً منه وتخفي الجزء الآخر، بينما صحيفة مثلاً من الصحف المعارضة، تنشر الخبر كاملاً، لماذا هذه المداراة؟ هذه المداراة ليست إطلاقاً من صميم عمل الصحافة، عمل الصحافة هو أن تنشر كل الأخبار كما وقعت ودون أن تحقن فيها أي رأي لصاحب الخبر. لأن الرأي ينشر في باب الرأي، أما الخبر نفسه فلا يصح إطلاقاً أن يدخل فيه عنصر الرأي، فالكلام الذي قاله الأستاذ مصطفى أمين وكنت أعرفه واشتغلت معه فترة، كلام صحيح فصيح، أن الصحافة كانت صاحبة جلالة لأنها كانت تعتز باستقلالها، وتعتز بقيمتها، وتعتز بحريتها، وتعتز بأنها تقول الحقيقة، أما عندما تسخر الصحافة لأغراض أخرى فعندئذ تفقد صفة الجلالة التي كانت تملكها في وقت من الأوقات، وعلى كل حال مصطفى أمين مرة قال: "إن صاحبة الجلالة أصبحت الآن (الآنسة) بدلاً مما كانت "صاحبة الجلالة" أصبحت الآن "الآنسة المحترمة"، وكان يقصد أن الصحافة فقدت بريقها وفقدت تأثيرها".
عريف الحفل: الأخ أشرف السيد سالم يقول:
من صعيدي مثلك من سوهاج أتساءل: عندما كان صعيد مصر فقيراً في ظروفه وإمكانياته وبعيداً عن عوامل النهضة كان منجباً للأفذاذ بدءاً من الطهطاوي ومروراً بالعقاد وطه حسين وسيد قطب وعبد الناصر وغيرهم الكثيرين ومحمود إسماعيل، أما الآن بعد أن طالته يد النهضة والحضارة والتعمير أصبح فقيراً في عطائه من النجباء، ولم يبق ذكر للصعايدة إلا في النكات التي يتناولها أهل القاهرة، فما رأيك؟!.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: هؤلاء الصعايدة الذين ذكرتْ أسماؤهم برزوا عندما تركوا الصعيد وجاءوا إلى القاهرة، أما عندما كانوا في الصعيد فلم يكن أحد يسمع بهم، يعني العقاد مثلاً، العقاد مولود في أسوان لم يبرز إلا عندما جاء إلى القاهرة، طه حسين كذلك مولود في مديرية أسيوط، عندما جاء إلى القاهرة برز، أما عندما كان في الصعيد فلم يبرز، فالمسألة ليست مسألة صعيد ولا غيره، مسألة أنهم يأتون إلى القاهرة وعندئذ تسلط عليهم الأضواء.
عريف الحفل: الأخ محمد هيثم، يقول:
ما زلنا نسمع عن معاناة وآلام الأدباء والمبدعين، فلماذا لا يؤسس كيان عربي لدعم الأدباء والمبدعين؟. ولعل إيقاف وقف وتنميته لهذا الغرض مفيد ويبعد رواد النهضة وأمل المستقبل عن تقديم التنازلات إلى أيّ كان، غير وجهه الكريم ومصلحة الوطن.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: (يا ليت.. يا ليت) يؤسس شيء من هذا النوع، على كل حال هناك محاولات يقوم بها أفراد، منهم أفراد سعوديون وهي رصد جوائز للأدباء، سواء كان في باب الشعر أو في باب الرواية، أو في باب النقد الأدبي، أو في باب الدراسات الأدبية، يعني هذه محاولة بقدر المستطاع تحاول تعويض الأدباء ما فقدوه في المجتمعات. أما أن تقام مؤسسة من هذا النوع (يا ليت) يسعى إليها الأدباء، أو يسعى إليها مجتمع معين من الكتّاب أو غيرهم.
