شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحابته أجمعين.
الأساتذة الأفاضل.. الإخوان الأكارم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يطيب لي أن أرحب بكم جميعاً أجمل ترحيب وباسمكم أرحب بفارس أمسيتنا الأخ الأديب الصحافي القاص الأستاذ عبده محمد علي خال حمدي المعروف بعبده خال، نشأ في بيئة جنوبنا الحبيب، كلنا يعرف حب وتعلق معظم أبناء تلك المنطقة بالأدب والثقافة والعلم، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، وقد تهيَّأ الطريق بحمد الله لفارس أمسيتنا فكان له مع فضاءات الحرف شأن كبير وحلَّق مع المقال الصحفي والقصة القصيرة والرواية على قدر عزمه وعزيمته، فأبدع لنا الكثير مما يستحق الشكر والتقدير والإشادة، وجدير بنا أن نشدّ على يدي مثل هذا الشاب الذي ترسَّم خطاه وسط أشواك الدروب ومنحنياتها، وأثبت لنا أن الدنيا تُؤخذ غِلابا، وأن طريق الإبداع لم يكن قط مفروشاً بالورود والرياحين.
 
لقد اختلج حب الكلمة في فؤاد أديبنا عبده خال، ولم يكن الوصول إلى نشر الكتاب بالأمر الهيِّن، لذا كان عليه أن يسلك طريق الصحافة لأنه الأقرب والأنسب لممارسة نشاطه وهو في مقتبل العمر. فطرق بابها وهو فتىً في العشرين حيث وجد عشقه بين الأحبار واصطاد سعادته في غِمار الكلمات واللقاءات الأدبية ومسامرات زملاء الحرف وركَّز جُلَّ اهتمامه على مزيد من القراءة والاطلاع. فجاء مقاله الصحافي ناضجاً ينمّ عن مجهود كبير في التقصي والتحليل والمقارنة وكلها تنبئ عن كاتب له باع في مجمل ما يتناوله، فهو لا ينطلق من فراغ لأنه ابن المهنة، فقد رضع ثدي المحابر وكان فطامه على ورق الصحف والكتب، وما يكتبه من مقالات يعتبر رصداً حياً لمرحلة عايشها لحظة بلحظة. وكان طرفاً في أحداثها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
 
أما عن القصة القصيرة، وكلنا يدرك صعوبة هذا الفن، نظراً لأنه تكثيف عميق للحظة الحدث، مع تقليم أي فروع جانبية دون إزالتها تماماً لتبقى رمزاً لمن أراد أن يشطح بخياله، وفي الوقت عينه تقيّد الكاتب والقارئ ضمن إطارٍ محدد للحيلولة دون انفلات النص، وأحسب أن ضيف هذه الأمسية قد أبدع في مجموعاته القصصية التي سعدت بقراءتها؛ فهي على بساطتها تمتاز بأسلوب أدبي رفيع، ولغة ترتكز على عنصري الصدق واستصحاب البيئة بكل ما فيها من بشر وشجر وحيوان وسلوك إنساني قد يتسم بالغرابة أو السذاجة أو المسلك السوي، وتبقى في النهاية صورة ناتئة عن إطار الطبيعة والحياة اليومية وإلا تحولت إلى صورة فوتوغرافية لا تغني ولا تسمن من جوع، ولكنها دائماً تخترق الإطار لتطلّ نحو الآخر فيندمج مع أبطالها ويضج معهم لحظات تنسيه واقعه، وهذا ما شعرت به شخصياً عندما ولجت عالم عبده خال القصصي.
وفي تصوري أن قمة النجاح لأي كاتب أن يجعل القارئ جزءاً من شخوص روايته، وفي مجال الرواية التي تعلمون أنها انبساط في الحدث، وتفتيت العلاقات، وإظهار التداخلات، في تشجير مستمر من بداية الرواية وحتى نهايتها، نجد الأستاذ عبده خال قد رسخ قلمه عطاءً وبذلاً طيباً للنهوض بهذا اللون من الأدب الراقي، واستطاع بمثابرة وجهد كبيرين أن يسهم في إيجاد قاعدة للرواية السعودية في الداخل والخارج، ساعده في ذلك أيضاً عنصرا الصدق والالتصاق بالبيئة، ومما لا شك فيه أن هناك عدة محاذير ومنحنيات خطيرة ينبغي على المبدع أن يأخذ حذره من خلال تعامله معها، وهي لا تقف عند عين الرقيب فقط بل تتعداها إلى قلم الناقد وسلطة القارئ في قبول أو رفض العمل مع ضرورة إعطاء الرواية حقها الكامل من النواحي الفنية، وربما أدت هذه القيود مجتمعة أو منفصلة إلى إثقال كاهل المبدع وصرفه عن دوره الأساسي في تناول منجزه الأدبي، وقد يحتار بين إرضاء هذه الأطراف التي يقع بعضها على النقيض ومهما حاول أن يجد مخرجاً وقع في شِراك آخر، وبالتالي قد يضطر إلى تلمس النشر في الخارج تحييداً لطرف واحد على الأقل، وقد ينجح أو يخفق، ولكن العالم لن يقف أبداً على رصيف الإبداع في انتظار الضوء الأخضر من قلمٍ يرى أنه الوصي الوحيد على القيم والأخلاق. فجاءت ثورة الإنترنت لتخترق الحدود وسبقتها تقنية الفضائيات، ورحم الغيب حُبلى بالمزيد من المفاجآت.
 
وكم هو جميل أن نسعى جميعاً للتسامح مع المبدع في عطائه وتصويره للواقع، بكل تفاصيله، ونهضته، وكبواته، وجماله، وقبحه، ويسره، وعسره، وسلوكه السوي وغريب الأطوار، وكل تناقضاته التي تشكل عصب الحياة ونبضها الحقيقي. لأن أي قيود على هذا الفضاء الفسيح ستجعلنا نتعامل مع صور فوتوغرافية باردة.. جامدة تخنق اللحظة في ابتسامة حلوة، أو زهرة يانعة، أو شلال هادر، أو بناء شاهق، بينما الواقع يحتوي أيضاً على الدمعة الحَرّى، والأرض اليَباب، وحقول الملح، ومدن الصفيح، والطين؛ ببساطة إنها الحياة التي تختلط فيها كل التفاصيل. والرواية لن تكون صادقة ومؤثرة إلا إذا خاضت في مجمل تلك التفاصيل والإيحاءات لتقول لنا في النهاية عن الهدف والقصد والرسالة التي تريد البوح بها. صحيح نحن لا نريد للمبدع أن يتذرع بحرية النص ليخرج عن جملة المألوف، غير أنه يمكنه بالتأكيد أن يصل إلى مبتغاه بتوخي الدقة في التعبير والاستعانة بالإيحاء والإشارة دون التصريح ونبش الصورة، ولنا في أسلوب القرآن القصصي خير شاهد على إمكانية الوصول بالحدث إلى ذروة التفاعل وهذا أمر له قداسته، ولا مقارنة، ولكن أتى في السياق دون السقوط في حمأة الابتذال، ولا شك أن الكاتب الحقيقي يستطيع أن يحلِّق بالقارئ إلى قمة الإمتاع والخيال بتطوير أدواته وصقل موهبته والاستفادة من تجارب الآخرين.
ويسعدني أن أحيي فارس أمسيتنا لتمكنه من تطويع النص لخدمة رسالته دون خدش الإطار العام للقيم والمثل السائدة في المجتمع متطلعاً إلى إمتاعنا بجديده في هذا الفن الجميل. إن ولادة المجموعات القصصية والروايات عند ضيفنا الكريم، تأتي متباعدة بعض الشيء فنجده يتلمس طريق النشر كل سنتين أو أكثر، وذلك من خلال أعماله الخمسة الأولى، ثم ضاعف جهده ليسعد قراءه بعمل كل سنة خلال الأعوام 98 - 99 - 2000 من الميلاد. وآمل أن نرى قريباً أعماله عن العامين 2001 - 2002 من بين أعماله التي تحت الطبع أو المخطوطة إسهاماً نعتز به في مجال الرواية السعودية التي نأمل أن تأخذ مكانها المرموق بين رصيفاتها العربيات وهي جديرة بتسنّم درجات عالية لنصل بها إن شاء الله إلى العالمية، لأنها لا تقل عن بعض النماذج التي قرأناها لبعض كبار كتَّاب عالمنا العربي. فقط علينا أن نمنح هؤلاء المبدعين الشباب الثقة الكافية وتعضيد مسيرتهم، وتذليل ما يعترضهم من صعاب وسنرى بإذن الله أنهم محط الآمال ورأس الرمح، لولوج آفاق أرحب في العطاء على المستويات كافة، فقد أحبوا عملهم ووجدوا أنفسهم في دهاليزه، وهو حب يستحق التضحية بكل غالٍ وثمين. ولعلَّكم قرأتم ما تناقلته الصحف مؤخراً عن تخلي الأميرة النرويجية "مارثر" عن لقب الأمارة لتتيح لنفسها حرية أكبر في مجال كتابة الرواية، التي تفرغت لها وهي في الثلاثين من عمرها، إنه عالم الرواية الذي يأخذ المبدع والمتلقي بين أحضانه وأثباجه أرجوحة الحلم اللانهائي وغيمة ترانيم الحياة بكل تعقيداتها.
 
مرحباً وألف مرحباً بفارس أمسيتنا وبجمعكم الكريم الطيب. وعلى أمل أن نلتقي الاثنينية القادمة إن شاء الله لنحتفي بسعادة الأخ الدبلوماسي الزميل الإعلامي الأستاذ عباس فائق غزاوي، الذي أنهى فترة عمله في السلك الدبلوماسي وعاد بحمد الله ليُسهم مع زملائه في رحلة الكلمة عطاءً لا تنفصم عُراه، وتألقاً عرفناه عنه، ونطمح بالمزيد.
 
قبل أن أختتم كلمتي يسعدني أن أرحب بمعالي الأخ الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي، مدير عام مركز البحوث والدراسات الإسلامية والفنون باستنبول - تركيا، فهو من الوجوه المعروفة العاملة في الحقل الإسلامي بكل عطاءاته. فأهلاً وسهلاً ومرحباً به، كما أحيي الزميل الوجه المشرق الشاعر المعروف لكم جميعاً رد الله غربته، فقد أسعدنا هذه الأمسية بمفاجأة حضوره الأستاذ الشاعر يحيى السماوي، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعود إلينا ونحتضنه ويحتضننا ويكون بيننا كما كنا سعداء به. وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: أيها السادة، كما هو معتاد بعد أن يُحال الميكروفون لأصحاب المعالي والسعادة المتحدثين سنستمع سوياً إلى كلمة فارس اثنينيتنا، ومن بعدها إن شاء الله سيُفتح باب الحوار مع ضيف الاثنينية، فنأمل منكم أن توافونا بأسئلتكم ومقترحاتكم واستفساراتكم وحبذا لو كان سؤالاً واحداً حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من حضراتكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1190  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.