عريف الحفل: الأخ مجد مكي يقول:
لكم صلات واسعة مع كبار أعلام هذا العصر، وفي مقدمتهم الأستاذ محمود محمد شاكر. أرجو أن تحدثونا عن صلتكم بهذا العلَم الكبير، وهل هناك من يخلفه في حماية التراث، والذود عن حياض اللغة، والغيرة على العربية؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: عرفت محمود محمد شاكر، من أكثر من نصف قرن، عندما كنت أعمل في دار "المقطم" و "المقتطف"، مجلة "المقتطف" هذه مجلة شهرية عاشت سبعة وسبعين عاماً إلى أن أُغلقت في عام اثنين وخمسين، مع مجلات أخرى أغلقت في ذلك الوقت، "الرسالة" أُغلقت في هذه الفترة، "الثقافة" أُغلقت في هذه الفترة، مجلة "علم النفس" أغلقت في هذه الفترة، كل هذه المجلات تقريباً أغلقت في سنة اثنين وخمسين، فأنا عرفت محمود شاكر في ذلك الحين، كان يأتي إلى مجلة "المقتطف" وينشر فيها مقالاته، والحقيقة أنه عالم عظيم، عيب الأستاذ محمود شاكر أنه حادّ في تصرفاته، أي شيء لا يرضى عنه يحتد إما الدفاع عنه وإما في الحملة على أصحابه، ولهذا يعني في حين تجد أن أُناساً كثيرين يكادون يجلون محمود محمد شاكر ويرفعون مكانته آخرون يحاولون الحط من منزلته، وهو في الحقيقة عالم كبير ولا سيما إذا توافر على الفن الذي يحسنه. محمود شاكر أنا حضرت مواقف له تدل على هذه العصبية التي تؤخذ عليه، والحقيقة أنها عصبية موروثة من أبيه، من الشيخ محمد شاكر الذي كان وكيلاً للأزهر، لكن إذا اصطفى أحداً من الناس فهو يوده إلى أبعد حد، أنا كنت أزوره في بيته، وبيته قريب من بيتي ولا يبعد كثيراً عنه، فيستقبلني بالأحضان ويرحب بي، ويستضيفني ويثني علي، ويقول إنني لم آخذ حقي في المجتمع إلى آخره..، لأنه كان يحبني، أما الذين كان بينه وبينهم شبه عداوة، فكان لا يرحمهم إطلاقاً بقلمه أو بلسانه أو بتعليقاته.
عريف الحفل: الأخ سالم سعيد الشهري، يقول:
مبدأ الأرض مقابل السلام، هذا المبدأ تم التفاوض على أساسه بين العرب وإسرائيل بالإضافة إلى بعض القرارات الأخرى. وتثور في النفس تساؤلات عديدة بخصوص مفهوم ذلك المبدأ، خصوصاً بعدما قرأت في إحدى الصحف المحلية نقلاً عن مقال في "يدعوت أحرنوت" يدعي صاحبه بأن الأرض التي أعطيت كسلفة للفلسطينيين يجب استعادتها بأي وسيلة. أرجو من سعادة الضيف الفاضل شرح مفهوم ذلك المبدأ.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: لي الشرف كان يسعدني أن أرد على هذا السؤال لولا أنني أخذت على نفسي عهداً بألا أتكلم في السياسة إطلاقاً، لا أكتب في السياسة ولا أتكلم فيها، أنا عوقبت في حياتي ثلاث مرات على الأقل عوقبت في رزقي، عوقبت فيها بسبب السياسة، مع أنني لم أعمل في السياسة إطلاقاً في حياتي، كنت -صحيح- أكتب في الصحف وأعلق على ما هو جارٍ، لكن لم أكن سياسياً إطلاقاً، ومع ذلك عبد الناصر اعتقلني، والقذافي طردني من بلده في أربع وعشرين ساعة، وبعدها وجدت وظيفة في سفارة إيران فجاء الخميني كذلك وطردني، لاعتبارات سياسية، فما جدوى العمل بالسياسة أو الكلام في ميدانها؟ أنا بشتغل في الصحافة من سنة اثنين وأربعين وعاصرتها من ذلك الحين، من قبلها من سنة ثمانٍ وأربعين يعني حصل فيها... خرج الإنجليز وبدأت مشكلة فلسطين، لم تحل إلى هذا اليوم، (كلام رايح وكلام جاي)، وهذا يتكلم، وهذا يخطب، وهذا..، ومؤتمر قمة، ومؤتمر حضيض، ومؤتمر ما بعرف إيه وبتاع ومع الأسف كل هذا لم يؤدِّ إلى أي نتيجة، وإذا كان المقصود بهذا السؤال لأن اسمي فلسطين، أنا لست فلسطينياً، وإنما أنا من صعيد مصر.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الله القرني يقول:
كون الضيف هو واحداً من حملة أمانة الكلمة وله هذا العمر في الصحافة –ما شاء الله– إلى ماذا يحيل ضعف الصحافة العربية في تشكيل الوعي العربي وانعدام التأثير، وهل يتوقع أن يتغير هذا الوضع قريباً؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: في الحقيقة إن ضعف الأقلام التي تحرر الصحف هي المسؤولة عن هذا، أنا أحضر الجرائد بعدين مقالات طويلة عريضة بين فلان وفلان وفلان أقرأ هذه المقالات إما أنها متشابهة وإما أنها يعني مجرد محاولة لسد فراغ، وبالتالي أجد نفسي مذنباً إذا قرأت كل هذا الكلام، فأضطر أتجاوز عن قراءة المقال الذي كتبه فلان، والذي كتبه فلان، والذي كتبه فلان، لأنني بعد عشرات من المرات التي قرأت فيها هذه المقالات وجدت أنني أخرج بلا شيء، فهذه هي مشكلة الصحافة اليوم أنه هناك كتاب ملزمون بأن يكتبوا كل يوم، كل يوم، كل يوم، أو مرة كل شهر عامود وأحياناً مقال افتتاحي وأحيانا.. تقرأ كل هذا فتجد كما يقول اللبنانيون (عك) وهذا من مشكلة الصحافة.
عريف الحفل: الأستاذان الحقيقة عثمان مليباري وحسن الشهري طبعاً من جريدة "الجزيرة" الحقيقة لهما سؤالان في موضوع واحد الأول يقول:
بحكم تخصصكم في الصحافة أسأل... ماذا قدمتم من آراء ومقترحات وأبواب صحفية في سبيل تطوير مجلة "قافلة الزيت" أثناء عملكم في مكتب شركة "أرامكو" فيما وراء البحار بالقاهرة؟ أما الآخر فيقول: كيف تنظرون لها اليوم هذه المجلة هل لا زالت تحمل نفس العمق والوهج وكيف ترون إقبال المتلقي عليها الآن؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: الحقيقة محاولة المقارنة بين الفترة التي كنت أنا مسؤولاً عن تغذية هذه المجلة في المقالات التي يكتبها كبار الأدباء ووضع المجلة في الوقت الحالي وأنا أطالعها.. تأتيني مقارنة ظالمة في اعتقادي، في أيامنا كان العقاد أطلب منه مقالة ثاني يوم ثالث يوم يبعث المقالة، العقاد القمة هذا.. طلبنا من شيخ الأزهر عبد الرحمن تاج، يكتب المقال على طول يبعث المقال وينشر، طلبنا من منصور باشا فهمي يكتب مقال يكتب، الأمير مصطفى الشهابي، فؤاد صروف، الأسماء التي ذكرتها كل هؤلاء كانوا في ذلك الحين أعلاماً ولم يكونوا يتأخرون إطلاقاً عن كتابة مقالات لمجلة المفروض أنها مجلة خاصة بالعمال، لأنها توزع على عمال الشركة وموظفيها، اليوم المجلة اختلفت واختلف وضعها، أولاً العنصر الأدبي فيها قلّ جداً، أصبحت غالبية المقالات التي تنشر فيها مقالات علمية مصورة، وهي من حيث الطباعة تحسنت جداً جداً جداً، ولكن من حيث المادة التي فيها أصبحت تركز على الموضوعات العلمية في بعض الحالات المتخصصة جداً، لا أدري أنا الحقيقة تلقيت أخيراً استفتاء من مجلة "قافلة الزيت" يسألونني عن رأيي فيها، ومع الأسف أني لم أشأ أن أرد لأن ردي قد لا يعجبهم، فالمجلة حالياً تهتم بالموضوعات العلمية مثلاً الكمبيوتر والذرة والعلاج بالأعشاب وإلى آخر هذه الموضوعات التي تكتبها، في حين نحن كنا نحاول نرقق ذوق العمال والموظفين في هذه الشركة بكتابة مقالات أدبية، وضمن الأشياء التي بدأتها في هذه المجلة، يصدر كتاب مثلاً لأديب مصري أكلف سورياً بالكتابة عنه في المجلة، يصدر كتاب لأديب لبناني أكلف مصرياً بالكتابة عنه، يصدر كتاب لأديب سعودي أكلف عراقياً أن يكتب عنه، كنت أحاول أنشئ من خلال باب الكتب علاقات بين أدباء العالم العربي، مع الأسف حتى باب الكتب هذا توقف تماماً في مجلة "قافلة الزيت" في الوقت الحاضر وغيروا اسمها فأصبحت مجلة "القافلة" فقط، وأرجو أن لا يعتبر كلامي هذا حملة عليها إطلاقاً، إنما أقارن بين وضعين أعرفهما، أنا عندي مجموعة "قافلة الزيت" ويمكن الوحيد في مصر الذي يملك مجموعة "قافلة الزيت" من أول عدد صدر منها إلى هذا اليوم.
أحد الحضور: أرامكو..
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: أرامكو لا أرى أرامكو لم يعودوا يبعثونها لي.
عريف الحفل: الأخ عبد الرازق صالح الغامدي يقول:
عرفنا من خلال سيرتك الذاتية أنك كنت تجالس رواداً عظاماً أمثال الدكتور طه حسين والعقاد والمازني وغيرهم، وكما نعلم جميعاً ينتمون إلى مدرستين مدرسة أبولو ومدرسة الديوان، فمن أي مدرسة أنت؟ وإلى أي من المدرستين تميل؟ ولماذا؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: في الحقيقة إنني لا أنتمي إلى أيّ مدرسة، المدرسة التي أنتمي إليها أعترف بأنني أنتمي إليها مدرسة المقتطف، لأني عملت في هذه المجلة ثماني سنين وكنت أحد المسؤولين عنها، من جميع النواحي وتأثرت بالأسلوب العلمي الأدبي في الوقت نفسه، فأنا من هذه المدرسة، أما كوني جلست مع طه حسين أو جلست مع العقاد أو جلست مع هذا أو ذاك فليس معنى هذا أنني مثله، أو أنني أتأثر به باعتباره أستاذاً لي أو كذا، فتأثري الأول كان بفؤاد صروف في مجلة "المقتطف" وكذلك بخليل ثابت في جريدة "المقطم" هذان هما الأستاذان اللذان أُقر لهما بأستاذيتهما عليّ.
عريف الحفل: الأخ محمد العلمي يقول:
تحدثتم عن الأديب سيد قطب –رحمه الله– نود أن تصفوا لنا الأديب سيد قطب بميزان الأدب ولكم جزيل الشكر.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: الحقيقة أنا كتبت عن سيد قطب كتبت عنه في حياته وكتبت عنه بعد وفاته، لا أدري هل اطلعتم على المقال الذي نشرته في جريدة "الحياة" عن سيد قطب؟ في هذا المقال اقتصرت على الجانب الأدبي فيه، على اعتبار أنه هو الجانب الذي كان الأبرز الذي يهمني أنا على الأقل، سيد قطب كان في وقت من الأوقات الناقد الأول في مصر، كان يكتب في مجلة "الرسالة" بصفة منتظمة، وكان يكتب في مجلات أخرى، وكانت مقالاته محترمة جداً، وكان كل الأدباء يحاولون أن يستكتبوه مقالات عن الكتب التي يصدرونها، كما كان يتناول موضوعات أخرى، وله أسلوب سلس، وشخصيته أيضاً شخصية ودودة، أنا كتبت عنه هذا، هو عندما كان في أمريكا كان يراسلني، لأنه طبعاً عندما كان في مصر هنا ما في داعي إطلاقاً أن يراسلني لأنه يتصل بي تليفونياً أو أراه وأقابله هنا وهناك، فأنا عندما كان يراسلني من أمريكا كان يشكو من اضطهاد لأنه هو ملامحه ملامح زنجي وكان الفترة التي قضاها في أمريكا في سان فرانسيسكو كان الاضطهاد هناك للزنوج كان في ذروته فضايقوهم كثيراً، فكان يشكو من هذا، ولعل هذا كان السبب في أنه لما عاد كتب ثلاث مقالات أو أربع مقالات في مجلة "الرسالة" محا فيها الحضارة الأمريكية محواً تاماً.
عريف الحفل: معالي المفكر والأديب الأستاذ إبراهيم علي الوزير يقول:
الحقيقة أن المفكر وديع فلسطين ذكر نخبة على مستوى العالم العربي كله وإننا نتمنى على دور النشر والمكتبات أن تعيد كثيراً من هذه المؤلفات، ما رأيكم؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: (يا ليت.. يا ليت) يعني أنا كتبت في جريدة "الحياة" سلسلة بعنوان (أحاديث مستطردة) كتبت عن حوالي ستين أديباً وعالماً عرفتهم أنا على مدى العمر، مصريين وعرباً ومهجريين ومستشرقين، كتبتُ عن هؤلاء الناس بإفاضة وركزت على ما اختبرته مع كل واحد من هؤلاء الناس، هذه السلسلة توقفت كما قلت في الكلمة التي قلتها لأن الجريدة لم ترحب بها بعد ذلك، ولكن الأخ محمد علي دولة –أكرمه الله– رحب بأن ينشر هذه السلسلة في كتاب مهما تعددت أجزاؤها وليتها تصدر، فالكتاب هذا يضم حوالي ستين سيرة وإن كنتُ أنا أضفت إليها أيضاً سيراً أخرى كنت نشرتها في مجلات ثانية، عن طه حسين وعن العقاد وعن بشر فارس وعن فؤاد صروف وعن أمين مصطفى الشهابي وعن الشاعر القروي وعن إلياس فرحات وعن زكي قنصل وعن قائمة طويلة، وهؤلاء الناس أنا عرفتهم شخصياً، فأنا كتبت هذه السلسلة عنهم وأرجو أن يصدر هذا الكتاب ليحقق رغبة معالي الطالب.
عريف الحفل: الحقيقة وردتنا أسئلة كثيرة، ولكن الكثير منها متشابه في الطرح، نصل إلى السؤال الأخير والذي نختم به هذا اللقاء المبارك وهو من الأخ أحمد الشريف ويقول:
ما هي الكلمة التي تقولونها لكل صحافي وبالأخص المبتدئ منهم؟ وما هي النصيحة التي تقدمونها لهم وشكراً؟.
الأستاذ وديع فلسطين حبشي: نصيحتي لكل صحافي أن يتمسك بمبادئ الأخلاق في كل تصرفاته سواء فيما يكتب، أو سواء في تعاملاته مع الناس، فالصحفي مجرب لأنه يتعامل مع رجال السياسة ورجال الفن ورجال المجتمع ورجال المال… فهو مجرب على أن يخضع لنفوذ هذه الفئات وبالتالي يخون رسالته الصحفية، فأنا أنصحه بأن يتمسك بالقيم الأخلاقية وباستقلاله حتى يكون محترماً أينما ذهب.
الشيخ عبد المقصود خوجه: شكرنا الجزيل لضيفنا الكبير على ما أمتعنا به في هذه الأمسية، في الختام الأستاذ فضل عبد الله السفياني، يوجه رسالة لي يقول: كرمت المشايخ والأدباء والمثقفين في المملكة العربية السعودية وخارجها، متى نكرمك؟ تكريمي أنا بوجوده ووجودكم جميعاً، هذا التكريم الذي أسعى إليه وأتمناه ولا أسعى لسواه وأرفض غيره، ولكم الشكر جميعاً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 108 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج